(
إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ( 2 )
فليعبدوا رب هذا البيت ( 3 )
الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ( 4 ) )
قوله تعالى : (
إيلافهم ) بدل من الإيلاف الأول (
رحلة الشتاء والصيف ) " رحلة " نصب على المصدر ، أي ارتحالهم رحلة الشتاء والصيف .
روى
عكرمة ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانوا يشتون
بمكة ويصيفون بالطائف ، فأمرهم الله تعالى أن يقيموا بالحرم ويعبدوا رب هذا البيت .
وقال الآخرون : كانت لهم رحلتان في كل عام للتجارة ، إحداهما في الشتاء إلى
اليمن لأنها أدفأ والأخرى في الصيف إلى
الشام .
وكان الحرم واديا جدبا لا زرع فيه ولا ضرع ، وكانت
قريش تعيش بتجارتهم ورحلتهم ، وكان لا يتعرض لهم أحد بسوء ، كانوا يقولون :
قريش سكان حرم الله وولاة بيته فلولا الرحلتان لم يكن لهم
بمكة مقام ، ولولا الأمن بجوار البيت لم يقدروا على التصرف ، وشق عليهم الاختلاف إلى
اليمن والشام فأخصبت
تبالة وجرش من
بلاد اليمن ، فحملوا الطعام إلى
مكة ، أهل الساحل من البحر على السفن وأهل البر على الإبل والحمير فألقى أهل الساحل
بجدة ، وأهل البر بالمحصب ، وأخصب الشام فحملوا الطعام إلى
مكة فألقوا بالأبطح ، فامتاروا من قريب وكفاهم الله مؤنة الرحلتين ، وأمرهم بعبادة رب البيت فقال : (
فليعبدوا رب هذا البيت ) أي الكعبة . (
الذي أطعمهم من جوع ) أي من بعد جوع بحمل الميرة إلى
مكة (
وآمنهم من خوف ) بالحرم وكونهم من
أهل [ مكة ] حتى لم يتعرض لهم [ في رحلتهم ]
[ ص: 548 ]
وقال
عطاء عن
ابن عباس : إنهم كانوا في ضر ومجاعة حتى جمعهم
هاشم على الرحلتين ، وكانوا يقسمون ربحهم بين الفقير والغني حتى كان فقيرهم كغنيهم .
قال
الكلبي : وكان أول من حمل [ السمراء ] من
الشام ورحل إليها الإبل :
هاشم بن عبد مناف وفيه يقول الشاعر .
قل للذي طلب السماحة والندى هلا مررت بآل عبد مناف هلا مررت بهم تريد قراهم
منعوك من ضر ومن إكفاف الرائشين وليس يوجد رائش
والقائلين هلم للأضياف والخالطين فقيرهم بغنيهم
حتى يكون فقيرهم كالكافي والقائمين بكل وعد صادق
والراحلين برحلة الإيلاف عمرو [ العلا ] هشم الثريد لقومه
ورجال مكة [ مسنتون ] عجاف سفرين سنهما له ولقومه
سفر الشتاء ورحلة الأصياف
وقال
الضحاك والربيع وسفيان : " وآمنهم من خوف " من خوف الجذام ، فلا يصيبهم ببلدهم الجذام .