[ ص: 565 ] [ ص: 566 ] [ ص: 567 ] سورة النصر
مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
(
إذا جاء نصر الله والفتح ( 1 ) )
(
إذا جاء نصر الله والفتح ) أراد
فتح مكة .
وكانت قصته - على ما ذكر
محمد بن إسحاق وأصحاب الأخبار - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما صالح
قريشا عام الحديبية ، واصطلحوا على وضع الحرب بين الناس عشر سنين ، يأمن فيهن الناس ، ويكف بعضهم عن بعض ، وأنه من أحب أن يدخل في عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهده دخل فيه ، ومن أحب أن يدخل في عقد
قريش وعهدهم دخل فيه ، فدخلت
بنو بكر في عقد
قريش ، ودخلت
خزاعة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان بينهما شر قديم .
ثم إن
بني بكر عدت على
خزاعة ، وهم على ماء لهم بأسفل
مكة ، يقال له " الوتير " ، فخرج
نوفل بن معاوية الدؤلي في
بني الدئل من
بني بكر حتى بيت
خزاعة ، وليس كل بكر تابعه ، فأصابوا منهم رجلا وتحاربوا واقتتلوا ، ورفدت
قريش بني بكر بالسلاح ، وقاتل معهم من
قريش من قاتل مستخفيا بالليل ، حتى حازوا
خزاعة إلى الحرم ، وكان ممن أعان
بني بكر من
قريش على
خزاعة ليلتئذ بأنفسهم متنكرين :
صفوان بن أمية ، nindex.php?page=showalam&ids=28وعكرمة بن أبي جهل ، nindex.php?page=showalam&ids=3795وسهيل بن عمرو ، مع عبيدهم فلما انتهوا إلى الحرم قالت
بنو بكر : يا
نوفل إنا دخلنا الحرم ، إلهك إلهك ، فقال كلمة عظيمة : إنه لا إله لي اليوم ، [ يا
بني بكر ] أصيبوا ثأركم فيه .
[ ص: 568 ]
فلما تظاهرت
قريش على خزاعة وأصابوا منهم ونقضوا ما بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العهد بما استحلوا من
خزاعة - وكانوا في عقده - خرج
عمرو بن سالم الخزاعي ، حتى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
المدينة ، وكان ذلك مما هاج فتح
مكة ، فوقف عليه وهو في المسجد جالس بين ظهراني الناس ، فقال :
لا هم إني ناشد محمدا حلف أبينا وأبيه الأتلدا إن قريشا أخلفوك الموعدا
ونقضوا ميثاقك المؤكدا
الأبيات كما ذكرنا في سورة التوبة .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=815969قد نصرت يا عمرو بن سالم " ، ثم عرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنان من السماء ، فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=815970إن هذه السحابة لتستهل ، بنصر بني كعب " ، وهم رهط
عمرو بن سالم .
ثم خرج
بديل بن ورقاء في نفر من
خزاعة ، حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه بما أصيب منهم [ وبمظاهرة ]
قريش بني بكر عليهم ، ثم انصرفوا راجعين إلى
مكة ، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للناس : كأنكم
بأبي سفيان قد جاء ليشد العقد ويزيد في المدة .
ومضى بديل بن ورقاء فلقي
أبا سفيان بعسفان ، قد بعثته
قريش إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليشد العقد ويزيد في المدة ، وقد رهبوا الذي صنعوا ، فلما لقي
أبو سفيان بديلا قال : من أين أقبلت يا
بديل ؟ وظن أنه قد أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : سرت في
خزاعة في هذا الساحل وفي بطن هذا الوادي ، قال : أوما أتيت
محمدا ؟ قال : لا فلما راح
بديل إلى
مكة قال
أبو سفيان : لئن كان جاء
المدينة لقد علف ناقته بها النوى ، فعمد إلى مبرك ناقته فأخذ من بعرها ففته فرأى فيه النوى ، فقال : أحلف بالله لقد جاء
بديل محمدا .
ثم خرج
أبو سفيان حتى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
المدينة ، فدخل على ابنته
أم حبيبة بنت أبي سفيان ، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طوته عنه ، فقال : يا بنية أرغبت بي عن هذا الفراش أم أرغبت به عني ؟ قالت : بلى هو فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأنت رجل مشرك نجس ، فلم أحب أن تجلس على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : والله لقد أصابك يا بنية بعدي [ شيء ]
[ ص: 569 ] ثم خرج حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمه فلم يرد عليه شيئا [ غير أنه قال : نقض
أهل مكة العهد ] .
ثم ذهب إلى
أبي بكر فكلمه أن يكلم له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : ما أنا بفاعل ، ثم أتى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب فكلمه فقال : أنا أشفع لكم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ ! فوالله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به ، ثم خرج فدخل على
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، وعنده
فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندها
الحسن بن علي رضي الله عنهما ، غلام يدب ، بين يديها ، فقال : يا
علي إنك أمس القوم بي رحما وأقربهم مني قرابة ، وقد جئت في حاجة فلا أرجعن كما جئت خائبا ، اشفع لنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : ويحك يا
أبا سفيان لقد عزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه ، فالتفت إلى
فاطمة فقال : يا بنت
محمد ، هل لك أن تأمري بنيك هذا فيجير بين الناس فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر ؟ قالت : والله ما بلغ بني أن يجير بين الناس ، وما يجير على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد ، فقال : يا
أبا الحسن - إني أرى الأمور قد اشتدت علي فانصحني ، قال : والله ما أعلم شيئا يغني عنك ، ولكنك سيد
بني كنانة ، فقم فأجر بين الناس ، ثم الحق بأرضك ، قال أوترى ذلك مغنيا عني شيئا ؟ قال : لا والله ، ما أظن ، ولكن لا أجد لك غير ذلك .
فقام
أبو سفيان في المسجد فقال : يا أيها الناس إني قد أجرت بين الناس ، ثم ركب بعيره فانطلق فلما قدم على
قريش قالوا : ما وراءك ؟ قال : جئت
محمدا فكلمته والله ما رد علي شيئا ثم جئت
ابن أبي قحافة ، فلم أجد عنده خيرا ، فجئت
ابن الخطاب فوجدته أعدى القوم ، ثم أتيت
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب فوجدته ألين القوم ، وقد أشار علي بشيء صنعته ، فوالله ما أدري هل [ يغنيني ] شيئا أم لا ؟ قالوا : وماذا أمرك ؟ قال : أمرني أن أجير بين الناس ففعلت ، قالوا : فهل أجاز ذلك
محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : لا قالوا : والله إن زاد
علي على أن لعب بك ، فلا يغني عنا ما قلت ، قال : لا والله ما وجدت غير ذلك .
قال : وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس بالجهاز ، وأمر أهله أن يجهزوه ، فدخل
أبو بكر على ابنته
عائشة رضي الله عنها وهي تصلح بعض جهاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : أي بنية أمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن تجهزوه ؟ قالت : نعم فتجهز ، قال : فأين ترينه يريد ؟ قالت : ما أدري . ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم الناس أنه سائر إلى
مكة ، وأمرهم بالجد والتهيؤ ، وقال : اللهم خذ العيون والأخبار عن
قريش حتى [ نبغتها ] في بلادها ، فتجهز الناس .
[ ص: 570 ]
وكتب
nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى
قريش [ - وفيه قصة ] ذكرناها في سورة الممتحنة - .
ثم استخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على
المدينة أبا رهم كلثوم بن حصين بن خلف الغفاري ، وخرج عامدا إلى
مكة لعشر مضين من رمضان سنة ثمان ، فصام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصام الناس معه ، حتى إذا كان بالكديد - ماء بين
عسفان وأمج - أفطر .
ثم مضى حتى نزل
بمر الظهران في عشرة آلاف من المسلمين ، ولم يتخلف من
المهاجرين والأنصار عنه أحد ، فلما نزل
بمر الظهران ، وقد عميت الأخبار عن
قريش ، فلا يأتيهم خبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يدرون ما هو فاعل ، فخرج في تلك الليلة :
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان بن حرب ، nindex.php?page=showalam&ids=137وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء ، يتحسسون الأخبار هل يجدون خبرا ؟ وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب ليلتئذ : واصباح
قريش ، والله لئن [ بغتها ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بلادها فدخل
مكة عنوة إنها لهلاك
قريش إلى آخر الدهر .
فخرج
العباس على بغلة رسول الله وقال : أخرج إلى الأراك لعلي أرى حطابا أو صاحب لبن أو داخلا يدخل
مكة فيخبرهم بمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأتونه فيستأمنونه قبل أن يدخلها عليهم عنوة .
قال
العباس فخرجت وإني - والله - لأطوف في الأراك ألتمس ما خرجت له إذ سمعت صوت
أبي سفيان nindex.php?page=showalam&ids=137وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء ، وقد خرجوا يتحسسون الخبر ، فسمعت
أبا سفيان يقول : والله ما رأيت كالليلة قط نيرانا ، وقال
بديل : هذه والله نيران
خزاعة [ حمشتها ] الحرب ، فقال
أبو سفيان :
خزاعة ألأم من ذلك وأذل فعرفت صوته فقلت : يا
أبا حنظلة ، فعرف صوتي فقال : يا
أبا الفضل ، فقلت : نعم ، فقال : مالك فداك أبي وأمي ؟ قلت : ويحك يا
أبا سفيان هذا ، والله ، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جاء بما لا قبل لكم به ، بعشرة آلاف من المسلمين ، قال : وما الحيلة ؟ قلت : والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك ، فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأستأمنه فردفني ، ورجع صاحباه فخرجت أركض به بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، كلما مررت بنار من نيران المسلمين فنظروا إلي قالوا : هذا عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، حتى مررت بنار
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فقال : من هذا ؟ وقام إلي فلما رأى
أبا سفيان على عجز الدابة ، قال :
أبو سفيان عدو الله!
[ ص: 571 ] الحمد لله الذي أمكن منك بغير عهد ولا عقد ، ثم اشتد نحو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فركضت البغلة وسبقته بما تسبق الدابة البطيئة الرجل البطيء ، فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخل عليه
عمر ، فقال : يا رسول الله هذا
أبو سفيان عدو الله قد أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد ، فدعني فلأضرب عنقه ، فقلت : يا رسول الله إني قد أجرته ، ثم جلست إلى رسول الله فأخذت برأسه وقلت : والله لا يناجيه الليلة أحد دوني ، فلما أكثر فيه
عمر - رضي الله عنه - قلت : مهلا يا
عمر ، فوالله ما تصنع هذا إلا أنه رجل من
بني عبد مناف ، ولو كان من
بني عدي بن كعب ما قلت هذا . قال : مهلا يا
عباس ، فوالله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام
الخطاب لو أسلم ، [ وذلك لأني أعلم أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إسلام
الخطاب لو أسلم ] ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اذهب به يا
عباس إلى رحلك ، فإذا أصبحت فأتني به " ، قال : فذهبت إلى رحلي فبات عندي ، فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رآه قال : " ويحك يا
أبا سفيان [ ألم يأن ] لك أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟ " قال : بأبي أنت وأمي ، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ! والله لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره فقد أغنى عني شيئا بعد ، قال : ويحك يا
أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟ قال : بأبي أنت وأمي وما أحلمك وأكرمك وأوصلك! أما هذه فإن في النفس منها [ حتى الآن ] شيئا ، قال
العباس : قلت له : ويحك ! أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمدا رسول الله ، قبل أن يضرب عنقك ، قال : فشهد شهادة الحق وأسلم ، قال
العباس : قلت : يا رسول الله إن
أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر ، فاجعل له شيئا ، قال : نعم ، من دخل دار
أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، فلما ذهب لينصرف قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا
عباس احبسه ، بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها ، قال : فخرجت به حتى حبسته حيث أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قال : ومرت به القبائل على راياتها ، كلما مرت قبيلة قال : من هؤلاء يا
عباس ؟ قال : أقول :
سليم ، قال يقول : مالي
ولسليم ، ثم تمر القبيلة فيقول : من هؤلاء ؟ فأقول :
مزينة ، فيقول : مالي
ولمزينة ، حتى نفذت القبائل لا تمر قبيلة إلا سألني عنها ، فإذا أخبرته يقول : مالي ولبني فلان حتى مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخضراء ، كتيبة رسول الله ، فيها
المهاجرون والأنصار ، لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد ، قال : سبحان الله من هؤلاء يا
عباس ؟ قلت : هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في
المهاجرين والأنصار ، [ ص: 572 ] فقال : والله ما لأحد بهؤلاء من قبل ولا طاقة ، والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما ، فقال : ويحك! إنها النبوة ، قال : نعم إذا .
فقلت : الحق الآن بقومك فحذرهم ، فخرج سريعا حتى أتى
مكة فصرخ في المسجد بأعلى صوته : يا معشر
قريش ، هذا
محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به ، قالوا : فمه ؟ قال : من دخل دار
أبي سفيان فهو آمن ، قالوا : ويحك وما تغني عنا دارك ؟ قال : ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد .
قال : وجاء
حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بمر الظهران فأسلما وبايعاه ، فلما بايعاه بعثهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين يديه إلى
قريش يدعوانهم إلى الإسلام .
ولما خرج
حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - عامدين إلى
مكة بعث في إثرهما
الزبير وأعطاه رايته وأمره على خيل
المهاجرين والأنصار ، وأمره أن يركز رايته بأعلى
مكة بالحجون ، وقال : لا تبرح حيث أمرتك أن تركز رايتي حتى آتيك ، ومن ثم دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
مكة وضربت هناك قبته ، وأمر
خالد بن الوليد فيمن أسلم من
قضاعة وبني سليم أن يدخل من أسفل
مكة وبها
بنو بكر قد استنفرتهم
قريش وبنو الحارث بن عبد مناف ومن كان من
الأحابيش ، أمرتهم
قريش أن يكونوا بأسفل
مكة ، وإن
صفوان بن أمية nindex.php?page=showalam&ids=28وعكرمة بن أبي جهل nindex.php?page=showalam&ids=3795وسهيل بن عمرو ، وكانوا قد جمعوا أناسا
بالخندمة ليقاتلوا ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -
لخالد والزبير حين بعثهما : لا تقاتلا إلا من قاتلكم ، وأمر
سعد بن عبادة أن يدخل في بعض الناس من
كدي ، فقال
سعد حين توجه داخلا اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة ، فسمعها رجل من
المهاجرين فقال : يا رسول الله ، اسمع ما قال
سعد بن عبادة ، وما نأمن أن يكون له في
قريش صولة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي بن أبي طالب : أدركه فخذ الراية منه ، فكن أنت الذي تدخل بها ، فلم يكن بأعلى
مكة من قبل
الزبير قتال ، وأما
خالد بن الوليد فقدم على
قريش وبني بكر والأحابيش بأسفل
مكة ، فقاتلهم فهزمهم الله ، ولم يكن
بمكة قتال غير ذلك .
وقتل من المشركين قريب من اثني عشر أو ثلاثة عشر ، ولم يقتل من المسلمين إلا رجل من
جهينة يقال له :
سلمة بن الميلاء ، من خيل
خالد بن الوليد ، ورجلان يقال لهما :
كرز بن جابر [
وخنيس ] بن خالد ، كانا في خيل
خالد بن الوليد ، فشذا عنه وسلكا طريقا غير طريقه ، فقتلا جميعا .
[ ص: 573 ]
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد عهد إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم أن يدخلوا
مكة أن لا يقاتلوا أحدا إلا من قاتلهم ، إلا [ أنه قد عهد ] في نفر سماهم أمر بقتلهم ، وإن وجدوا تحت أستار الكعبة . منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=16436عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وإنما أمر بقتله لأنه كان قد أسلم فارتد مشركا ، ففر إلى
عثمان ، وكان أخاه من الرضاعة ، فغيبه حتى أتى به [ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن اطمأن
أهل مكة ، فاستأمن له .
وعبد الله بن خطل ، كان رجلا من
بني تميم بن غالب ] ، وإنما أمر بقتله لأنه كان مسلما فبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصدقا ، وكان له مولى يخدمه وكان مسلما ، فنزل منزلا وأمر المولى أن يذبح له تيسا ويصنع له طعاما ونام فاستيقظ ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله ، ثم ارتد مشركا ، وكانت له قينتان تغنيان بهجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأمر بقتلهما معه .
والحويرث ، بن [ نقيذ ] بن وهب ، كان ممن يؤذيه
بمكة .
ومقيس بن صبابة ، وإنما أمر بقتله ، لقتله الأنصاري الذي قتل أخاه خطئا ورجوعه إلى
قريش مرتدا .
وسارة ; مولاة كانت لبعض بني المطلب كانت ممن يؤذيه
بمكة .
nindex.php?page=showalam&ids=28وعكرمة بن أبي جهل ، فأما
عكرمة فهرب إلى
اليمن ، وأسلمت امرأته
أم حكيم بنت الحارث بن هشام ، فاستأمنت له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمنه ، فخرجت في طلبه حتى أتت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم .
وأما
عبد الله بن خطل ، فقتله
سعد بن حريث المخزومي nindex.php?page=showalam&ids=88وأبو برزة الأسلمي ، اشتركا في دمه ، وأما
مقيس بن صبابة ، فقتله
تميلة بن عبد الله ، رجل من قومه ، وأما قينتا
ابن خطل ; فقتلت إحداهما وهربت الأخرى حتى استؤمن لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأمنها ، وأما
سارة فتغيبت حتى استؤمن لها فأمنها ، فعاشت حتى أوطأها رجل من الناس فرسا له في زمن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب بالأبطح فقتلها ، وأما
الحويرث بن نقيذ ، فقتله
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب .
فلما
nindex.php?page=hadith&LINKID=815971دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وقف قائما على باب الكعبة وقال : لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ألا إن كل مأثرة أو دم أو مال في الجاهلية [ ص: 574 ] يدعى فهو تحت قدمي هاتين ، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ، يا معشر قريش ، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء ، الناس من آدم وآدم خلق من تراب ، ثم تلا " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى " ( الحجرات - 13 ) الآية ، يا أهل مكة ، ماذا ترون أني فاعل بكم ؟ قالوا : خيرا ، أخ كريم وابن أخ كريم ، قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء فأعتقهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد كان الله أمكنه من رقابهم عنوة ، فلذلك سمي
أهل مكة الطلقاء .
ثم
اجتمع الناس للبيعة ; فجلس لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على
الصفا ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب أسفل منه يأخذ على الناس ، فبايعوه على السمع والطاعة فيما استطاعوا ، فلما فرغ من بيعة الرجال بايع النساء .
قال
عروة بن الزبير : خرج
صفوان بن أمية يريد
جدة ليركب منها إلى
اليمن ، فقال
عمير بن وهب الجمحي : يا نبي الله إن
صفوان بن أمية سيد قومي ، وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر ، فأمنه ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هو آمن ، قال : يا رسول الله أعطني شيئا يعرف به أمانك ، فأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمامته التي دخل بها
مكة ، فخرج بها
عمير حتى أدركه
بجدة وهو يريد أن يركب البحر فقال : يا
صفوان فداك أبي وأمي أذكرك الله في نفسك أن تهلكها ، فهذا أمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جئتك به ، فقال : ويلك اغرب عني فلا تكلمني ، قال : أي
صفوان فداك أبي وأمي ، أفضل الناس وأبر الناس ، وأحلم الناس ، وخير الناس ، ابن عمك عزه عزك وشرفه شرفك وملكه ملكك . قال : إني أخافه على نفسي ، قال : هو أحلم من ذلك وأكرم ، فرجع به معه حتى وقف به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال
صفوان : إن هذا يزعم أنك أمنتني ؟ قال : صدق ، قال فاجعلني في أمري بالخيار شهرين ، قال : أنت فيه بالخيار أربعة أشهر .
قال
ابن إسحاق : وكان جميع من شهد فتح
مكة من المسلمين عشرة آلاف ، وكان فتح
مكة لعشر ليال بقين من رمضان سنة ثمان ، وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بمكة بعد فتحها خمس عشرة ليلة [ يقصر ] الصلاة .
ثم خرج إلى
هوازن وثقيف ، قد نزلوا
حنينا .
أخبرنا
عبد الواحد المليحي ، أخبرنا
أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا
محمد بن يوسف ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، حدثنا
أبو نعيم ، حدثنا
شيبان عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن
أبي سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، [ ص: 575 ] أن
خزاعة قتلوا رجلا . . . " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، قال
عبد الله بن رجاء : حدثنا
حرب عن
يحيى ، حدثنا
أبو سلمة " حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=815972عام فتح مكة قتلت خزاعة رجلا من بني ليث بقتيل لهم في الجاهلية ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليهم رسوله والمؤمنين . ألا وإنها لم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد من بعدي ، ألا وإنها أحلت لي ساعة من نهار ، ألا وإنها ساعتي هذه ، حرام لا يختلى شوكها ولا يعضد شجرها ، ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد ، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظر إما يؤدى وإما أن يقاد فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاه فقال : اكتب لي يا رسول الله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اكتبوا لأبي شاه ثم قام رجل من قريش فقال : يا رسول الله إلا الإذخر فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إلا الإذخر " .
أخبرنا
أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا
زاهر بن أحمد ، أخبرنا
أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا
أبو مصعب عن
مالك ، عن
أبي النضر - مولى عمر بن عبيد الله - أن
أبا مرة مولى
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ بنت أبي طالب أخبره أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=815973سمع nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ بنت أبي طالب تقول : ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح ، فوجدته يغتسل ، وفاطمة ابنته تستره بثوب ، قالت : فسلمت ، فقال : من هذه ؟ فقلت : أنا nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ بنت أبي طالب ، قال : مرحبا nindex.php?page=showalam&ids=94بأم هانئ ، فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات ملتحفا في ثوب واحد ، ثم انصرف فقلت له : يا رسول الله ، زعم ابن أمي ، nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، أنه قاتل رجلا أجرته ، فلان بن هبيرة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ ، وذلك ضحى .
قوله - عز وجل - : (
إذا جاء نصر الله ) إذا جاءك نصر الله يا
محمد على من عاداك وهم
قريش ، (
والفتح ) فتح
مكة .