(
وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين ( 146 ) )
قوله تعالى : (
وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير ) قرأ
ابن كثير " وكائن " بالمد والهمزة على وزن فاعل وتليين الهمزة
أبو جعفر ، وقرأ الآخرون " وكأين " بالهمز والتشديد على وزن كعين ، ومعناه : وكم ، وهي كاف التشبيه ضمت إلى أي الاستفهامية ، ولم يقع للتنوين صورة في الخط إلا في هذا الحرف خاصة ويقف بعض القراء على " وكأي " بلا نون والأكثرون على الوقوف بالنون قوله ( قاتل ) قرأ
ابن كثير ونافع وأهل البصرة بضم القاف وقرأ الآخرون ( قاتل ) فمن قرأ ( قاتل ) فلقوله : (
فما وهنوا ) ويستحيل وصفهم بأنهم لم يهنوا بعدما قتلوا لقول
سعيد بن جبير : ما سمعنا أن نبيا قتل في القتال ولأن ( قاتل ) أعم .
قال
أبو عبيد : إن الله تعالى إذا حمد من قاتل كان من قتل داخلا فيه ، وإذا حمد من قتل لم يدخل فيه غيرهم ، فكان ( قاتل ) أعم .
ومن قرأ " قتل " ) فله ثلاثة أوجه : أحدها :
أن يكون القتل راجعا إلى النبي وحده ، فيكون تمام الكلام عند قوله " قتل " ويكون في الآية إضمار معناه : ومعه ربيون كثير ، كما يقال : قتل فلان معه جيش كثير أي : ومعه .
والوجه الثاني : أن يكون القتل نال النبي ومن معه من الربيين ويكون المراد : بعض من معه ، تقول العرب قتلنا بني فلان وإنما قتلوا بعضهم ويكون قوله (
فما وهنوا ) راجعا إلى الباقين .
[ ص: 117 ]
والوجه الثالث : أن يكون القتل للربيين لا غير .
وقوله (
ربيون كثير ) قال
ابن عباس ومجاهد
وقتادة : جموع كثيرة ، وقال
ابن مسعود : الربيون الألوف ، وقال
الكلبي الربية الواحدة : عشرة آلاف ، وقال
الضحاك : الربية الواحدة : ألف ، وقال
الحسن : فقهاء علماء وقيل : هم الأتباع والربانيون الولاة ، والربيون الرعية ، وقيل : منسوب إلى الرب وهم الذين يعبدون الرب ، (
فما وهنوا ) أي : فما جبنوا ، (
لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا ) عن الجهاد بما نالهم من ألم الجراح وقتل الأصحاب . (
وما استكانوا ) قال
مقاتل : وما استسلموا وما خضعوا لعدوهم وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : وما ذلوا قال
عطاء وما تضرعوا وقال
أبو العالية : وما جبنوا ولكنهم صبروا على أمر ربهم وطاعة نبيهم وجهاد عدوهم ، (
والله يحب الصابرين ) .