(
ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما ( 32 ) )
قوله تعالى : (
ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ) الآية ، قال
مجاهد : قالت
أم سلمة : يا رسول الله إن الرجال يغزون ولا نغزو ولهم ضعف ما لنا من الميراث ، فلو كنا رجالا غزونا كما غزوا وأخذنا من الميراث مثل ما أخذوا . فنزلت هذه الآية .
وقيل : لما جعل الله عز وجل للذكر مثل حظ الأنثيين في الميراث ، قالت النساء : نحن أحق وأحوج إلى الزيادة من الرجال ، لأنا ضعفاء وهم أقوى وأقدر على طلب المعاش ، فأنزل الله تعالى : (
ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض )
[ ص: 205 ]
وقال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي لما نزل قوله : (
للذكر مثل حظ الأنثيين ) قال الرجال إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسناتنا في الآخرة فيكون أجرنا على الضعف من أجر النساء كما فضلنا عليهن في الميراث فقال الله تعالى : (
للرجال نصيب مما اكتسبوا ) من الأجر (
وللنساء نصيب مما اكتسبن )
معناه : أن الرجال والنساء في الأجر في الآخرة سواء ، وذلك أن الحسنة تكون بعشر أمثالها يستوي فيها الرجال والنساء ، وإن فضل الرجال في الدنيا على النساء .
وقيل : معناه للرجال نصيب مما اكتسبوا من أمر الجهاد وللنساء نصيب مما اكتسبن من طاعة الأزواج وحفظ الفروج ، يعني إن كان للرجال فضل الجهاد فللنساء فضل طاعة الأزواج وحفظ الفروج .
قوله تعالى : ( واسألوا الله من فضله ) قرأ
ابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وسلوا ، وسل ، وفسل إذا كان قبل السين واو أو فاء بغير همز ، ونقل حركة الهمزة إلى السين ، والباقون بسكون السين مهموزا . فنهى الله تعالى عن التمني لما فيه من دواعي الحسد ، والحسد أن
يتمنى زوال النعمة عن صاحبه ويتمناها لنفسه ، وهو حرام ، والغبطة أن يتمنى لنفسه مثل ما لصاحبه وهو جائز . قال
الكلبي : لا يتمنى الرجل مال أخيه ولا امرأته ولا خادمه ، ولكن ليقل اللهم ارزقني مثله ، وهو كذلك في التوراة كذلك في القرآن . قوله : (
واسألوا الله من فضله ) قال
ابن عباس : واسألوا الله من فضله : أي : من رزقه ، قال
سعيد بن جبير : من عبادته ، فهو سؤال التوفيق للعبادة ، قال
سفيان بن عيينة : لم يأمر بالمسألة إلا ليعطي . (
إن الله كان بكل شيء عليما ) .