(
فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ( 41 )
يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ( 42 ) )
قوله تعالى : (
فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ) [ أي : فكيف الحال وكيف يصنعون إذا جئنا من كل أمة بشهيد ] يعني : بنبيها يشهد عليهم بما عملوا ، ( وجئنا بك ) يا
محمد ، (
على هؤلاء شهيدا )
شاهدا يشهد على جميع الأمم على من رآه وعلى من لم يره .
أخبرنا
عبد الواحد المليحي ، أنا
أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا
محمد بن يوسف ، أنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، أنا
محمد بن يوسف ، أنا
سفيان ، عن
الأعمش ، عن
إبراهيم ، عن
عبيدة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=814399 " اقرأ علي " ، قلت : يا رسول الله أأقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال : نعم فقرأت سورة النساء حتى إذا أتيت هذه الآية ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) قال : " حسبك الآن " فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان .
قوله عز وجل : ( يومئذ ) أي يوم القيامة ، (
يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ) قرأ
أهل المدينة وابن عامر " تسوى " بفتح التاء وتشديد السين على معنى تتسوى ، فأدغمت التاء الثانية في السين ، وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بفتح التاء وتخفيف السين على حذف تاء التفعل كقوله تعالى "
لا تكلم نفس إلا بإذنه " ( هود - 11 ) وقرأ الباقون بضم التاء وتخفيف السين على المجهول ، أي : لو سويت بهم الأرض وصاروا هم والأرض شيئا واحدا .
وقال
قتادة وأبو عبيدة : يعني لو تخرقت الأرض فساخوا فيها وعادوا إليها ثم تسوى بهم ، أي : عليهم الأرض .
وقيل : ودوا لو أنهم لم يبعثوا لأنهم إنما نقلوا من التراب ، وكانت الأرض مستوية عليهم .
[ ص: 218 ] وقال
الكلبي : يقول الله عز وجل للبهائم والوحوش والطير والسباع : كونوا ترابا فتسوى بهن الأرض ، فعند ذلك
يتمنى الكافر أن لو كان ترابا كما قال الله تعالى : "
ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا " ( النبإ 40 ) .
(
ولا يكتمون الله حديثا ) قال
عطاء : ودوا لو تسوى بهم الأرض وأنهم لم يكونوا كتموا أمر
محمد صلى الله عليه وسلم ولا نعته . وقال الآخرون : بل هو كلام مستأنف ، يعني : ولا يكتمون الله حديثا لأن ما عملوا لا يخفى على الله ولا يقدرون على كتمانه . وقال
الكلبي وجماعة : (
ولا يكتمون الله حديثا ) لأن جوارحهم تشهد عليهم .
قال
سعيد بن جبير : قال رجل
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس رضي الله عنهما : إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي ، قال : هات ما اختلف عليك ، قال : "
فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " ( المؤمنون - 101 ) ، " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " ( الطور - 25 ) وقال : "
ولا يكتمون الله حديثا " ، وقال "
والله ربنا ما كنا مشركين " ( الأنعام - 23 ) فقد كتموا ، وقال : "
أم السماء بناها " ، إلى قوله تعالى : "
والأرض بعد ذلك دحاها " ، فذكر خلق السماء قبل الأرض ، ثم قال : "
أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين " ، إلى قوله : " طائعين " ( فصلت 9 - 11 ) فذكر في هذه الآية خلق الأرض قبل السماء ، وقال :
وكان الله غفورا رحيما وكان الله عزيزا حكيما فكأنه كان ثم مضى؟ .
فقال
ابن عباس رضي الله عنهما : فلا أنساب بينهم في النفخة الأولى قال الله تعالى : "
ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله " ( الزمر - 68 ) ، فلا أنساب عند ذلك ولا يتساءلون ، ثم في النفخة الآخرة ( أقبل بعضهم على بعض يتساءلون ) ، وأما قوله : (
ما كنا مشركين (
ولا يكتمون الله حديثا ) ، فإن الله يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم ، فيقول المشركون : تعالوا نقل لم نكن مشركين ، فيختم على أفواههم وتنطق أيديهم فعند ذلك عرف أن الله لا يكتم حديثا ، وعنده (
يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ) ، و ( خلق الأرض في يومين ) ، ثم خلق السماء ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين ثم دحا الأرض ، ودحيها : أن أخرج منها الماء والمرعى وخلق الجبال والآكام وما بينهما في يومين آخرين ، فقال : : خلق الأرض في يومين فجعلت الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام ، وخلقت السموات في يومين ، ( وكان الله غفورا رحيما ) أي : لم يزل كذلك ، فلا يختلف عليك القرآن فإن كلا من عند الله .
وقال
الحسن : إنها مواطن ، ففي موطن لا يتكلمون ولا تسمع إلا همسا ، وفي موطن يتكلمون ويكذبون ويقولون : ما كنا مشركين ، وما كنا نعمل من سوء ، وفي موضع يعترفون على أنفسهم وهو قوله :
[ ص: 219 ] ( فاعترفوا بذنبهم ) وفي موضع لا يتساءلون ، وفي موطن يسألون الرجعة ، وآخر تلك المواطن أن يختم على أفواههم وتتكلم جوارحهم ، وهو قوله تعالى : (
ولا يكتمون الله حديثا ) .