(
ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما ( 104 ) )
قوله تعالى : ( ولا تهنوا في ابتغاء القوم ) الآية ، سبب نزولها أن
أبا سفيان وأصحابه لما رجعوا يوم
[ ص: 283 ] أحد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفة في آثارهم فشكوا ألم الجراحات ، فقال الله تعالى : (
ولا تهنوا ) أي : لا تضعفوا (
في ابتغاء القوم ) في طلب
أبي سفيان وأصحابه ، (
إن تكونوا تألمون ) تتوجعون من الجراح ، (
فإنهم يألمون ) أي : يتوجعون ، يعني الكفار ، (
كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون ) أي : وأنتم مع ذلك تأملون من الأجر والثواب في الآخرة والنصر في الدنيا ما لا يرجون ، وقال بعض المفسرين : المراد بالرجاء الخوف ، لأن كل راج خائف أن لا يدرك مأموله .
ومعنى الآية : وترجون من الله أي : تخافون من الله أي : تخافون من عذاب الله ما لا يخافون ، قال
الفراء رحمه الله : ولا يكون الرجاء بمعنى الخوف إلا مع الجحد ، كقوله تعالى : "
قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله " ( الجاثية - 14 ) أي : لا يخافون ، وقال تعالى : "
ما لكم لا ترجون لله وقارا " ( نوح - 13 ) أي : لا تخافون لله عظمته ، ولا يجوز رجوتك بمعنى : خفتك ولا خفتك وأنت تريد رجوتك (
وكان الله عليما حكيما ) .