(
ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ( 115 )
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ( 116 ) )
قوله تعالى : ( ومن يشاقق الرسول ) نزلت في
طعمة بن أبيرق وذلك أنه لما ظهرت عليه السرقة خاف على نفسه من قطع اليد والفضيحة ، فهرب إلى
مكة وارتد عن الدين ، فقال تعالى : (
ومن يشاقق الرسول ) أي : يخالفه ، (
من بعد ما تبين له الهدى ) التوحيد والحدود (
ويتبع غير سبيل المؤمنين ) [ أي : غير طريق المؤمنين (
نوله ما تولى ) أي : نكله في الآخرة ] إلى ما تولى في الدنيا ، (
ونصله جهنم وساءت مصيرا )
روي أن
طعمة بن أبيرق نزل على رجل من
بني سليم من
أهل مكة يقال له
الحجاج بن علاط ، فنقب بيته فسقط عليه حجر فلم يستطع أن يدخل ولا أن يخرج حتى أصبح ، فأخذ ليقتل ، فقال بعضهم : دعوه فإنه قد لجأ إليكم فتركوه فأخرجوه من
مكة ، فخرج مع تجار من قضاعة نحو
الشام ، فنزلوا منزلا فسرق بعض متاعهم وهرب ، فطلبوه وأخذوه ورموه بالحجارة حتى قتلوه ، فصار قبره تلك الحجارة ، وقيل : إنه ركب سفينة إلى
جدة فسرق فيها كيسا فيه دنانير فأخذ ، فألقي في البحر ، وقيل : إنه نزل في
حرة بني سليم وكان يعبد صنما إلى أن مات فأنزل الله تعالى فيه :
(
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ) أي : ذهب عن الطريق وحرم الخير كله ، وقال
الضحاك عن
ابن عباس رضي الله عنهما ، إن
[ ص: 288 ] هذه الآية نزلت في شيخ من الأعراب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله إني شيخ متهتك في الذنوب ، إلا أني لم أشرك بالله شيئا منذ عرفته وآمنت به ، ولم أتخذ من دونه وليا ولم أواقع المعاصي جرأة على الله ، وما توهمت طرفة عين أني أعجز الله هربا ، وإني لنادم تائب مستغفر فما حالي؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية .