[ ص: 300 ] (
إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا ( 137 )
بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما ( 138 )
الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا ( 139 ) )
قوله تعالى : (
إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا ) قال
قتادة : هم اليهود آمنوا
بموسى ثم كفروا من بعد بعبادتهم العجل ، ثم آمنوا بالتوراة ثم كفروا
بعيسى عليه السلام ، ثم ازدادوا كفرا
بمحمد صلى الله عليه وسلم .
وقيل : هو في جميع أهل الكتاب آمنوا بنبيهم ثم كفروا به ، وآمنوا بالكتاب الذي نزل عليه ثم كفروا به ، وكفرهم به : تركهم إياه ثم ازدادوا كفرا
بمحمد صلى الله عليه وسلم .
وقيل : هذا في قوم مرتدين آمنوا ثم ارتدوا ثم آمنوا ثم ارتدوا ثم آمنوا ثم ارتدوا ثم آمنوا ثم ارتدوا .
ومثل هذا هل تقبل توبته؟ حكي عن
علي رضي الله عنه : أنه لا تقبل توبته بل يقتل ، لقوله تعالى : (
لم يكن الله ليغفر لهم ) وأكثر أهل العلم على قبول توبته ، وقال
مجاهد : ثم ازدادوا كفرا أي ماتوا عليه ، (
لم يكن الله ليغفر لهم ) ما أقاموا على ذلك ، (
ولا ليهديهم سبيلا ) أي طريقا إلى الحق ، فإن قيل : ما معنى قوله (
لم يكن الله ليغفر لهم ) ومعلوم أنه لا يغفر الشرك إن كان أول مرة؟ .
قيل : معناه أن الكافر إذا أسلم أول مرة ودام عليه يغفر له كفره السابق ، فإن أسلم ثم كفر ثم أسلم ثم كفر لا يغفر له كفره السابق ، الذي كان يغفر له لو دام على الإسلام .
(
بشر المنافقين ) أخبرهم يا
محمد ، (
بأن لهم عذابا أليما ) والبشارة : كل خبر يتغير به بشرة الوجه سارا كان أو غير سار ، وقال الزجاج : معناه اجعل في موضع بشارتك لهم العذاب ، كما تقول العرب : تحيتك الضرب وعتابك السيف ، أي : [ بدلا لك ] من التحية ، ثم وصف المنافقين فقال :
(
الذين يتخذون الكافرين أولياء ) يعني : يتخذون اليهود أولياء وأنصارا أو بطانة (
من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة ) أي : المعونة والظهور على
محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه : وقيل : أيطلبون عندهم القوة والغلبة ، (
فإن العزة ) أي : الغلبة والقوة والقدرة ، (
لله جميعا ) .