(
بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ( 158 )
وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا ( 159 ) )
(
بل رفعه الله إليه ) وقيل قوله " يقينا " ترجع إلى ما بعده وقوله " وما قتلوه " كلام تام تقديره : بل رفعه الله إليه يقينا ، والهاء في " ما قتلوه " كناية عن
عيسى عليه السلام ، وقال
الفراء رحمه الله : معناه وما قتلوا الذي ظنوا أنه
عيسى يقينا ، وروي عن
ابن عباس رضي الله عنهما معناه : ما قتلوا ظنهم يقينا ، (
وكان الله عزيزا ) منيعا بالنقمة من اليهود ، ( حكيما ) حكم باللعنة والغضب عليهم ، فسلط عليهم
ضيطوس بن اسبسيانوس الرومي فقتل منهم مقتلة عظيمة .
قوله تعالى : (
وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ) أي : وما من أهل الكتاب إلا ليؤمنن
بعيسى عليه السلام ، هذا قول أكثر المفسرين وأهل العلم ، وقوله " قبل موته " اختلفوا في هذه الكناية : فقال
عكرمة ومجاهد والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : إنها كناية عن الكتابي ، ومعناه : وما من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن
بعيسى عليه السلام قبل موته ، إذا وقع في البأس حين لا ينفعه إيمانه سواء احترق أو غرق أو تردى في بئر أو سقط عليه جدار أو أكله سبع أو مات فجأة ، وهذه رواية عن
أبي طلحة عن
ابن [ ص: 308 ] عباس رضي الله عنهم . قال : فقيل
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس رضي الله عنهما : أرأيت إن خر من فوق بيت؟ قال : يتكلم به في الهواء قال : فقيل أرأيت إن ضرب عنق أحدهم؟ قال : يتلجلج به لسانه .
وذهب قوم إلى أن الهاء في " موته " كناية عن
عيسى عليه السلام ، معناه : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن
بعيسى قبل موت
عيسى عليه السلام ، وذلك عند
نزوله من السماء في آخر الزمان فلا يبقى أحد إلا آمن به حتى تكون الملة واحدة ، ملة الإسلام .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=814500 " يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا يكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ، ويهلك في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ، ويقتل الدجال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون " ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : اقرأوا إن شئتم : ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ) قبل موت عيسى بن مريم ، ثم يعيدها nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ثلاث مرات .
وروي عن
عكرمة : أن الهاء في قوله (
ليؤمنن به ) كناية عن
محمد صلى الله عليه وسلم يقول لا يموت كتابي حتى يؤمن
بمحمد صلى الله عليه وسلم .
وقيل : هي راجعة إلى الله عز وجل يقول : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمن بالله عز وجل ، قبل موته عند المعاينة حين لا ينفعه إيمانه .
قوله تعالى : (
ويوم القيامة يكون ) يعني :
عيسى عليه السلام ، (
عليهم شهيدا ) أنه قد بلغهم رسالة ربه ، وأقر بالعبودية على نفسه [ كما قال تعالى مخبرا عنه "
وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم " ( المائدة - 117 ) وكل نبي شاهد على أمته ] قال الله تعالى : "
فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " ( النساء - 41 ) .