(
فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين ( 31 ) )
( فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه ) فلما رأى
قابيل ذلك قال : يا ويلتا ، كلمة تحسر فقيل لما رأى الدفن من الغراب أنه أكبر علما منه وأن ما فعله كان جهلا فندم وتحسر (
قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي ) أي : جيفته ، وقيل : عورته لأنه قد سلب ثيابه ، (
فأصبح من النادمين ) على حمله على عاتقه لا على قتله ، وقيل : على فراق أخيه ، وقيل : ندم لقلة النفع بقتله فإنه أسخط والديه ، وما انتفع بقتله شيئا ولم يكن ندمه على القتل وركوب الذنب .
قال
عبد المطلب بن عبد الله بن حنطب : لما قتل ابن
آدم أخاه رجفت الأرض بما عليها سبعة أيام ثم شربت الأرض دمه كما يشرب الماء ، فناداه
آدم أين أخوك
هابيل؟ قال : ما أدري ما كنت عليه
[ ص: 45 ] رقيبا ، فقال الله تعالى : إن دم أخيك ليناديني من الأرض ، فلم قتلت أخاك؟ قال : فأين دمه إن كنت قتلته؟ فحرم الله عز وجل على الأرض يومئذ أن تشرب دما بعده أبدا .
وقال
مقاتل بن سليمان عن
الضحاك عن
ابن عباس رضي الله عنهما : لما قتل
قابيل هابيل وآدم عليه السلام بمكة اشتاك الشجر وتغيرت الأطعمة وحمضت الفواكه ، وأمر الماء واغبرت الأرض ، فقال
آدم عليه السلام : قد حدث في الأرض حدث ، فأتى
الهند فإذا
قابيل قد قتل
هابيل فأنشأ يقول وهو أول من قال الشعر :
تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي لون وطعم
وقل بشاشة الوجه الصبيح
وروي : المليح .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من قال إن
آدم عليه السلام قال شعرا فقد كذب ، إن
محمدا صلى الله عليه وسلم والأنبياء كلهم عليهم السلام في النهي عن الشعر سواء ، ولكن لما قتل
قابيل هابيل رثاه
آدم وهو سرياني ، فلما قال
آدم مرثيته قال
لشيث : يا بني إنك وصي احفظ هذا الكلام ليتوارث فيرق الناس عليه ، لم يزل ينقل حتى وصل إلى يعرب بن قحطان ، وكان يتكلم بالعربية والسريانية وهو أول من خط بالعربية ، وكان يقول الشعر فنظر في المرثية فرد المقدم إلى المؤخر والمؤخر إلى المقدم ، فوزنه شعرا وزاد فيه أبياتا منها :
وما لي لا أجود بسكب دمع وهابيل تضمنه الضريح
أرى طول الحياة علي غما فهل أنا من حياتي مستريح
فلما مضى من عمر
آدم عليه السلام مائة وثلاثون سنة ، وذلك بعد قتل
هابيل بخمس سنين ولدت له
حواء شيثا ، وتفسيره : هبة الله ، يعني إنه خلف من
هابيل علمه الله تعالى ساعات الليل والنهار ، وعلمه عبادة الخلق في كل ساعة منها ، وأنزل عليه خمسين صحيفة فصار وصي
آدم وولي عهده ، وأما
قابيل فقيل له اذهب طريدا شريدا فزعا مرعوبا لا تأمن من تراه ، فأخذ بيد أخته أقليما وهرب بها إلى
عدن من أرض
اليمن ، فأتاه
إبليس فقال له إنما أكلت النار قربان
هابيل لأنه كان يعبد النار فانصب أنت نارا أيضا تكون لك ولعقبك ، فبنى بيتا للنار فهو أول من عبد النار ، وكان لا يمر به أحد إلا رماه ، فأقبل ابن له أعمى ومعه ابن له ، فقال ابنه : هذا أبوك
قابيل ، فرمى الأعمى أباه فقتله ، فقال ابن الأعمى : قتلت أباك؟ فرفع يده فلطم ابنه ، فمات فقال الأعمى : ويل لي قتلت أبي برميتي وقتلت ابني بلطمتي .
[ ص: 46 ] وقال
مجاهد : فعلقت إحدى رجلي
قابيل إلى فخذها وساقها وعلقت من يومئذ إلى يوم القيامة ووجهه إلى الشمس ما دارت عليه ، في الصيف حظيرة من نار وفي الشتاء حظيرة من ثلج .
قال : واتخذ أولاد
قابيل آلات اللهو من اليراع والطبول والمزامير والعيدان والطنابير ، وانهمكوا في اللهو وشرب الخمر وعبادة النار والزنا والفواحش حتى غرقهم الله بالطوفان أيام
نوح عليه السلام ، وبقي نسل
شيث .
أخبرنا
عبد الواحد المليحي أنا
أحمد بن عبد الله النعيمي أنا
محمد بن يوسف ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل أنا
عمر بن حفص بن غياث ثنا أبي ثنا
الأعمش حدثني
عبد الله بن مرة عن
مسروق عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=814538لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل " .