[ سورة الأنعام ]
[ ص: 125 ] ( 1 ) )
سورة الأنعام
مكية ، وهي مائة وخمس وستون آية ، نزلت بمكة [ جملة ] ليلا معها سبعون ألف ملك قد سدوا ما بين الخافقين ، لهم زجل بالتسبيح والتحميد والتمجيد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم
" سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم وخر ساجدا " .
وروي مرفوعا :
" من قرأ سورة الأنعام يصلي عليه أولئك السبعون ألف ملك ليله ونهاره " .
وقال
الكلبي عن
أبي صالح عن
ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت
سورة الأنعام بمكة ، إلا قوله : "
وما قدروا الله حق قدره " ، إلى آخر ثلاث آيات ، وقوله تعالى : "
قل تعالوا أتل " ، إلى قوله : "
لعلكم تتقون " ، فهذه الست آيات مدنيات .
الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون (
الحمد لله الذي خلق السموات والأرض ) قال
كعب الأحبار : هذه الآية أول آية في التوراة ، وآخر آية في التوراة قوله : "
الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا " الآية ( الإسراء - 111 ) .
قال
ابن عباس رضي الله عنهما : افتتح الله الخلق بالحمد ، فقال : (
الحمد لله الذي خلق السموات والأرض ) ، وختمه بالحمد فقال : ( وقضي بينهم بالحق ) ، أي : بين الخلائق ، (
وقيل الحمد لله رب العالمين ) [ الزمر - 75 ] .
[ ص: 126 ]
قوله : " الحمد لله " حمد الله نفسه تعليما لعباده ، أي : احمدوا الله الذي
خلق السموات والأرض ، خصهما بالذكر لأنهما أعظم المخلوقات فيما يرى العباد ، وفيهما العبر والمنافع للعباد ، (
وجعل الظلمات والنور ) والجعل بمعنى الخلق ، قال
الواقدي : كل ما في القرآن من الظلمات والنور فهو الكفر والإيمان ، إلا في هذه الآية فإنه يريد بهما الليل والنهار .
وقال
الحسن : وجعل الظلمات والنور يعني الكفر والإيمان ، وقيل : أراد بالظلمات الجهل وبالنور العلم .
وقال
قتادة : يعني الجنة والنار .
وقيل : معناه خلق الله السموات والأرض ، وقد جعل الظلمات والنور ، لأنه
خلق الظلمة والنور قبل السموات والأرض .
قال
قتادة : خلق الله السموات قبل الأرض ، والظلمة قبل النور ، والجنة قبل النار ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=814601 " إن الله تعالى خلق الخلق فى ظلمة ، ثم ألقى عليهم من نوره ، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل " .
(
ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ) أي : ثم الذين كفروا بعد هذا البيان بربهم يعدلون ، أي : يشركون ، وأصله من مساواة الشيء بالشيء ، ومنه العدل ، أي : يعدلون بالله غير الله تعالى ، يقال : عدلت هذا بهذا إذا ساويته ، وبه قال
النضر بن شميل ، الباء بمعنى عن ، أي : عن ربهم يعدلون ، أي يميلون وينحرفون من العدول ، قال الله تعالى (
عينا يشرب بها عباد الله ) أي : منها .
وقيل : تحت قوله "
ثم الذين كفروا بربهم يعدلون " معنى لطيف ، وهو مثل قول القائل : أنعمت عليكم بكذا وتفضلت عليكم بكذا ، ثم تكفرون بنعمتي .