[ ص: 136 ] (
ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين ( 25 )
وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون ( 26 ) )
قوله عز وجل : (
ومنهم من يستمع إليك ) الآية ، قال
الكلبي : اجتمع
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان بن حرب وأبو جهل بن هشام والوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث وعتبة وشيبة ابنا
ربيعة وأمية وأبي ابنا
خلف والحارث بن عامر ، يستمعون القرآن فقالوا
للنضر : يا
أبا قتيلة ما يقول
محمد؟ قال : ما أدري ما يقول إلا أني أراه يحرك لسانه ويقول أساطير الأولين ، مثل ما كنت أحدثكم عن القرون الماضية ، وكان
النضر كثير الحديث عن القرون وأخبارها . فقال
أبو سفيان : إني أرى بعض ما يقول حقا ، فقال
أبو جهل : كلا لا نقر بشيء من هذا ، وفي رواية : للموت أهون علينا من هذا ، فأنزل الله عز وجل : " ومنهم من يستمع إليك " وإلى كلامك ، (
وجعلنا على قلوبهم أكنة ) ، أغطية ، جمع كنان ، كالأعنة جمع عنان ، (
أن يفقهوه ) ، أن يعلموه ، قيل : معناه أن لا يفقهوه ، وقيل : كراهة أن يفقهوه ، (
وفي آذانهم وقرا ) ، صمما وثقلا هذا دليل على أن الله تعالى يقلب القلوب فيشرح بعضها للهدى ، ويجعل بعضها في أكنة فلا تفقه كلام الله ولا تؤمن ، (
وإن يروا كل آية ) ، من المعجزات والدلالات ، (
لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين ) ، يعني : أحاديثهم وأقاصيصهم ، والأساطير جمع : أسطورة ، وإسطارة ، وقيل : هي الترهات والأباطيل ، وأصلها من سطرت ، أي : كتبت .
(
وهم ينهون عنه ) أي : ينهون الناس عن اتباع
محمد صلى الله عليه وسلم (
وينأون عنه ) ، أي : يتباعدون عنه بأنفسهم ، نزلت في كفار
مكة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي والضحاك ، وقال
قتادة : ينهون عن القرآن وعن النبي صلى الله عليه وسلم ويتباعدون عنه .
وقال
ابن عباس ومقاتل نزلت في
أبي طالب كان ينهى الناس عن أذى النبي صلى الله عليه وسلم ويمنعهم وينأى عن الإيمان به ، أي : يبعد ، حتى روي أنه اجتمع إليه رءوس المشركين وقالوا : خذ شابا من أصبحنا وجها ، وادفع إلينا
محمدا ، فقال
أبو طالب : ما أنصفتموني أدفع إليكم ولدي لتقتلوه وأربي
[ ص: 137 ] ولدكم؟ وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاه إلى الإيمان ، فقال : لولا أن تعيرني
قريش لأقررت بها عينك ، ولكن أذب عنك ما حييت . وقال فيه أبياتا :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة
وابشر بذاك وقر بذاك منك عيونا ودعوتني وعرفت أنك ناصحي
ولقد صدقت وكنت ثم أمينا وعرضت دينا قد علمت بأنه
من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو حذار سبة
لوجدتني سمحا بذاك مبينا
(
وإن يهلكون ) ، أي : ما يهلكون ، ( إلا أنفسهم ) أي : لا يرجع وبال فعلهم إلا إليهم ، وأوزار الذين يصدونهم عليهم ، ( وما يشعرون ) .