(
فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين ( 5 )
فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين ( 6 )
فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين ( 7 )
والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( 8 ) )
(
فما كان دعواهم ) أي : قولهم ودعاؤهم وتضرعهم ، والدعوى تكون بمعنى الادعاء وبمعنى الدعاء ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : تقول
العرب اللهم أشركنا في صالح دعوى المسلمين أي في دعائهم ، (
إذ جاءهم بأسنا ) عذابنا ، (
إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين ) معناه لم يقدروا على رد العذاب ، وكان حاصل أمرهم الاعتراف بالجناية حين لا ينفع الاعتراف .
(
فلنسألن الذين أرسل إليهم ) يعني : الأمم عن إجابتهم الرسل ، وهذا سؤال توبيخ لا سؤال استعلام ، يعني : لنسألهم عما عملوا فيما بلغتهم الرسل . (
ولنسألن المرسلين ) عن الإبلاغ .
(
فلنقصن عليهم بعلم ) أي : لنخبرنهم عن علم . قال
ابن عباس - رضي الله عنهما - : ينطق عليهم كتاب أعمالهم ، كقوله تعالى : (
هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ) . ( الجاثية 29 (
وما كنا غائبين ) عن الرسل فيما بلغوا ، وعن الأمم فيما أجابوا .
قوله - عز وجل - : ( والوزن يومئذ الحق ) يعني : يوم السؤال . قال
مجاهد : معناه والقضاء يومئذ العدل . وقال الأكثرون : أراد به وزن الأعمال بالميزان ، وذاك أن الله تعالى ينصب ميزانا له لسان وكفتان كل كفة بقدر ما بين المشرق والمغرب .
[ ص: 215 ]
واختلفوا في كيفية الوزن ، فقال بعضهم : توزن صحائف الأعمال : وروينا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=814654أن رجلا ينشر عليه تسعة وتسعون سجلا كل سجل مد البصر ، فيخرج له بطاقة فيها شهادة أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فتوضع السجلات في كفة ، والبطاقة في كفة ، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة " .
وقيل : توزن الأشخاص ، وروينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=814655ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة فلا يزن عند الله جناح بعوضة " .
وقيل : توزن الأعمال ، روي ذلك عن
ابن عباس ، فيؤتى بالأعمال الحسنة على صورة حسنة وبالأعمال السيئة على صورة قبيحة ، فتوضع في الميزان ، والحكمة في وزن الأعمال امتحان الله عباده بالإيمان في الدنيا وإقامة الحجة عليهم في العقبى . (
فمن ثقلت موازينه ) قال
مجاهد : حسناته ، (
فأولئك هم المفلحون ) .