[ ص: 219 ] (
قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين ( 18 )
ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ( 19 )
فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ( 20 )
وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ( 21 ) )
(
قال ) الله تعالى لإبليس ، (
اخرج منها مذءوما مدحورا ) أي : معيبا ، والذيم والذأم أشد العيب ، يقال : ذأمه يذأمه ذأما فهو مذءوم وذامه يذيمه ذاما فهو مذيم ، مثل سار يسير سيرا . والمدحور : المبعد المطرود ، يقال : دحره يدحره دحرا إذا أبعده وطرده . قال
ابن عباس : مذءوما أي ممقوتا . وقال
قتادة : مذءوما مدحورا : أي لعينا منفيا . وقال
الكلبي : مذءوما مدحورا : مقصيا من الجنة ومن كل خير . (
لمن تبعك منهم ) من بني آدم ، (
لأملأن جهنم ) اللام لام القسم ، (
منكم أجمعين ) أي : منك ومن ذريتك ومن كفار ذرية آدم أجمعين .
( فوسوس لهما الشيطان ) أي : إليهما . والوسوسة : حديث يلقيه الشيطان في قلب الإنسان (
ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما ) أي : أظهر لهما ما غطي وستر عنهما من عوراتهما . قيل : اللام فيه لام العاقبة وذلك أن إبليس لم يوسوس بهذا ولكن كان عاقبة أمرهم ذلك ، وهو ظهور عورتهما ، كقوله تعالى : "
فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا " ( القصص 8 ) ، ثم بين الوسوسة فقال : (
وقال ) يعني : إبليس
لآدم وحواء (
ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين ) يعني : لئلا تكونا ، كراهية أن تكونا ملكين من الملائكة يعلمان الخير والشر ، (
أو تكونا من الخالدين ) من الباقين الذين لا يموتون كما قال في موضع آخر : "
هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى " ( طه 120 ) .
(
وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ) أي : وأقسم وحلف لهما وهذا من المفاعلة التي تختص بالواحد ، قال
قتادة : حلف لهما بالله حتى خدعهما ، وقد يخدع المؤمن بالله ، فقال : إني خلقت قبلكما وأنا أعلم منكما فاتبعاني أرشدكما ، وإبليس أول من حلف بالله كاذبا ، فلما حلف ظن
[ ص: 220 ] آدم أن أحدا لا يحلف بالله كاذبا ، فاغتر به .