(
وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون ( 57 ) (
والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون ( 58 ) )
قوله تعالى : ( وهو الذي يرسل الرياح بشرا ) قرأ
عاصم " بشرا " بالباء وضمها وسكون الشين هاهنا وفي الفرقان وسورة النمل ، ويعني : أنها تبشر بالمطر بدليل قوله تعالى : ( الرياح مبشرات ) الروم - 46 ، وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " نشرا " بالنون وفتحها ، وهي الريح الطيبة اللينة ، قال الله تعالى : ( والناشرات نشرا ) المرسلات - 3 ، وقرأ
ابن عامر بضم النون وسكون الشين ، وقرأ الآخرون بضم النون والشين ، جمع نشور ، مثل صبور وصبر ورسول ورسل ، أي : متفرقة وهي الرياح التي تهب من كل ناحية (
بين يدي رحمته ) أي : قدام المطر .
[ ص: 239 ]
أخبرنا
عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنبأنا
عبد العزيز بن أحمد الخلال أنبأنا
أبو العباس الأصم أنبأنا
الربيع أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنبأنا الثقة عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=814667أخذت الناس ريح بطريق مكة وعمر حاج فاشتدت ، فقال عمر رضي الله عنه لمن حوله : ما بلغكم في الريح فلم يرجعوا إليه شيئا ، فبلغني الذي سأل عمر عنه من أمر الريح فاستحثثت راحلتي حتى أدركت عمر رضي الله عنه ، وكنت في مؤخر الناس ، فقلت : يا أمير المؤمنين أخبرت أنك سألت عن الريح وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " الريح من روح الله تأتي بالرحمة وبالعذاب فلا تسبوها ، وسلوا الله من خيرها وتعوذوا به من شرها " ورواه
عبد الرزاق عن
معمر عن
الزهري بإسناده .
(
حتى إذا أقلت ) حملت الرياح (
سحابا ثقالا ) بالمطر ، (
سقناه ) ورد الكناية إلى السحاب ، (
لبلد ميت ) أي : إلى بلد ميت محتاج إلى الماء ، وقيل : معناه لإحياء بلد ميت لا نبات فيه (
فأنزلنا به ) أي : بالسحاب . وقيل : بذلك البلد الميت ( الماء ) يعني : المطر ، (
فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى ) استدل بإحياء الأرض بعد موتها على إحياء الموتى ، (
لعلكم تذكرون ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : إذا مات الناس كلهم في النفخة الأولى أرسل الله عليهم مطرا كمني الرجال من ماء تحت العرش يدعى ماء الحيوان ، فينبتون في قبورهم نبات الزرع حتى إذا استكملت أجسادهم نفخ فيهم الروح ، ثم يلقي عليهم النوم فينامون في قبورهم ، ثم يحشرون بالنفخة الثانية وهم يجدون طعم النوم في رءوسهم وأعينهم ، فعند ذلك يقولون : ( يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ) يس - 52 .
قوله - عز وجل - : (
والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ) هذا مثل ضربه الله - عز وجل - للمؤمن والكافر فمثل المؤمن مثل البلد الطيب ، يصيبه المطر فيخرج نباته بإذن ربه ، (
والذي خبث ) يريد الأرض السبخة التي (
لا يخرج ) نباتها ، (
إلا نكدا ) قرأ
أبو جعفر بفتح الكاف ، وقرأ الآخرون بكسرها ، أي : عسرا قليلا بعناء ومشقة .
[ ص: 240 ]
فالأول : مثل المؤمن الذي إذا سمع القرآن وعاه وعقله وانتفع به ، والثاني : مثل الكافر الذي يسمع القرآن فلا يؤثر فيه ، كالبلد الخبيث الذي لا يتبين أثر المطر فيه (
كذلك نصرف الآيات ) نبينها ، ( لقوم يشكرون )
أخبرنا
عبد الواحد بن أحمد المليحي أنبأنا
أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا
محمد بن يوسف حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل حدثنا
محمد بن العلاء حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11804حماد بن أسامة عن
يزيد بن عبد الله عن
أبي بردة عن
أبي موسى رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=814668 " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به " .