(
وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون ( 90 )
فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين ( 91 )
الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين ( 92 ) )
(
وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا ) وتركتم دينكم ، (
إنكم إذا لخاسرون ) مغبونون ، وقال
عطاء : جاهدون . قال
الضحاك : عجزة .
(
فأخذتهم الرجفة ) قال
الكلبي : الزلزلة ، وقال
ابن عباس وغيره : فتح الله عليهم بابا من جهنم ، فأرسل عليهم حرا شديدا ، فأخذ بأنفاسهم ولم ينفعهم ظل ولا ماء ، فكانوا يدخلون الأسراب ليتبردوا فيها ، فإذا دخلوها وجدوها أشد حرا من الظاهر ، فخرجوا هربا إلى البرية فبعث الله سحابة فيها ريح طيبة فأظلتهم وهي الظلة ، فوجدوا لها بردا ونسيما فنادى بعضهم بعضا حتى اجتمعوا تحت السحابة ، رجالهم ونساؤهم وصبيانهم ، ألهبها الله عليهم نارا ، ورجفت بهم الأرض فاحترقوا كما يحترق الجراد المقلي ، وصاروا رمادا .
وروي أن الله تعالى حبس عنهم الريح سبعة أيام ثم سلط عليهم الحر . قال
يزيد الجريري : سلط الله عليهم الحر سبعة أيام ثم رفع لهم جبل من بعيد ، فأتاه رجل فإذا تحته أنهار وعيون فاجتمعوا تحته كلهم فوقع ذلك الجبل عليهم ، فذلك قوله ( عذاب يوم الظلة ) ( الشعراء - 89 ) ، قال
قتادة : بعث الله
شعيبا إلى
أصحاب الأيكة وأصحاب مدين ، أما
أصحاب الأيكة فأهلكوا بالظلة ، وأما
أصحاب مدين فأخذتهم الصيحة ، صاح بهم
جبريل عليه السلام صيحة فهلكوا جميعا . قال
أبو عبد الله البجلي : كان
أبو جاد وهوز وحطي وكلمن وسعفص وقرشت ملوك
مدين ، وكان ملكهم في زمن
شعيب عليه
[ ص: 259 ] السلام يوم الظلة كلمن ، فلما هلك قالت ابنته تبكيه :
كلمن قد هد ركني هلكه وسط المحله سيد القوم أتاه
الحتف نارا تحت ظله جعلت نارا عليهم
دارهم كالمضمحله
وقوله تعالى : (
الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها ) أي : لم يقيموا ولم ينزلوا فيها ، من قولهم : غنيت بالمكان إذا قمت به ، والمغاني المنازل واحدها مغنى ، وقيل : كأن لم يتنعموا فيها . (
الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين ) لا المؤمنين كما زعموا .