[ ص: 142 ] (
بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ( 117 )
وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون ( 118 )
إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ( 119 ) )
قوله تعالى : (
بديع السماوات والأرض ) أي مبدعها ومنشئها من غير مثال سبق (
وإذا قضى أمرا ) أي قدره ، وقيل : أحكمه وقدره [ وأتقنه ، وأصل القضاء : الفراغ ، ومنه قيل لمن مات : قضي عليه لفراغه من الدنيا ، ومنه قضاء الله وقدره ] لأنه فرغ منه تقديرا وتدبيرا .
(
فإنما يقول له كن فيكون ) قرأ
ابن عامر كن فيكون بنصب النون في جميع المواضع إلا في آل عمران " كن فيكون ، الحق من ربك " وفي سورة الأنعام " كن فيكون ، قوله الحق " وإنما نصبها ؛ لأن جواب الأمر بالفاء يكون منصوبا [ وافقه
الكسائي في النحل ويس ] ، وقرأ الآخرون بالرفع على معنى فهو يكون ، فإن قيل كيف قال (
فإنما يقول له كن فيكون ) والمعدوم لا يخاطب ، قال
ابن الأنباري : معناه فإنما يقول له أي لأجل تكوينه ، فعلى هذا ذهب معنى الخطاب ، وقيل : هو وإن كان معدوما ولكنه لما قدر وجوده وهو كائن لا محالة كان كالموجود فصح الخطاب .
قوله تعالى : (
وقال الذين لا يعلمون ) قال
ابن عباس رضي الله عنهما :
اليهود ، وقال
مجاهد : النصارى ، وقال
قتادة :
مشركو العرب ( لولا ) هلا (
يكلمنا الله ) عيانا بأنك رسوله ، وكل ما في القرآن " لولا " فهو بمعنى هلا إلا واحدا ، وهو قوله
فلولا أنه كان من المسبحين " ( 143 - الصافات ) معناه فلو لم يكن (
أو تأتينا آية ) دلالة وعلامة على صدقك في ادعائك النبوة .
قال الله تعالى : (
كذلك قال الذين من قبلهم ) أي كفار الأمم الخالية (
مثل قولهم تشابهت قلوبهم ) أي أشبه بعضها بعضا في الكفر والقسوة وطلب المحال (
قد بينا الآيات لقوم يوقنون )
( إنا أرسلناك بالحق ) أي بالصدق كقوله
ويستنبئونك أحق هو " ( 53 - يونس ) أي صدق ، قال
ابن عباس رضي الله عنهما : بالقرآن دليله
بل كذبوا بالحق لما جاءهم " ( 5 - ق ) وقال
ابن كيسان : بالإسلام وشرائعه ، دليله قوله عز وجل : "
وقل جاء الحق ( 81 - الإسراء ) وقال
مقاتل : معناه لم
[ ص: 143 ] نرسلك عبثا ، إنما أرسلناك بالحق كما قال : "
وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق 85 - الحجر ) .
قوله عز وجل ( بشيرا ) أي مبشرا لأوليائي وأهل طاعتي بالثواب الكريم ( ونذيرا ) أي منذرا مخوفا لأعدائي وأهل معصيتي بالعذاب الأليم ، قرأ
نافع ويعقوب ( ولا تسأل ) على النهي قال
عطاء عن
ابن عباس رضي الله عنهما : وذلك
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم : " ليت شعري ما فعل أبواي " فنزلت هذه الآية ، وقيل : هو على معنى قولهم ولا تسأل عن شر فلان فإنه فوق ما تحسب وليس على النهي ، وقرأ الآخرون " ولا تسأل " بالرفع على النفي بمعنى ولست بمسئول عنهم كما قال الله تعالى : "
فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب " ( 20 - آل عمران ) ، (
عن أصحاب الجحيم ) والجحيم معظم النار .