[ ص: 284 ] (
ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين ( 150 )
قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين ( 151 ) )
قوله - عز وجل - : (
ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا ) قال
أبو الدرداء : الأسف شديد الغضب . وقال
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : أسفا أي حزينا . والأسف أشد الحزن ، (
قال بئسما خلفتموني من بعدي ) أي : بئس ما عملتم بعد ذهابي ، يقال : خلفه بخير أو بشر إذا أولاه في أهله بعد شخوصه عنهم خيرا أو شرا ، (
أعجلتم ) أسبقتم (
أمر ربكم ) قال
الحسن : وعد ربكم الذي وعدكم من الأربعين ليلة . وقال
الكلبي : أعجلتم بعبادة العجل قبل أن يأتيكم أمر ربكم . (
وألقى الألواح ) التي فيها التوراة وكان حاملا لها ، فألقاها على الأرض من شدة الغضب .
قالت الرواة : كانت التوراة سبعة أسباع ، فلما ألقى الألواح تكسرت فرفعت ستة أسباعها وبقي سبع ، فرفع ما كان من أخبار الغيب ، وبقي ما فيه الموعظة والأحكام والحلال والحرام ، (
وأخذ برأس أخيه ) بذوائبه ولحيته (
يجره إليه ) وكان
هارون أكبر من
موسى بثلاث سنين وأحب إلى
بني إسرائيل من
موسى ، لأنه كان لين الغضب . ( قال )
هارون عند ذلك ( ابن أم ) قرأ
أهل الكوفة والشام هاهنا وفي طه بكسر الميم ، يريد يا ابن أمي ، فحذف ياء الإضافة وأبقيت الكسرة لتدل على الإضافة كقوله : " يا عباد " وقرأ
أهل الحجاز والبصرة وحفص : بفتح الميم على معنى يا ابن أماه .
وقيل : جعله اسما واحدا وبناه على الفتح ، كقولهم :
حضرموت ، وخمسة عشر ، ونحوهما ، وإنما قال ابن أم وكان
هارون أخاه لأبيه وأمه ليرققه ويستعطفه .
وقيل : كان أخاه لأمه دون أبيه ، (
إن القوم استضعفوني ) يعني عبدة العجل ، (
وكادوا يقتلونني ) هموا وقاربوا أن يقتلوني ، (
فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني ) في مؤاخذتك علي (
مع القوم الظالمين ) يعني عبدة العجل .
( قال )
موسى لما تبين له عذر أخيه ، (
رب اغفر لي ) ما صنعت إلى أخي ، (
ولأخي ) إن كان منه تقصير في الإنكار على عبدة العجل ، (
وأدخلنا ) جميعا (
في رحمتك وأنت أرحم الراحمين ) .