[ ص: 306 ] (
ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ( 179 )
ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ( 180 ) )
(
ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس )
أخبر الله تعالى أنه خلق كثيرا من الجن والإنس للنار ، وهم الذين حقت عليهم الكلمة الأزلية بالشقاوة ، ومن خلقه الله لجهنم فلا حيلة له في الخلاص منها .
أخبرنا
أبو بكر يعقوب بن أحمد بن محمد بن علي الصيرفي ، أنا
أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي ، أنا
أحمد بن محمد بن أبي حمزة البلخي ، حدثنا
موسى بن محمد بن الحكم الشطوي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث ، عن
طلحة بن يحيى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16270عائشة بنت طلحة عن
عائشة أم المؤمنين قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=814686أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - جنازة صبي من صبيان الأنصار ، فقالت عائشة : طوبى له عصفور من عصافير الجنة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وما يدريك؟ إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم ، وخلق النار وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم " . وقيل : اللام في قوله " لجهنم " لام العاقبة ، أي : ذرأناهم ، وعاقبة أمرهم جهنم ، كقوله تعالى :
فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا " ( القصص 8 ) ، ثم وصفهم فقال : (
لهم قلوب لا يفقهون بها ) أي لا يعلمون بها الخير والهدى . (
ولهم أعين لا يبصرون بها ) طريق الحق وسبيل الرشاد ، (
ولهم آذان لا يسمعون بها ) مواعظ القرآن فيتفكرون فيها ويعتبرون بها ، ثم ضرب لهم مثلا في الجهل والاقتصار على الأكل والشرب ، فقال : (
أولئك كالأنعام بل هم أضل ) أي : كالأنعام في أن همتهم في الأكل والشرب والتمتع بالشهوات ، بل هم أضل لأن الأنعام تميز بين المضار والمنافع ، فلا تقدم على المضار ، وهؤلاء يقدمون على النار معاندة ، مع العلم بالهلاك ، (
أولئك هم الغافلون )
قوله تعالى : (
ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) قال
مقاتل : وذلك أن رجلا دعا الله في صلاته ودعا الرحمن ، فقال بعض مشركي
مكة : إن
محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يدعون أنهم يعبدون ربا
[ ص: 307 ] واحدا ، فما بال هذا يدعو اثنين؟ فأنزل الله - عز وجل - : "
ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " . والحسنى تأنيث الأحسن كالكبرى والصغرى ، فادعوه بها .
أخبرنا
أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا
أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، أنا
أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار ، أنا
أحمد بن منصور المرادي حدثنا
عبد الرزاق حدثنا
معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17257همام بن منبه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=814687 " إن لله تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة إنه وتر يحب الوتر " .
(
وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) قرأ
حمزة : " يلحدون " - بفتح الياء والحاء حيث كان - وافقه
الكسائي في النحل ، والباقون بضم الياء وكسر الحاء ، ومعنى الإلحاد هو : الميل عن المقصد يقال : ألحد يلحد إلحادا ، ولحد يلحد لحودا : إذا مال . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12758يعقوب بن السكيت : الإلحاد هو العدول عن الحق ، وإدخال ما ليس منه فيه ، يقال : ألحد في الدين ، ولحد ، وبه قرأ
حمزة .
(
وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) هم المشركون عدلوا بأسماء الله تعالى عما هي عليه ، فسموا بها أوثانهم فزادوا ونقصوا ، فاشتقوا اللات من " الله " والعزى من " العزيز " ، ومناة من " المنان " ، هذا قول
ابن عباس ومجاهد .
وقيل : هو تسميتهم الأصنام آلهة . وروي عن
ابن عباس : يلحدون في أسمائه أي يكذبون . وقال أهل المعاني :
الإلحاد في أسماء الله : تسميته بما لم يسم به ، ولم ينطق به كتاب الله ولا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وجملته : أن
أسماء الله تعالى على التوقيف فإنه يسمى جوادا ولا يسمى سخيا ، وإن كان في معنى الجواد ، ويسمى رحيما ولا يسمى رفيقا ، ويسمى عالما ولا يسمى عاقلا وقال تعالى : "
يخادعون الله وهو خادعهم " ( النساء 142 ) وقال عز من قائل : "
ومكروا ومكر الله " ( آل عمران - 54 ) ، ولا يقال في الدعاء : يا مخادع ، يا مكار ، بل يدعى بأسمائه التي ورد بها التوقيف على وجه التعظيم ، فيقال : يا الله ، يا رحمن ، يا رحيم ، يا عزيز ، يا كريم ونحو ذلك . (
سيجزون ما كانوا يعملون ) في الآخرة .