(
وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون ( 6 ) . (
كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين ( 7 ) .
قوله تعالى : (
وإن أحد من المشركين استجارك ) أي : وإن استجارك أحد من المشركين الذين أمرتك بقتالهم وقتلهم ، أي : استأمنك بعد انسلاخ الأشهر الحرم ليسمع كلام الله . (
فأجره ) فأعذه وآمنه ، (
حتى يسمع كلام الله ) فيما له وعليه من الثواب والعقاب ، (
ثم أبلغه مأمنه ) أي : إن لم يسلم أبلغه مأمنه ، أي : الموضع الذي يأمن فيه وهو دار قومه ، فإن قاتلك بعد ذلك فقدرت عليه فاقتله ، (
ذلك بأنهم قوم لا يعلمون ) أي : لا يعلمون دين الله تعالى وتوحيده فهم محتاجون إلى سماع كلام الله . قال
الحسن : وهذه الآية محكمة إلى يوم القيامة .
قوله تعالى : (
كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله ) هذا على وجه التعجب ، ومعناه جحد ، أي : لا يكون لهم عهد عند الله ، ولا عند رسوله ، وهم يغدرون وينقضون العهد ، ثم استثنى فقال جل وعلا (
إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام ) قال
ابن عباس : هم
قريش . وقال
قتادة : هم
أهل مكة الذين عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
الحديبية .
قال الله تعالى : (
فما استقاموا لكم ) أي : على العهد ، (
فاستقيموا لهم ) فلم يستقيموا ، ونقضوا العهد ، وأعانوا
بني بكر على
خزاعة ، فضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح أربعة أشهر يختارون من أمرهم : إما أن يسلموا ، وإما أن يلحقوا بأي بلاد شاءوا ، فأسلموا قبل الأربعة الأشهر .
[ ص: 15 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي والكلبي nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق : هم من قبائل
بكر :
بنو خزيمة وبنو مدلج وبنو ضمرة وبنو الديل ، وهم الذين كانوا قد دخلوا في عهد
قريش يوم
الحديبية ، ولم يكن نقض العهد إلا
قريش وبنو الديل من
بني بكر ، فأمر
بإتمام العهد لمن لم ينقض وهم
بنو ضمرة .
وهذا القول أقرب إلى الصواب ؛ لأن هذه الآيات نزلت بعد نقض
قريش العهد وبعد فتح
مكة ، فكيف يقول لشيء قد مضى : "
فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم " ؟ وإنما هم الذين قال عز وجل : "
إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا " كما نقصتكم
قريش ، ولم يظاهروا عليكم أحدا كما ظاهرت
قريش بني بكر على
خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم . (
إن الله يحب المتقين ) .