(
يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ( 32 )
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ( 33 ) .
(
يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ) أي : يبطلوا دين الله بألسنتهم وتكذيبهم إياه . وقال
الكلبي : النور القرآن ، أي : يريدون أن يردوا القرآن بألسنتهم تكذيبا ، (
ويأبى الله إلا أن يتم نوره ) أي : يعلي دينه ويظهر كلمته ويتم الحق الذي بعث به
محمدا صلى الله عليه وسلم (
ولو كره الكافرون ) .
(
هو الذي أرسل رسوله ) يعني : الذي يأبى إلا إتمام دينه هو الذي أرسل رسوله
محمدا صلى الله عليه وسلم ، (
بالهدى ) قيل : بالقرآن . وقيل : ببيان الفرائض ، (
ودين الحق ) وهو الإسلام ، ( ليظهره )
[ ص: 40 ] ليعليه وينصره ، (
على الدين كله ) على سائر الأديان ، (
ولو كره المشركون ) .
واختلفوا في معنى هذه الآية : فقال
ابن عباس : الهاء عائدة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي : ليعلمه شرائع الدين كلها فيظهره عليها حتى لا يخفى عليه منها شيء .
وقال الآخرون : الهاء راجعة إلى دين الحق ، وظهوره على الأديان هو أن لا يدان الله تعالى إلا به . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة والضحاك : وذلك عند نزول
عيسى بن مريم لا يبقى أهل دين إلا دخل في الإسلام . وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه عن
nindex.php?page=hadith&LINKID=814781النبي صلى الله عليه وسلم في نزول عيسى عليه السلام قال : " ويهلك في زمانه الملل كلها إلا الإسلام " وروى
المقداد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=814782 " لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الإسلام إما بعز عزيز أو ذل ذليل " إما يعزهم الله فيجعلهم من أهله ، فيعز به ، أو يذلهم فيدينون له .
أخبرنا
أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13968أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا
أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب ، حدثنا
أبو جعفر محمد بن سليمان بن منصور ، حدثنا
أبو مسلم بن إبراهيم بن عبد الله الكجي ، حدثنا
أبو عاصم النبيل ، حدثنا
عبد الحميد ، هو
ابن جعفر ، عن
الأسود بن العلاء ، عن
أبي سلمة عن
عائشة رضي الله عنه قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=814783 " لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى " ، قالت : قلت : يا رسول الله ما كنت أظن أن يكون ذلك بعدما أنزل الله تعالى عليك : " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " . ثم قال : " يكون ذلك ما شاء الله ، ثم يبعث الله تعالى ريحا طيبة ، فتقبض من كان في قلبه مثقال ذرة من خير ، ثم يبقى من لا خير فيه ، فيرجع الناس إلى دين آبائهم " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل : معنى الآية ليظهره على الدين كله بالحجج الواضحة .
وقيل : ليظهره على الأديان التي حول النبي صلى الله عليه وسلم فيغلبهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : فقد أظهر الله رسوله صلى الله عليه وسلم على الأديان كلها بأن أبان لكل من سمعه أنه
[ ص: 41 ] الحق ، وما خالفه من الأديان باطل ، وقال : وأظهره بأن جماع الشرك دينان : دين
أهل الكتاب ، ودين أميين فقهر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأميين حتى دانوا بالإسلام طوعا وكرها ، وقتل
أهل الكتاب وسبى ، حتى دان بعضهم بالإسلام ، وأعطى بعضهم الجزية صاغرين ، وجرى عليهم حكمه ، فهذا ظهوره على الدين كله ، والله أعلم .