[ ص: 48 ] (
يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ( 38 )
إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير ( 39 ) .
قوله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ) الآية ، نزلت في الحث على غزوة تبوك ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من
الطائف أمر بالجهاد لغزوة
الروم ، وكان ذلك في زمان عسرة من الناس ، وشدة من الحر ، حين طابت الثمار والظلال ، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة ، غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد ، واستقبل سفرا بعيدا ، ومفاوز هائلة ، وعدوا كثيرا ، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم ، فشق عليهم الخروج وتثاقلوا فأنزل الله تعالى : ( (
يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم ) أي : قال لكم رسول الله : (
انفروا ) اخرجوا في سبيل الله (
اثاقلتم إلى الأرض ) أي : لزمتم أرضكم ومساكنكم ، (
أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ) أي : بخفض الدنيا ودعتها من نعيم الآخرة . (
فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ) .
ثم أوعدهم على ترك الجهاد ، فقال تعالى : (
إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ) في الآخرة . وقيل : هو احتباس المطر عنهم في الدنيا . وسأل
نجدة بن نفيع ابن عباس عن هذه الآية ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنفر حيا من أحياء العرب ، فتثاقلوا عليه ، فأمسك عنهم المطر ، فكان ذلك عذابهم (
ويستبدل قوما غيركم ) خيرا منكم وأطوع . قال
سعيد بن جبير : هم أبناء
فارس . وقيل : هم أهل
اليمن ، (
ولا تضروه شيئا ) بترككم النفير . (
والله على كل شيء قدير )