[ ص: 59 ] (
فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ( 55 )
ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون ( 56 )
لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون ( 57 ) .
(
فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم ) والإعجاب هو السرور بما يتعجب منه ، يقول : لا تستحسن ما أنعمنا عليهم من الأموال والأولاد لأن العبد إذا كان من الله في استدراج كثر الله ماله وولده ، (
إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا ) فإن قيل : أي تعذيب في المال والولد وهم يتنعمون بها في الحياة الدنيا؟
قيل : قال
مجاهد وقتادة : في الآية تقديم وتأخير ، تقديره : فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا ، إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة .
وقيل :
التعذيب بالمصائب الواقعة في المال والولد .
وقال
الحسن : يعذبهم بها في الدنيا بأخذ الزكاة منها والنفقة في سبيل الله . وقيل : يعذبهم بالتعب في جمعه ، والوجل في حفظه ، والكره في إنفاقه ، والحسرة على تخليفه عند من لا يحمده ، ثم يقدم على ملك لا يعذره . (
وتزهق أنفسهم ) أي : تخرج ، (
وهم كافرون ) أي : يموتون على الكفر .
(
ويحلفون بالله إنهم لمنكم ) أي : على دينكم ، (
وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون ) يخافون أن يظهروا ما هم عليه .
(
لو يجدون ملجأ ) حرزا وحصنا ومعقلا . وقال
عطاء : مهربا . وقيل : قوما يأمنون فيهم . (
أو مغارات ) غيرانا في الجبال ، جمع مغارة وهو الموضع الذي يغور فيه ، أي يستتر . وقال
عطاء : سراديب . (
أو مدخلا ) موضع دخول فيه ، وأصله مدتخل مفتعل ، من أدخل يدخل . قال
مجاهد : محرزا . وقال
قتادة : سربا . وقال
الكلبي : نفقا في الأرض كنفق اليربوع . وقال
الحسن : وجها يدخلونه على خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقرئ : ( مدخلا ) بفتح الميم وتخفيف الدال ، وكذلك قرأ
[ ص: 60 ] يعقوب ، (
لولوا إليه ) لأدبروا إليه هربا منكم ، (
وهم يجمحون ) يسرعون في إباء ونفور لا يرد وجوههم شيء . ومعنى الآية : أنهم لو يجدون مخلصا منكم ومهربا لفارقوكم .