[ ص: 120 ] (
أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ( 2 )
إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون ( 3 ) .
قوله تعالى : (
أكان للناس عجبا ) العجب : حالة تعتري الإنسان من رؤية شيء على خلاف العادة .
وسبب نزول الآية : أن الله عز وجل لما بعث
محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا قال المشركون : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا . فقال تعالى : (
أكان للناس ) يعني :
أهل مكة ، الألف فيه للتوبيخ ، (
عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم ) يعني
محمدا صلى الله عليه وسلم ، (
أن أنذر الناس ) أي : أعلمهم مع التخويف ، (
وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ) واختلفوا فيه : قال
ابن عباس : أجرا حسنا بما قدموا من أعمالهم . قال
الضحاك : ثواب صدق . وقال
الحسن : عمل صالح أسلفوه يقدمون عليه . وروى
علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس أنه قال : هو السعادة في الذكر الأول . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : هو شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم . وقال
عطاء : مقام صدق لا زوال له ، ولا بؤس فيه . وقيل : منزلة رفيعة .
وأضيف القدم إلى الصدق وهو نعته ، كقولهم : مسجد الجامع ، وحب الحصيد ، وقال
أبو عبيدة : كل سابق في خير أو شر فهو عند العرب قدم ، يقال : لفلان قدم في الإسلام ، وله عندي قدم صدق وقدم سوء ، وهو يؤنث فيقال : قدم حسنة ، وقدم صالحة . (
قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ) قرأ
نافع وأهل البصرة والشام : " لسحر " بغير ألف يعنون القرآن ، وقرأ
ابن كثير وأهل الكوفة : " لساحر " بالألف يعنون
محمدا صلى الله عليه وسلم .
قوله عز وجل : (
إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ) يقضيه وحده ، (
ما من شفيع إلا من بعد إذنه ) معناه : أن الشفعاء لا يشفعون
[ ص: 121 ] إلا بإذنه ، وهذا رد على
النضر بن الحارث فإنه كان يقول : إذا كان يوم القيامة تشفعني اللات والعزى .
قوله تعالى : (
ذلكم الله ربكم ) يعني : الذي فعل هذه الأشياء ربكم لا رب لكم غيره ، (
فاعبدوه أفلا تذكرون ) تتعظون .