صفحة جزء
[ ص: 131 ] ( والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( 27 ) ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون ( 28 ) فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين ( 29 ) هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون ( 30 ) .

( والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها ) أي : لهم مثلها ، كما قال : " ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها " ( الأنعام - 160 ) . ( وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم ) و " من " صلة ، أي : مالهم من الله عاصم ، ( كأنما أغشيت ) ألبست ، ( وجوههم قطعا ) جمع قطعة ، ( من الليل مظلما ) نصبت على الحال دون النعت ، ولذلك لم يقل : مظلمة ، تقديره : قطعا من الليل في حال ظلمته ، أو قطعا من الليل المظلم . وقرأ ابن كثير والكسائي ويعقوب : " قطعا " ساكنة الطاء ، أي بعضا ، كقوله : " بقطع من الليل " ( هود - 81 ) . ( أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) .

قوله تعالى : ( ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم ) أي : الزموا مكانكم ( أنتم وشركاؤكم ) يعني : الأوثان ، معناه : ثم نقول للذين أشركوا : الزموا أنتم وشركاؤكم مكانكم ، ولا تبرحوا . ( فزيلنا ) ميزنا وفرقنا ( بينهم ) أي : بين المشركين وشركائهم ، وقطعنا ما كان بينهم من التواصل في الدنيا ، وذلك حين يتبرأ كل معبود من دون الله ممن عبده ، ( وقال شركاؤهم ) يعني : الأصنام ، ( ما كنتم إيانا تعبدون ) بطلبتنا فيقولون : بلى ، كنا نعبدكم ، فتقول الأصنام :

( فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين ) أي : ما كنا عن عبادتكم إيانا إلا غافلين ، ما كنا نسمع ولا نبصر ولا نعقل .

قال الله تعالى : ( هنالك تبلو ) أي : تختبر . وقيل : معناه : تعلم وتقف عليه ، وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب : " تتلو " بتاءين ، أي : تقرأ ، ( كل نفس ) صحيفتها . وقيل : معناه تتبع كل نفس ( ما أسلفت ) [ ص: 132 ] ما قدمت من خير أو شر . وقيل : معناه تعاين ، ( وردوا إلى الله ) إلى حكمه فيتفرد فيهم بالحكم ، ( مولاهم الحق ) الذي يتولى ويملك أمورهم : فإن قيل : أليس قد قال : " وأن الكافرين لا مولى لهم ( محمد - 11 ) ؟ قيل : المولى هناك بمعنى الناصر ، وهاهنا بمعنى : المالك ، ( وضل عنهم ) زال عنهم وبطل ، ( ما كانوا يفترون ) في الدنيا من التكذيب .

التالي السابق


الخدمات العلمية