[ ص: 134 ] (
وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ( 37 )
أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ( 38 )
بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ( 39 )
ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين ( 40 )
وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ( 41 ) .
قوله تعالى : ( وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ) قال
الفراء : معناه : وما ينبغي لمثل هذا القرآن أن يفترى من دون الله ، كقوله تعالى : "
وما كان لنبي أن يغل " ( آل عمران - 161 ) .
وقيل : " أن " بمعنى اللام ، أي : وما كان هذا القرآن ليفترى من دون الله .
قوله : (
ولكن تصديق الذي بين يديه ) أي : بين يدي القرآن من التوراة والإنجيل .
وقيل : تصديق الذي بين يدي القرآن من القيامة والبعث ، (
وتفصيل الكتاب ) تبيين ما في الكتاب من الحلال والحرام والفرائض والأحكام ، (
لا ريب فيه من رب العالمين ) .
(
أم يقولون ) قال
أبو عبيدة : " أم " بمعنى الواو ، أي : ويقولون ، ( افتراه ) اختلق
محمد القرآن من قبل نفسه ، (
قل فأتوا بسورة مثله ) شبه القرآن (
وادعوا من استطعتم ) ممن تعبدون ، (
من دون الله ) ليعينوكم على ذلك ، (
إن كنتم صادقين ) أن
محمدا افتراه ثم قال :
(
بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ) يعني : القرآن ، كذبوا به ولم يحيطوا بعلمه ، (
ولما يأتهم تأويله ) أي : عاقبة ما وعد الله في القرآن ، أنه يئول إليه أمرهم من العقوبة ، يريد : أنهم لم يعلموا ما يئول إليه عاقبة أمرهم . (
كذلك كذب الذين من قبلهم ) أي : كما كذب هؤلاء الكفار بالقرآن كذلك كذب الذين من قبلهم من كفار الأمم الخالية ، (
فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ) آخر أمر المشركين بالهلاك .
(
ومنهم من يؤمن به ) أي : من قومك من يؤمن بالقرآن ، (
ومنهم من لا يؤمن به ) لعلم الله السابق فيهم ، (
وربك أعلم بالمفسدين ) الذين لا يؤمنون .
(
وإن كذبوك ) يا
محمد ، (
فقل لي عملي ) وجزاؤه ، (
ولكم عملكم ) وجزاؤه ، (
أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ) هذا كقوله تعالى : "
لنا أعمالنا ولكم أعمالكم " ( القصص - 55 ) ،
[ ص: 135 ] "
لكم دينكم ولي دين " ( الكافرون - 6 ) .
قال
الكلبي ومقاتل : هذه الآية منسوخة بآية الجهاد .
ثم أخبر أن التوفيق للإيمان به لا بغيره :