(
يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ( 57 )
قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ( 58 )
قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون ( 59 ) .
قوله تعالى : (
ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة ) تذكرة ، (
من ربكم وشفاء لما في الصدور ) أي : دواء للجهل ، لما في الصدور . أي : شفاء لعمى القلوب ، والصدر : موضع القلب ، وهو أعز موضع في الإنسان لجوار القلب ، ( وهدى ) من الضلالة ، (
ورحمة للمؤمنين ) والرحمة هي النعمة على المحتاج ، فإنه لو أهدى ملك إلى ملك شيئا لا يقال قد رحمه ، وإن كان ذلك نعمة لأنه لم يضعها في محتاج .
قوله تعالى : ( قل بفضل الله وبرحمته ) قال
مجاهد وقتادة : فضل الله : الإيمان ، ورحمته : القرآن . وقال
أبو سعيد الخدري : فضل الله القرآن ورحمته أن جعلنا من أهله .
وقال
ابن عمر : فضل الله : الإسلام ، ورحمته : تزيينه في القلب .
وقال
خالد بن معدان : فضل الله : الإسلام ، ورحمته : السنن .
وقيل : فضل الله : الإيمان ، ورحمته : الجنة .
(
فبذلك فليفرحوا ) أي : ليفرح المؤمنون أن جعلهم الله من أهله ، (
هو خير مما يجمعون ) أي : مما يجمعه الكفار من الأموال . وقيل : كلاهما خبر عن الكفار .
وقرأ
أبو جعفر وابن عامر : " فليفرحوا " بالياء ، و " تجمعون " بالتاء ، وقرأ
يعقوب كليهما بالتاء ، مختلف عنه خطابا للمؤمنين .
( قل ) يا
محمد لكفار
مكة ، (
أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق ) عبر عن الخلق بالإنزال ، لأن ما في الأرض من خير ، فمما أنزل الله من رزق ، من زرع وضرع ، (
فجعلتم منه حراما وحلالا ) هو ما حرموا من الحرث ومن الأنعام كالبحيرة ، والسائبة ، والوصيلة والحام . قال
الضحاك : هو قوله تعالى : "
وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا ( الأنعام - 136 ) . (
قل آلله أذن لكم ) في هذا التحريم والتحليل ، ( أم ) بل ، (
على الله تفترون ) وهو قولهم : "
والله أمرنا بها " .