[ ص: 147 ] (
وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ( 88 ) . (
قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون ( 89 ) .
قوله تعالى : ( وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة ) من متاع الدنيا ، (
وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ) اختلفوا في هذه اللام ، قيل : هي لام كي ، معناه : آتيتهم كي تفتنهم فيضلوا ويضلوا ، كقوله : "
لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه " ( الجن - 16 ) .
وقيل : هي لام العاقبة يعني : فيضلوا وتكون عاقبة أمرهم الضلال ، كقوله : "
فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا " ( القصص - 8 ) .
قوله : (
ربنا اطمس على أموالهم ) قال
مجاهد : أهلكها ، والطمس : المحق . وقال أكثر أهل التفسير : امسخها وغيرها عن هيئتها .
وقال
قتادة : صارت أموالهم وحروثهم وزروعهم وجواهرهم حجارة .
وقال
محمد بن كعب : جعل سكرهم حجارة ، وكان الرجل مع أهله في فراشه فصارا حجرين ، والمرأة قائمة تخبز فصارت حجرا .
قال
ابن عباس رضي الله عنه : بلغنا أن الدراهم والدنانير صارت حجارة منقوشة كهيئتها صحاحا وأنصافا وأثلاثا .
ودعا
عمر بن عبد العزيز بخريطة فيها أشياء من بقايا
آل فرعون فأخرج منها البيضة مشقوقة والجوزة مشقوقة وإنها لحجر .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : مسخ الله أموالهم حجارة ، والنخيل والثمار والدقيق والأطعمة ، فكانت إحدى الآيات التسع .
(
واشدد على قلوبهم ) أي : أقسها واطبع عليها حتى لا تلين ولا تنشرح للإيمان ، (
فلا يؤمنوا ) قيل : هو نصب بجواب الدعاء بالفاء . وقيل : هو عطف على قوله " ليضلوا " أي : ليضلوا فلا يؤمنوا . وقال
الفراء : هو دعاء محله جزم ، فكأنه قال : اللهم فلا يؤمنوا ، (
حتى يروا العذاب الأليم ) وهو الغرق . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : معناه أمتهم على الكفر .
( قال ) " الله تعالى
لموسى وهارون ، (
قد أجيبت دعوتكما ) إنما نسب إليهما والدعاء كان من
موسى لأنه روي أن
موسى كان يدعو
وهارون يؤمن ، والتأمين دعاء . وفي بعض القصص : كان بين دعاء
[ ص: 148 ] موسى وإجابته أربعون سنة . ( فاستقيما ) على الرسالة والدعوة ، وامضيا لأمري إلى أن يأتيهم العذاب (
ولا تتبعان ) نهي بالنون الثقيلة ، ومحله جزم ، يقال في الواحد : لا تتبعن بفتح النون ؛ لالتقاء الساكنين ، وبكسر النون في التثنية لهذه العلة . وقرأ ابن عامر بتخفيف النون لأن نون التأكيد تثقل وتخفف ، (
سبيل الذين لا يعلمون ) يعني : ولا تسلكا طريق الذين يجهلون حقيقة وعدي ، فإن وعدي لا خلف فيه ، ووعيدي نازل
بفرعون وقومه .