(
فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط ( 70 )
وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ( 71 ) .
(
فلما رأى أيديهم لا تصل إليه ) أي : إلى العجل ، (
نكرهم ) أنكرهم ، (
وأوجس ) أضمر ، (
منهم خيفة ) خوفا . قال
مقاتل : وقع في قلبه ، وأصل الوجوس : الدخول ، كان الخوف دخل قلبه . وقال
قتادة : وذلك أنهم كانوا إذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا أنه لم يأت بخير وإنما جاء بشر . (
قالوا لا تخف ) يا
إبراهيم إنا رسل ربك . يعني : ( إنا ) ملائكة الله (
أرسلنا إلى قوم لوط ) .
( وامرأته )
سارة بنت هاران بن أحور وهي ابنة عم
إبراهيم . ( قائمة ) من وراء الستر تسمع كلامهم . وقيل : كانت قائمة تخدم الرسل ،
وإبراهيم جالس معهم . ( فضحكت ) قال
مجاهد وعكرمة : ضحكت أي : حاضت في الوقت ، تقول العرب : ضحكت الأرنب ، أي : حاضت . والأكثرون على أن المراد منه الضحك المعروف .
واختلفوا في سبب ضحكها ، قيل : ضحكت لزوال الخوف عنها وعن
إبراهيم حين قالوا : لا تخف . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : لما قرب
إبراهيم الطعام إليهم فلم يأكلوا خاف
إبراهيم وظنهم لصوصا فقال لهم : ألا تأكلون؟ قالوا : إنا لا نأكل طعاما إلا بثمن ، فقال
إبراهيم : فإن له ثمنا ، قالوا : وما ثمنه؟ قال : تذكرون اسم الله على أوله وتحمدونه على آخره ، فنظر
جبريل إلى
ميكائيل وقال : حق لهذا أن يتخذه ربه خليلا . فلما رأى
إبراهيم وسارة أيديهم لا تصل إليه ضحكت
سارة ، وقالت : يا عجبا لأضيافنا إنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم وهم لا يأكلون طعامنا .
[ ص: 189 ] وقال
قتادة : ضحكت من غفلة
قوم لوط وقرب العذاب منهم .
وقال
مقاتل والكلبي : ضحكت من خوف
إبراهيم من ثلاثة في بيته وهو فيما بين خدمه وحشمه .
وقال : ضحكت سرورا بالبشارة .
وقال
ابن عباس ووهب : ضحكت تعجبا من أن يكون لها ولد على كبر سنها وسن زوجها .
وعلى هذا القول تكون الآية على التقديم والتأخير ، تقديره : وامرأته قائمة فبشرناها
بإسحاق ومن وراء
إسحاق يعقوب ، فضحكت ، وقالت : يا ويلتا أألد وأنا عجوز؟
قوله تعالى : (
فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق ) أي : من بعد
إسحاق ، ( يعقوب ) أراد به والد الولد فبشرت أنها تعيش حتى ترى ولد ولدها قرأ
ابن عامر وحمزة وحفص : " يعقوب " بنصب الباء ، أي : من وراء
إسحاق يعقوب . وقيل : بإضمار فعل ، أي : ووهبنا له من وراء
يعقوب . وقرأ الباقون بالرفع على حذف حرف الصفة . وقيل : ومن بعد
إسحاق يحدث
يعقوب ، فلما بشرت بالولد ضحكت فصكت وجهها ، أي : ضربت وجهها تعجبا .