(
فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط ( 74 )
إن إبراهيم لحليم أواه منيب ( 75 )
يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود ( 76 )
ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب ( 77 ) .
(
فلما ذهب عن إبراهيم الروع ) الخوف ، (
وجاءته البشرى )
بإسحاق ويعقوب ، ( يجادلنا في قوم لوط ) فيه إضمار ، أي : أخذ وظل يجادلنا .
قيل : معناه يكلمنا لأن
إبراهيم عليه السلام لا يجادل ربه عز وجل إنما يسأله ويطلب إليه .
وقال عامة أهل التفسير : معناه يجادل رسلنا ، وكانت مجادلته أنه قال للملائكة : أرأيتم لو كان في مدائن
لوط خمسون من المؤمنين أتهلكونهم؟ قالوا : لا ، قال : أو أربعون؟ قالوا : لا ، قال : أو ثلاثون؟ قالوا : لا ، حتى بلغ خمسة ، قالوا : لا ، قال : أرأيتم إن كان فيها رجل واحد مسلم أتهلكونها؟ قالوا : لا ، قال
إبراهيم عليه السلام عند ذلك : إن فيها
لوطا . قالوا : نحن أعلم بمن فيها ، لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين .
( إن إبراهيم لحليم أواه منيب ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : وكان في
قرى قوم لوط أربعة آلاف ألف ، فقالت الرسل عند ذلك
لإبراهيم .
(
يا إبراهيم أعرض عن هذا ) أي : أعرض عن هذا المقال ودع عنك الجدال ، (
إنه قد جاء أمر ربك ) أي : عذاب ربك وحكم ربك ، (
وإنهم آتيهم ) نازل بهم ، (
عذاب غير مردود ) أي : غير مصروف عنهم .
قوله تعالى : ( ولما جاءت رسلنا ) يعني هؤلاء الملائكة ، ( لوطا ) على صورة غلمان مرد حسان الوجوه ، ( سيء بهم ) أي : حزن
لوط بمجيئهم ، يقال : سؤته فسيء ، كما يقال : سررته فسر . ( وضاق بهم ذرعا ) أي : قلبا . يقال : ضاق ذرع فلان بكذا : إذا وقع في مكروه لا يطيق الخروج منه ، وذلك أن
لوطا عليه السلام لما نظر إلى حسن وجوههم وطيب روائحهم أشفق عليهم من قومه أن يقصدوهم بالفاحشة ، وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عنهم .
( وقال هذا يوم عصيب ) أي : شديد كأنه عصب به الشر والبلاء ، أي : شد .
[ ص: 191 ] قال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : خرجت الملائكة من عند
إبراهيم عليه السلام نحو
قرية لوط فأتوا
لوطا نصف النهار ، وهو في أرض له يعمل فيها .
وقيل : إنه كان يحتطب . وقد قال الله تعالى لهم : لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم
لوط أربع شهادات ، فاستضافوه فانطلق بهم ، فلما مشى ساعة قال لهم : ما بلغكم أمر أهل هذه القرية؟ قالوا : وما أمرهم؟ قال : أشهد بالله إنها لشر قرية في الأرض عملا . يقول ذلك أربع مرات ، فدخلوا معه منزله .
وروي : أنه حمل الحطب وتبعته الملائكة فمر على جماعة من قومه فغمزوا فيما بينهم ، فقال
لوط : إن قومي شر خلق الله ، ثم مر على قوم آخرين ، فغمزوا ، فقال مثله ، ثم مر بقوم آخرين فقال مثله ، فكان كلما قال
لوط هذا القول قال
جبريل للملائكة : اشهدوا ، حتى أتى منزله .
وروي : أن الملائكة جاءوا إلى بيت
لوط فوجدوه في داره ولم يعلم بذلك أحد إلا أهل بيت
لوط ، فخرجت امرأته فأخبرت قومها ، وقالت : إن في بيت
لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط .