[ ص: 247 ] (
قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ( 47 )
ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ( 48 )
ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ( 49 )
وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم ( 50 ) .
(
قال تزرعون سبع سنين دأبا ) هذا خبر بمعنى الأمر ، يعني : ازرعوا سبع سنين على عادتكم في الزراعة .
والدأب : العادة . وقيل : بجد واجتهاد .
وقرأ
عاصم برواية
حفص : ( دأبا ) بفتح الهمزة ، وهما لغتان ، يقال : دأبت في الأمر أدأب دأبا ودأبا إذا اجتهدت فيه . (
فما حصدتم فذروه في سنبله ) أمرهم بترك الحنطة في السنبلة لتكون أبقى على الزمان ولا تفسد (
إلا قليلا مما تأكلون ) أي : مما تدرسون قليلا للأكل ، أمرهم بحفظ الأكثر والأكل بقدر الحاجة .
(
ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد ) سمى السنين المجدبة شدادا لشدتها على الناس ( يأكلن ) أي : يفنين ويهلكن (
ما قدمتم لهن ) أي : يؤكل فيهن ما أعددتم لهن من الطعام ، أضاف الأكل إلى السنين على طريق التوسع (
إلا قليلا مما تحصنون ) تحرزون وتدخرون للبذر .
(
ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس ) أي : يمطرون ، من الغيث : وهو المطر . وقيل : ينقذون ، من قول العرب استغثت فلانا فأغاثني (
وفيه يعصرون ) قرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : " تعصرون " بالتاء ، لأن الكلام كله على الخطاب ، وقرأ الآخرون بالياء ردا إلى الناس ، ومعناه : يعصرون العنب خمرا ، والزيتون زيتا ، والسمسم دهنا . وأراد به كثرة النعيم والخير . وقال
أبو عبيدة : يعصرون أي ينجون من الكروب والجدب ، والعصر والعصرة : المنجاة والملجأ .
( وقال الملك ائتوني به ) وذلك أن الساقي لما رجع إلى الملك وأخبره بما أفتاه
يوسف من تأويل رؤياه ، وعرف الملك أن الذي قاله كائن ، قال : ائتوني به .
[ ص: 248 ]
(
فلما جاءه الرسول ) وقال له : أجب الملك ، أبى أن يخرج مع الرسول حتى تظهر براءته ثم ( قال ) للرسول : (
ارجع إلى ربك ) يعني : سيدك الملك (
فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ) ولم يصرح بذكر امرأة
العزيز أدبا واحتراما .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=814125لو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي " .
(
إن ربي بكيدهن عليم ) أي : إن الله بصنيعهن عالم ، وإنما أراد
يوسف بذكرهن بعد طول المدة حتى لا ينظر إليه الملك بعين التهمة ، ويصير إليه بعد زوال الشك عن أمره ، فرجع الرسول إلى الملك من عند
يوسف برسالته ، فدعا الملك النسوة وامرأة
العزيز .