[ ص: 276 ] (
قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم ( 95 ) . (
فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون ( 96 )
قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين ( 97 )
قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم ( 98 ) .
( قالوا ) يعني : أولاد أولاده (
تالله إنك لفي ضلالك القديم ) أي : خطئك القديم من ذكر
يوسف لا تنساه ، والضلال هو الذهاب عن طريق الصواب ، فإن عندهم أن
يوسف قد مات ويرون
يعقوب قد لهج بذكره .
(
فلما أن جاء البشير ) وهو المبشر عن
يوسف قال
ابن مسعود : جاء البشير بين يدي العير . قال
ابن عباس : هو
يهوذا .
قال
[ السدي : قال
يهوذا ] أنا ذهبت بالقميص ملطخا بالدم إلى
يعقوب فأخبرته أن
يوسف أكله الذئب ، فأنا أذهب إليه اليوم بالقميص فأخبره أن ولده حي فأفرحه كما أحزنته .
قال
ابن عباس : حمله
يهوذا وخرج حافيا حاسرا يعدو ومعه سبعة أرغفة لم يستوف أكلها حتى أتى أباه ، وكانت المسافة ثمانين فرسخا .
وقيل : البشير
مالك بن ذعر .
(
ألقاه على وجهه ) يعني : ألقى البشير قميص
يوسف على وجه
يعقوب (
فارتد بصيرا ) فعاد بصيرا بعدما كان عمي وعادت إليه قوته بعد الضعف ، وشبابه بعد الهرم ، وسروره بعد الحزن .
(
قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون ) من حياة
يوسف وأن الله يجمع بيننا .
وروي أنه قال للبشير : كيف تركت
يوسف قال : إنه ملك
مصر فقال
يعقوب : ما أصنع بالملك على أي دين تركته قال : على دين الإسلام ، قال : الآن تمت النعمة .
(
قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين ) مذنبين .
(
قال سوف أستغفر لكم ربي ) قال أكثر المفسرين : أخر الدعاء إلى السحر ، وهو الوقت الذي
[ ص: 277 ] يقول الله تعالى : " هل من داع فأستجيب له " فلما انتهى
يعقوب إلى الموعد قام إلى الصلاة بالسحر ، فلما فرغ منها رفع يديه إلى الله عز وجل وقال : اللهم اغفر لي جزعي على
يوسف وقلة صبري عنه ، واغفر لأولادي ما أتوا إلى أخيهم
يوسف فأوحى الله تعالى إليه أني قد غفرت لك ولهم أجمعين .
وعن
عكرمة ، عن
ابن عباس رضي الله عنهما : سوف أستغفر لكم [ ربي يعني ليلة الجمعة . قال
وهب : كان يستغفر لهم كل ] ليلة جمعة في نيف وعشرين سنة .
وقال
طاوس : أخر الدعاء إلى السحر من ليلة الجمعة فوافق ليلة عاشوراء . وعن
الشعبي قال : سوف أستغفر لكم ربي ، قال : أسأل
يوسف إن عفا عنكم أستغفر لكم ربي ( إنه هو الغفور الرحيم ) .
روي أن
يوسف كان قد بعث مع البشير إلى
يعقوب مائتي راحلة وجهازا كثيرا ليأتوا
بيعقوب وأهله وأولاده ، فتهيأ
يعقوب للخروج إلى
مصر فخرجوا وهم اثنان وسبعون من بين رجل وامرأة . وقال
مسروق : كانوا ثلاثة وتسعين ، فلما دنا من
مصر كلم
يوسف الملك الذي فوقه ، فخرج
يوسف والملك في أربعة آلاف من الجنود وركب
أهل مصر معهما يتلقون
يعقوب ، وكان
يعقوب يمشي وهو يتوكأ على
يهوذا فنظر إلى الخيل والناس فقال : يا
يهوذا ، هذا فرعون
مصر قال : لا هذا ابنك ، فلما دنا كل واحد من صاحبه ذهب
يوسف يبدأ بالسلام ، فقال
جبريل : لا حتى يبدأ
يعقوب بالسلام ، فقال
يعقوب : السلام عليك يا مذهب الأحزان .
وروي أنهما نزلا وتعانقا . وقال
الثوري : لما التقى
يعقوب ويوسف عليهما السلام عانق كل واحد منهما صاحبه وبكيا ، فقال
[ ص: 278 ] يوسف : يا أبت بكيت حتى ذهب بصرك ، ألم تعلم أن القيامة تجمعنا قال : بلى يا بني ، ولكن خشيت أن تسلب دينك فيحال بيني وبينك .