[ ص: 16 ] (
قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ( 26 ) (
ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين ( 27 )
الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون ( 28 ) )
قوله تعالى : (
قد مكر الذين من قبلهم ) وهو
نمرود بن كنعان ، بنى الصرح
ببابل ليصعد إلى السماء .
قال
ابن عباس ووهب : كان طول الصرح في السماء خمسة آلاف ذراع .
وقال
كعب ومقاتل : كان طوله فرسخين ، فهبت ريح وألقت رأسه في البحر ، وخر عليهم الباقي وهم تحته ، ولما سقط الصرح تبلبلت ألسن الناس من الفزع يومئذ فتكلموا بثلاثة وسبعين لسانا فلذلك سميت
بابل ، وكان لسان الناس قبل ذلك بالسريانية فذلك قوله تعالى : (
فأتى الله بنيانهم من القواعد ) أي : قصد تخريب بنيانهم من أصولها (
فخر عليهم السقف ) يعني أعلى البيوت (
من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ) من مأمنهم . (
ثم يوم القيامة يخزيهم ) يهينهم بالعذاب ، (
ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم ) تخالفون المؤمنين فيهم ، ما لهم لا يحضرونكم فيدفعون عنكم العذاب؟
وكسر
نافع النون من " تشاقون " على الإضافة ، والآخرون بفتحها .
(
قال الذين أوتوا العلم ) [ وهم المؤمنون ] (
إن الخزي ) الهوان ، (
اليوم والسوء ) أي العذاب ، ( على الكافرين ) ( الذين تتوفاهم الملائكة ) يقبض أرواحهم ملك الموت وأعوانه ، قرأ
حمزة " يتوفاهم " بالياء وكذا ما بعده ، ( ظالمي أنفسهم ) بالكفر ، ونصب على الحال أي : في حال كفرهم ، (
فألقوا السلم )
[ ص: 17 ] أي استسلموا وانقادوا وقالوا : (
ما كنا نعمل من سوء ) شرك ، فقال لهم الملائكة : (
بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون ) قال
عكرمة : عنى بذلك من قتل من الكفار
ببدر .