(
تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم ( 63 )
وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ( 64 ) (
والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون ( 65 )
وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ( 66 ) )
(
تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك ) كما أرسلنا إلى هذه الأمة ، (
فزين لهم الشيطان أعمالهم ) الخبيثة ، (
فهو وليهم ) ناصرهم ، ( اليوم ) وقرينهم ، سماه وليا لهم ، لطاعتهم إياه ، ( ولهم عذاب أليم ) في الآخرة . (
وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه ) من الدين والأحكام ، ( وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) أي : ما أنزلنا عليك الكتاب إلا بيانا وهدى ورحمة ، فالهدى والرحمة عطف على قوله " لتبين " . (
والله أنزل من السماء ماء ) يعني المطر : ( فأحيا به الأرض ) بالنبات ، ( بعد موتها ) يبوستها ، (
إن في ذلك لآية لقوم يسمعون ) سمع القلوب لا سمع الآذان . (
وإن لكم في الأنعام لعبرة ) لعظة ، ( نسقيكم ) بفتح النون هاهنا وفي المؤمنين ، قرأ
نافع وابن عامر وأبو بكر ويعقوب والباقون بضمها وهما لغتان . (
مما في بطونه ) قال
الفراء : رد الكناية إلى النعم ، والنعم والأنعام واحد .
ولفظ النعم مذكر ، قال
أبو عبيدة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13674والأخفش : النعم يذكر ويؤنث ، فمن أنث فلمعنى الجمع ،
[ ص: 28 ] ومن ذكر فلحكم اللفظ .
قال
الكسائي : رده إلى " ما " يعني في بطون ما ذكرنا .
وقال
المؤرج : الكناية مردودة إلى البعض والجزء ، كأنه قال نسقيكم مما في بطونه اللبن ، إذ ليس لكلها لبن ، واللبن فيه مضمر .
(
من بين فرث ) وهو ما في الكرش من الثقل ، فإذا خرج منه لا يسمى فرثا ، (
ودم لبنا خالصا ) من الدم والفرث ليس عليه لون دم ولا رائحة فرث .
(
سائغا للشاربين ) هنيئا يجري على السهولة في الحلق .
وقيل : إنه لم يغص أحد باللبن قط .
قال
ابن عباس : إذا أكلت الدابة العلف واستقر في كرشها وطحنته فكان أسفله فرثا ، وأوسطه اللبن ، وأعلاه الدم ، والكبد مسلطة عليها ، تقسمها بتقدير الله تعالى ، فيجري الدم في العروق ، واللبن في الضرع ، ويبقى الفرث كما هو .