(
فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ( 5 )
ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ( 6 )
إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ( 7 ) )
(
فإذا جاء وعد أولاهما ( يعني : أولى المرتين .
قال
قتادة : إفسادهم في المرة الأولى ما خالفوا من أحكام التوراة ، وركبوا المحارم .
وقال
ابن إسحاق : إفسادهم في المرة الأولى قتل
شعياء بين الشجرة وارتكابهم المعاصي .
(
بعثنا عليكم عبادا لنا ( قال
قتادة : يعني
جالوت الجزري وجنوده وهو الذي قتله
داود .
وقال
سعيد بن جبير : يعني
سنجاريب من
أهل نينوى .
وقال
ابن إسحاق :
بختنصر البابلي وأصحابه . وهو الأظهر .
( أولي بأس ( ذوي بطش ، ( شديد ( في الحرب ، ( فجاسوا ( أي فطافوا وداروا (
خلال الديار ( وسطها يطلبونكم ويقتلونكم والجوس طلب الشيء بالاستقصاء . قال
الفراء : جاسوا : قتلوكم بين بيوتكم .
(
وكان وعدا مفعولا ( قضاء كائنا لا خلف فيه . (
ثم رددنا لكم الكرة ( يعني : الرجعة والدولة ، (
عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ( عددا ، أي من ينفر معهم وعاد البلد أحسن مما كان . (
إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم ( أي : لها ثوابها ، (
وإن أسأتم فلها ( أي : فعليها كقوله تعالى : "
فسلام لك " ( الواقعة - 91 ) أي : عليك وقيل : فلها الجزاء والعقاب .
[ ص: 80 ]
( فإذا جاء وعد الآخرة ( أي : المرة الأخيرة من إفسادكم ، وذلك قصدهم قتل
عيسى عليه السلام حين رفع ، وقتلهم
يحيى بن زكريا عليهما السلام ، فسلط الله عليهم
الفرس والروم خردوش وطيطوس حتى قتلوهم وسبوهم ونفوهم عن ديارهم ، فذلك قوله تعالى (
ليسوءوا وجوهكم ( أي : تحزن وجوهكم وسوء الوجه بإدخال الغم والحزن .
قرأ
الكسائي [
ويعقوب ] . " لنسوء " بالنون وفتح الهمزة على التعظيم كقوله : " وقضينا " و " بعثنا " وقرأ
ابن عامر وحمزة وأبو بكر بالياء [ وفتح ] الهمزة [ على التوحيد ] أي : ليسوء الله وجوهكم وقيل : ليسوء الوعد وجوهكم .
وقرأ الباقون بالياء وضم الهمزة على الجمع أي ليسوء العباد أولوا البأس الشديد وجوهكم . (
وليدخلوا المسجد ( يعني :
بيت المقدس ونواحيه (
كما دخلوه أول مرة وليتبروا ( وليهلكوا (
ما علوا ( أي : ما غلبوا عليه من بلادكم ( تتبيرا (