510 حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال قال حدثنا أبو بكر عن nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان قال nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح بن كيسان حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عبد الرحمن وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=17191ونافع مولى عبد الله بن عمر عن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر أنهما حدثاه nindex.php?page=hadith&LINKID=650502عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم
قوله ( باب الإبراد بالظهر في شدة الحر ) قدم المصنف باب الإبراد على باب وقت الظهر ؛ لأن لفظ الإبراد يستلزم أن يكون بعد الزوال لا قبله ، إذ وقت الإبراد هو ما إذا انحطت قوة الوهج من حر الظهيرة ، فكأنه أشار إلى أول وقت الظهر . أو أشار إلى حديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة قال " كان بلال يؤذن الظهر إذا دحضت الشمس " أي مالت .
قوله ( حدثنا أيوب ) هو ابن سليمان بن بلال كما في رواية أبي ذر ، وأبو بكر هو ابن أبي أويس وهو من أقران أيوب nindex.php?page=showalam&ids=16036وسليمان هو ابن بلال والد أيوب ، روى أيوب عنه تارة بواسطة وتارة بلا واسطة .
قوله ( حدثنا الأعرج عبد الرحمن وغيره ) هو أبو سلمة بن عبد الرحمن فيما أظن وقد رواه أبو نعيم في المستخرج من وجه آخر عن أيوب بن سليمان فلم يقل فيه " وغيره " . والإسناد كله مدنيون .
قوله ( ونافع ) هو بالرفع عطفا على nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج وهو من رواية صالح بن كيسان عن نافع ، وقد روى ابن ماجه من طريق عبد الرحمن الثقفي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر بعضه " أبردوا بالظهر " وروى السراج من هذا الوجه بعضه " شدة الحر من فيح جهنم " .
قوله ( أنهما ) أي nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر حدثاه ) أي حدثا من حدث صالح بن كيسان ، ويحتمل أن يكون ضمير أنهما يعود على nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج ونافع ، أي أن nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج ونافعا حدثاه أي صالح بن كيسان عن شيخيهما بذلك . ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي " أنهما حدثا " بغير ضمير فلا يحتاج إلى التقدير المذكور .
قوله ( إذا اشتد ) أصله اشتدد بوزن افتعل من الشدة ثم أدغمت إحدى الدالين في الأخرى ، ومفهومه أن الحر إذا لم يشتد لم يشرع الإبراد ، وكذا لا يشرع في البرد من باب الأولى .
[ ص: 21 ] قوله ( فأبردوا ) بقطع الهمزة وكسر الراء ، أي أخروا إلى أن يبرد الوقت . يقال أبرد إذا دخل في البرد كأظهر إذا دخل في الظهيرة ، ومثله في المكان أنجد إذا دخل نجدا ، وأتهم إذا دخل تهامة . والأمر بالإبراد أمر استحباب ، وقيل أمر إرشاد ، وقيل بل هو للوجوب .
حكاه عياض وغيره وغفل الكرماني فنقل الإجماع على عدم الوجوب ، نعم قال جمهور أهل العلم يستحب تأخير الظهر في شدة الحر إلى أن يبرد الوقت وينكسر الوهج ، وخصه بعضهم بالجماعة ، فأما المنفرد فالتعجيل في حقه أفضل ، وهذا قول أكثر المالكية nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي أيضا لكن خصه بالبلد الحار وقيد الجماعة بما إذا كانوا ينتابون مسجدا من بعد ، فلو كانوا مجتمعين أو كانوا يمشون في كن فالأفضل في حقهم التعجيل ، والمشهور عن أحمد التسوية من غير تخصيص ولا قيد ، وهو قول إسحاق والكوفيين وابن المنذر واستدل له الترمذي بحديث أبي ذر الآتي بعد هذا ؛ لأن في روايته أنهم كانوا في سفر ، وهي رواية للمصنف أيضا ستأتي قريبا ، قال : فلو كان على ما ذهب إليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لم يأمر بالإبراد لاجتماعهم في السفر وكانوا لا يحتاجون إلى أن ينتابوا من البعد .
قال الترمذي والأول أولى للاتباع . وتعقبه الكرماني بأن العادة في العسكر الكثير تفرقتهم في أطراف المنزل للتخفيف وطلب الرعي فلا نسلم اجتماعهم في تلك الحالة . انتهى . وأيضا فلم تجر عادتهم باتخاذ خباء كبير يجمعهم ، بل كانوا يتفرقون في ظلال الشجر ، وليس هناك كن يمشون فيه ، فليس في سياق الحديث ما يخالف ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وغايته أنه استنبط من النص العام - وهو الأمر بالإبراد - معنى يخصصه ، وذلك جائز على الأصح في الأصول ، لكنه مبني على أن العلة في ذلك تأذيهم بالحر في طريقهم وللمتمسك بعمومه أن يقول : العلة فيه تأذيهم بحر الرمضاء في جباههم حالة السجود ، ويؤيده حديث أنس " كنا إذا صلينا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر " رواه أبو عوانة في صحيحه بهذا اللفظ وأصله في مسلم ، وفي حديث أنس أيضا في الصحيحين نحوه وسيأتي قريبا . والجواب عن ذلك أن العلة الأولى أظهر ، فإن الإبراد لا يزيل الحر عن الأرض ، وذهب بعضهم إلى أن تعجيل الظهر أفضل مطلقا . وقالوا : معنى أبردوا صلوا في أول الوقت أخذا من برد النهار وهو أوله ، وهو تأويل بعيد ، ويرده قوله " فإن شدة الحر من فيح جهنم " إذ التعليل بذلك يدل على أن المطلوب التأخير ، وحديث أبي ذر الآتي صريح في ذلك حيث قال " انتظر انتظر " والحامل لهم على ذلك حديث خباب nindex.php?page=hadith&LINKID=842013شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا أي فلم يزل شكوانا ، وهو حديث صحيح رواه مسلم .
وتمسكوا أيضا بالأحاديث الدالة على فضيلة أول الوقت ، وبأن الصلاة حينئذ أكثر مشقة فتكون أفضل والجواب عن حديث خباب أنه محمول على أنهم طلبوا تأخيرا زائدا عن وقت الإبراد وهو زوال حر الرمضاء ، وذلك قد يستلزم خروج الوقت ، فلذلك لم يجبهم ، أو هو منسوخ بأحاديث الإبراد فإنها متأخرة عنه واستدل له nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي بحديث المغيرة بن شعبة قال nindex.php?page=hadith&LINKID=842014كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالهاجرة ، ثم قال لنا أبردوا بالصلاة الحديث ، وهو حديث رجاله ثقات رواه أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان . ونقل الخلال عن أحمد أنه قال : هذا آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وجمع بعضهم بين الحديثين بأن الإبراد رخصة والتعجيل أفضل ، وهو قول من قال إنه أمر إرشاد ، وعكسه بعضهم فقال : الإبراد أفضل . وحديث خباب يدل على الجواز وهو الصارف للأمر عن الوجوب . كذا قيل وفيه نظر ؛ لأن ظاهره المنع [ ص: 22 ] من التأخير . وقيل معنى قول خباب " فلم يشكنا " أي فلم يحوجنا إلى شكوى بل أذن لنا في الإبراد ، حكي عن ثعلب ، ويرده أن في الخبر زيادة رواها ابن المنذر بعد قوله " فلم يشكنا " وقال " إذا زالت الشمس فصلوا " وأحسن الأجوبة كما قال المازري الأول ، والجواب عن أحاديث أول الوقت أنها عامة أو مطلقة والأمر بالإبراد خاص فهو مقدم ، ولا التفات إلى من قال التعجيل أكثر مشقة فيكون أفضل ؛ لأن الأفضلية لم تنحصر في الأشق ، بل قد يكون الأخف أفضل كما في قصر الصلاة في السفر .
قوله ( بالصلاة ) كذا للأكثر ، والباء للتعدية وقيل زائدة . ومعنى أبردوا أخروا على سبيل التضمين أي أخروا الصلاة . وفي رواية الكشميهني " عن الصلاة " فقيل زائدة أيضا أو عن بمعنى الباء ، أو هي للمجاوزة أي تجاوزوا وقتها المعتاد إلى أن تنكسر شدة الحر ، والمراد بالصلاة الظهر ؛ لأنها الصلاة التي يشتد الحر غالبا في أول وقتها ، وقد جاء صريحا في حديث أبي سعيد كما سيأتي آخر الباب ، فلهذا حمل المصنف في الترجمة المطلق على المقيد والله أعلم . وقد حمل بعضهم الصلاة على عمومها بناء على أن المفرد المعرف يعم ، فقال به أشهب في العصر ، وقال به أحمد في رواية عنه في الشتاء حيث قال : تؤخر في الصيف دون الشتاء ، ولم يقل أحد به في المغرب ولا في الصبح لضيق وقتهما .
قوله ( فإن شدة الحر ) تعليل لمشروعية التأخير المذكور ، وهل الحكمة فيه دفع المشقة لكونها قد تسلب الخشوع ؟ وهذا أظهر ، أو كونها الحالة التي ينتشر فيها العذاب ؟ ويؤيده حديث nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عبسة عند مسلم حيث قال له nindex.php?page=hadith&LINKID=842015أقصر عن الصلاة عند استواء الشمس فإنها ساعة تسجر فيها جهنم وقد استشكل هذا بأن الصلاة سبب الرحمة ففعلها مظنة لطرد العذاب . فكيف أمر بتركها ؟ وأجاب عنه أبو الفتح اليعمري بأن التعليل إذا جاء من جهة الشارع وجب قبوله وإن لم يفهم معناه واستنبط له الزين بن المنير معنى يناسبه فقال : وقت ظهور أثر الغضب لا ينجع فيه الطلب إلا ممن أذن له فيه والصلاة لا تنفك عن كونها طلبا ودعاء فناسب الاقتصار عنها حينئذ . واستدل بحديث الشفاعة حيث اعتذر الأنبياء كلهم للأمم بأن الله تعالى غضب غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله سوى نبينا - صلى الله عليه وسلم - فلم يعتذر بل طلب لكونه أذن له في ذلك .
ويمكن أن يقال : سجر جهنم سبب فيحها وفيحها سبب وجود شدة الحر وهو مظنة المشقة التي هي مظنة سلب الخشوع فناسب أن لا يصلى فيها . لكن يرد عليه أن سجرها مستمر في جميع السنة والإبراد مختص بشدة الحر فهما متغايران ، فحكمة الإبراد دفع المشقة ، وحكمة الترك وقت سجرها لكونه وقت ظهور أثر الغضب والله أعلم .
قوله ( من فيح جهنم ) أي من سعة انتشارها وتنفسها ، ومنه مكان أفيح أي متسع ، وهذا كناية عن شدة استعارها ، وظاهره أن مثار وهج الحر في الأرض من فيح جهنم حقيقة ، وقيل هو من مجاز التشبيه ، أي كأنه نار جهنم في الحر ، والأول أولى . ويؤيده الحديث الآتي : nindex.php?page=hadith&LINKID=842016اشتكت النار إلى ربها فأذن لها بنفسين وسيأتي البحث فيه .