[ ص: 513 ] قوله ( كتاب الذبائح والصيد ) كذا لكريمة والأصيلي ورواية عن أبي ذر ، وفي أخرى له ولأبي الوقت " باب " وسقط للنسفي ، وثبتت له البسملة لاحقة ، ولأبي الوقت سابقة .
[ ص: 514 ] قوله ( باب التسمية على الصيد ) سقط " باب " لكريمة والأصيلي وأبي ذر ، وثبت للباقين . والصيد في الأصل مصدر صاد يصيد صيدا ، وعومل معاملة الأسماء فأوقع على الحيوان المصاد .
قوله ( قال ابن عباس : العقود العهود ، ما أحل وحرم ) وصله ابن أبي حاتم أتم منه من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال في قوله تعالى ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود : يعني بالعهود ، ما أحل الله وما حرم وما فرض وما حد في القرآن ، ولا تغدروا ولا تنكثوا . وأخرجه الطبري من هذا الوجه مفرقا ، ونقل مثله عن مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي وجماعة ، ونقل عن قتادة : المراد ما كان في الجاهلية من الحلف . ونقل عن غيره : هي العقود التي يتعاقدها الناس . قال : والأول أولى ، لأن الله أتبع ذلك البيان عما أحل وحرم ، قال : والعقود جمع عقد ، وأصل عقد الشيء بغيره وصله به كما يعقد الحبل بالحبل .
قوله ( يجرمنكم : يحملنكم ) يعني قوله تعالى ولا يجرمنكم شنآن قوم أي لا يحملنكم بغض قوم على العدوان ، وقد وصله ابن أبي حاتم أيضا من الوجه المذكور إلى ابن عباس ، وحكى الطبري عن غيره غير ذلك لكنه راجع إلى معناه .
قوله ( المنخنقة إلخ ) وصله nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بتمامه من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وقال في آخره " فما أدركته من هذا يتحرك له ذنب أو تطرف له عين فاذبح واذكر اسم الله عليه فهو حلال " وأخرجه الطبري من هذا الوجه بلفظ " المنخنقة التي تخنق فتموت ، والموقوذة التي تضرب بالخشب حتى يوقذها فتموت ، والمتردية التي تتردى من الجبل ، والنطيحة الشاة تنطح الشاة ، وما أكل السبع ما أخذ السبع ، إلا ما ذكيتم إلا ما أدركتم ذكاته من هذا كله يتحرك له ذنب أو تطرف له عين فاذبح واذكر اسم الله عليه فهو حلال " ومن وجه آخر عن ابن عباس أنه قرأ " وأكيل السبع " ومن طريق قتادة " كل ما ذكر غير الخنزير إذا أدركت منه عينا تطرف أو ذنبا يتحرك أو قائمة ترتكض فذكيته فقد أحل لك " ومن طريق علي نحو قول ابن عباس ، ومن طريق قتادة : كان أهل الجاهلية يضربون الشاة بالعصا حتى إذا ماتت أكلوها قال : والمتردية التي تتردى في البئر .
قوله ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15926زكريا ) هو ابن أبي زائدة ، nindex.php?page=showalam&ids=14577وعامر هو الشعبي ، وهذا السند كوفيون .
قوله ( عن nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم ) هو الطائي ، في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق عيسى بن يونس عن زكريا حدثنا عامر حدثنا عدي قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي ذكرته بقوله " حدثنا عامر حدثنا عدي " يشير إلى أن زكريا مدلس وقد عنعنه . [ ص: 515 ] قلت : وسيأتي في رواية عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي " سمعت عدي بن حاتم " وفي رواية سعيد بن مسروق " حدثني الشعبي سمعت عدي بن حاتم وكان لنا جارا ودخيلا وربيطا بالنهرين " أخرجه مسلم ، وأبوه حاتم هو المشهور بالجود ، وكان هو أيضا جوادا ، وكان إسلامه سنة الفتح ، وثبت هو وقومه على الإسلام ، وشهد الفتوح بالعراق ، ثم كان مع علي وعاش إلى سنة ثمان وستين .
قوله ( المعراض ) بكسر الميم وسكون المهملة وآخره معجمة ، قال الخليل وتبعه جماعة : سهم لا ريش له ولا نصل . وقال ابن دريد وتبعه ابن سيده : سهم طويل له أربع قذذ رقاق ، فإذا رمى به اعترض . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : المعراض نصل عريض له ثقل ورزانة ، وقيل عود رقيق الطرفين غليظ الوسط وهو المسمى بالحذافة ، وقيل خشبة ثقيلة آخرها عصا محدد رأسها وقد لا يحدد ; وقوى هذا الأخير النووي تبعا لعياض ، وقال القرطبي : إنه المشهور . وقال ابن التين : المعراض عصا في طرفها حديدة يرمي الصائد بها الصيد ، فما أصاب بحده فهو ذكي فيؤكل ، وما أصاب بغير حده فهو وقيذ .
قوله ( وما أصاب بعرضه فهو وقيذ ) في رواية ابن أبي السفر عن الشعبي في الباب الذي يليه " nindex.php?page=hadith&LINKID=846217بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل " وقيذ بالقاف وآخره ذال معجمة وزن عظيم ، فعيل بمعنى مفعول ، وهو ما قتل بعصا أو حجر أو ما لا حد له ، والموقوذة تقدم تفسيرها وأنها التي تضرب بالخشبة حتى تموت . ووقع في رواية همام بن الحارث عن عدي الآتية بعد باب " nindex.php?page=hadith&LINKID=846218قلت إنا نرمي بالمعراض قال : كل ما خزق " وهو بفتح المعجمة والزاي بعدها قاف أي نفذ ، يقال سهم خازق أي نافذ ، ويقال بالسين المهملة بدل الزاي ، وقيل الخزق - بالزاي وقيل تبدل سينا - الخدش ولا يثبت فيه ، فإن قيل بالراء فهو أن يثقبه . وحاصله أن السهم وما في معناه إذا أصاب الصيد بحده حل وكانت تلك ذكاته ، وإذا أصابه بعرضه لم يحل لأنه في معنى الخشبة الثقيلة والحجر ونحو ذلك من المثقل ، وقوله " بعرضه " بفتح العين أي بغير طرفه المحدد ، وهو حجة للجمهور في التفصيل المذكور ، وعن الأوزاعي وغيره من فقهاء الشام حل ذلك ، وسيأتي في الباب الذي يليه إن شاء الله تعالى .
وذهب أحمد في الراجح عنه nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وطائفة إلى أنها واجبة لجعلها شرطا في حديث عدي ، ولإيقاف الإذن في الأكل عليها في حديث أبي ثعلبة ، والمعلق بالوصف ينتفي عند انتفائه عند من يقول بالمفهوم ، والشرط أقوى من الوصف ، ويتأكد القول بالوجوب بأن الأصل تحريم الميتة ، وما أذن فيه منها تراعى صفته ، فالمسمى عليها وافق الوصف وغير المسمى باق على أصل التحريم . وذهب أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وجماهير العلماء إلى الجواز لمن تركها ساهيا لا عمدا ، لكن اختلف عن المالكية : هل تحرم أو تكره ؟ وعند الحنفية تحرم ، وعند الشافعية في العمد ثلاثة أوجه : أصحها يكره الأكل ، وقيل خلاف الأولى ، وقيل يأثم بالترك ولا يحرم الأكل . والمشهور عن أحمد التفرقة بين الصيد والذبيحة ، فذهب في الذبيحة إلى هذا القول الثالث ، وسيأتي حجة من لم يشترطه فيها في الذبائح مفصلة ، وفيه إباحة الاصطياد بالكلاب المعلمة ، واستثنى أحمد وإسحاق الكلب الأسود وقالا : لا يحل الصيد به لأنه شيطان ونقل عن الحسن وإبراهيم وقتادة نحو ذلك . وفيه جواز أكل ما أمسكه الكلب بالشروط المتقدمة ولو لم يذبح لقوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=846227إن أخذ الكلب ذكاة " فلو قتل الصيد بظفره أو نابه حل ، وكذا بثقله على أحد القولين nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي وهو الراجح عندهم ، وكذا لو لم يقتله الكلب لكن تركه وبه رمق ولم يبق زمن يمكن صاحبه فيه لحاقه وذبحه فمات حل ، لعموم قوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=846227فإن أخذ الكلب ذكاة " وهذا في المعلم ، فلو وجده حيا حياة مستقرة وأدرك ذكاته لم يحل إلا بالتذكية ، فلو لم يذبحه مع الإمكان حرم ، سواء كان عدم الذبح اختيارا أو إضرارا كعدم حضور آلة الذبح ، فإن كان الكلب غير معلم اشترط إدراك تذكيته ، فلو أدركه ميتا لم يحل . وفيه أنه لا يحل أكل ما شاركه فيه كلب آخر في اصطياده ، ومحله ما إذا استرسل بنفسه أو أرسله من ليس من أهل الذكاة ، فإن تحقق أنه أرسله من هو من أهل الذكاة حل ، ثم ينظر فإن أرسلهما معا فهو لهما وإلا فللأول ، ويؤخذ ذلك من التعليل في قوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=846228فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره " فإنه يفهم منه أن المرسل لو سمى على الكلب لحل .
وقال ابن التين : قال بعض أصحابنا هـو عام فيحمل على الذي أدركه ميتا من شدة العدو أو من الصدمة فأكل منه ، لأنه صار على صفة لا يتعلق بها الإرسال ولا الإمساك على صاحبه ، قال : ويحتمل أن يكون معنى قوله " فإن أكل فلا تأكل أي لا يوجد منه غير مجرد الأكل دون إرسال الصائد له ، وتكون هذه الجملة مقطوعة عما قبلها . ولا يخفى تعسف هذا وبعده . وقال ابن القصار : مجرد إرسالنا الكلب إمساك علينا ، لأن الكلب لا نية له ولا يصح منه ميزها ، وإنما يتصيد بالتعليم ; فإذا كان الاعتبار بأن يمسك علينا أو على نفسه واختلف الحكم في ذلك وجب أن يتميز ذلك بنية من له نية وهو مرسله ، فإذا أرسله فقد أمسك عليه وإذا لم يرسله لم يمسك عليه ، كذا قال : ولا يخفى بعده أيضا ومصادمته لسياق الحديث . وقد قال الجمهور : إن معنى قوله أمسكن عليكم صدن لكم ، وقد جعل الشارع أكله منه علامة على أنه أمسك لنفسه لا لصاحبه فلا يعدل عن ذلك ، وقد وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12508لابن أبي شيبة " nindex.php?page=hadith&LINKID=846232إن شرب من دمه فلا تأكل فإنه لم يعلم ما علمته " وفي هذا إشارة إلى أنه إذا شرع في أكله دل على أنه ليس بمعلم التعليم المشترط . وسلك بعض المالكية الترجيح فقال : هذه اللفظة ذكرها الشعبي ولم يذكرها هـمام ، وعارضها حديث أبي ثعلبة ، وهذا ترجيح مردود لما تقدم . وتمسك بعضهم بالإجماع على جواز أكله إذا أخذه الكلب بفيه وهم بأكله فأدرك قبل أن يأكل ، قال فلو كان أكله منه دالا على أنه أمسك على نفسه لكان تناوله بفيه وشروعه في أكله كذلك ، ولكن يشترط أن يقف الصائد حتى ينظر هل يأكل أو لا والله أعلم . وفيه إباحة الاصطياد للانتفاع بالصيد للأكل والبيع وكذا اللهو ، بشرط قصد التذكية والانتفاع ، وكرهه مالك ، وخالفه . الجمهور .
قال الليث : لا أعلم حقا أشبه بباطل منه ، فلو لم يقصد الانتفاع به حرم لأنه من الفساد في الأرض بإتلاف نفس عبثا . وينقدح أن يقال : يباح ، فإن لازمه وأكثر منه كره ، لأنه قد يشغله عن بعض الواجبات وكثير من المندوبات . وأخرج الترمذي من حديث ابن عباس رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=846233من سكن البادية جفا ، ومن اتبع الصيد غفل وله شاهد عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند الترمذي أيضا وآخر عند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في " الأفراد " من حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب وقال : تفرد به شريك . وفيه جواز اقتناء الكلب المعلم للصيد ، وسيأتي البحث فيه في حديث " nindex.php?page=hadith&LINKID=846234من اقتنى كلبا " واستدل به على جواز بيع كلب الصيد للإضافة في قوله " كلبك " وأجاب من منع بأنها إضافة اختصاص ، واستدل به على طهارة سؤر كلب الصيد دون غيره من الكلاب للإذن في الأكل من الموضع الذي أكل منه ، ولم يذكر الغسل ولو كان واجبا لبينه لأنه وقت الحاجة إلى البيان . وقال بعض العلماء : يعفى عن [ ص: 518 ] معض الكلب ولو كان نجسا لهذا الحديث ، وأجاب من قال بنجاسته بأن وجوب الغسل كان قد اشتهر عندهم وعلم فاستغنى عن ذكره ، وفيه نظر ، وقد يتقوى القول بالعفو لأنه بشدة الجري يجف ريقه فيؤمن معه ما يخشى من إصابة لعابه موضع العض ، واستدل بقوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=846235كل ما أمسك عليك " بأنه لو أرسل كلبه على صيد فاصطاد غيره حل ، للعموم الذي في قوله " ما أمسك " وهذا قول الجمهور ، وقال مالك : لا يحل ، وهو رواية البويطي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
" تنبيه " :
قال ابن المنير ليس في جميع ما ذكر من الآي والأحاديث تعرض للتسمية المترجم عليها إلا آخر حديث عدي ، فكأنه عده بيانا لما أجملته الأدلة من التسمية ، وعند الأصوليين خلاف في المجمل إذا اقترنت به قرينة لفظية مبينة هل يكون ذلك الدليل المجمل معها أو إياها خاصة ؟ انتهى . وقوله " الأحاديث " يوهم أن في الباب عدة أحاديث ، وليس كذلك لأنه لم يذكر فيه إلا حديث عدي ، نعم ذكر فيه تفاسير ابن عباس فكأنه عدها أحاديث ، وبحثه في التسمية المذكورة في آخر حديث عدي مردود ، وليس ذلك مراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وإنما جرى على عادته في الإشارة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث الذي يورده ، وقد أورد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بعده بقليل من طريق ابن أبي السفر عن الشعبي " nindex.php?page=hadith&LINKID=846236إذا أرسلت كلبك وسميت فكل " ومن رواية بيان عن الشعبي " nindex.php?page=hadith&LINKID=846237إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فكل " فلما كان الأخذ بقيد " المعلم " متفقا عليه وإن لم يذكر في الطريق الأولى كانت التسمية كذلك ، والله أعلم