باب قول الله تعالى أحل لكم صيد البحر وقال عمر صيده ما اصطيد وطعامه ما رمى به وقال أبو بكر الطافي حلال وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس طعامه ميتته إلا ما قذرت منها والجري لا تأكله اليهود ونحن نأكله وقال شريح صاحب النبي صلى الله عليه وسلم كل شيء في البحر مذبوح وقال عطاء أما الطير فأرى أن يذبحه وقال ابن جريج قلت لعطاء صيد الأنهار وقلات السيل أصيد بحر هو قال نعم ثم تلا هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وركب الحسن عليه السلام على سرج من جلود كلاب الماء وقال الشعبي لو أن أهلي أكلوا الضفادع لأطعمتهم ولم ير الحسن بالسلحفاة بأسا وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كل من صيد البحر نصراني أو يهودي أو مجوسي وقال nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء في المري ذبح الخمر النينان والشمس
قوله ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ) هو ابن الخطاب ( صيده ما اصطيد ، وطعامه ما رمى به ) وصله المصنف في " التاريخ " nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : لما قدمت البحرين سألني أهلها عما قذف البحر فأمرتهم أن يأكلوه ، فلما قدمت على عمر - فذكر قصة - قال فقال عمر قال الله عز وجل في كتابه أحل لكم صيد البحر وطعامه فصيده ما صيد ، وطعامه ما قذف به " .
قوله ( وقال أبو بكر ) هو الصديق ( الطافي حلال ) وصله أبو بكر بن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني من رواية عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن ابن عباس قال : أشهد على أبي بكر أنه قال " السمكة الطافية حلال " زاد nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي " لمن أراد أكله " وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وكذا عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري منها وفي بعضها " أشهد على أبي بكر أنه أكل السمك الطافي على الماء " اهـ والطافي بغير همز من طفا يطفو إذا علا الماء ولم يرسب ، nindex.php?page=showalam&ids=14269وللدارقطني من وجه آخر عن ابن عباس عن أبي بكر : إن الله ذبح لكم ما في البحر ، فكلوه كله فإنه ذكي .
قوله ( وقال ابن عباس : طعامه ميتته إلا ما قذرت منها ) وصله الطبري من طريق أبي بكر بن حفص عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى أحل لكم صيد البحر وطعامه قال طعامه ميتته . وأخرج عبد الرزاق من وجه آخر عن ابن عباس وذكر صيد البحر : لا تأكل منه طافيا . في سنده الأجلح وهو لين ، ويوهنه حديث ابن عباس الماضي قبله .
قوله ( والجري لا تأكله اليهود ونحن نأكله ) وصله عبد الرزاق عن الثوري عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس أنه سأل عن الجري فقال : لا بأس به ، إنما هـو كرهته اليهود ، وأخرجه ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن الثوري به ، وقال في روايته : سألت ابن عباس عن الجري فقال : لا بأس به ، إنما تحرمه اليهود ونحن نأكله . وهذا على شرط الصحيح . وأخرج عن علي وطائفة نحوه . والجري بفتح الجيم قال ابن التين : وفي نسخة بالكسر - وهو ضبط الصحاح - وكسر الراء الثقيلة قال : ويقال له أيضا الجريث وهو ما لا قشر له . قال وقال ابن حبيب من المالكية : أنا أكرهه لأنه يقال إنه من الممسوخ . وقال الأزهري : الجريث نوع من السمك يشبه [ ص: 531 ] الحيات ، وقيل سمك لا قشر له ، ويقال له أيضا المرماهي والسلور مثله . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : هو ضرب من السمك يشبه الحيات . وقال غيره : نوع عريض الوسط دقيق الطرفين .
قوله ( وقال شريح صاحب النبي صلى الله عليه وسلم : كل شيء في البحر مذبوح . وقال عطاء : أما الطير فأرى أن تذبحه ) وصله المصنف في " التاريخ " وابن منده في " المعرفة " من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار nindex.php?page=showalam&ids=11862وأبي الزبير أنهما سمعا شريحا صاحب النبي صلى الله عليه وسلم يقول " كل شيء في البحر مذبوح . قال : فذكرت ذلك لعطاء فقال : أما الطير فأرى أن تذبحه " . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وأبو نعيم في " الصحابة " مرفوعا من حديث شريح ، والموقوف أصح . وأخرجه ابن أبي عاصم في الأطعمة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار سمعت شيخا كبيرا يحلف بالله ما في البحر دابة إلا قد ذبحها الله لبني آدم " وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=147عبد الله بن سرجس رفعه " nindex.php?page=hadith&LINKID=846245إن الله قد ذبح كل ما في البحر لبني آدم " وفي سنده ضعف . nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من حديث ابن عمر رفعه نحوه وسنده ضعيف أيضا . وأخرج عبد الرزاق بسندين جيدين عن عمر ثم عن علي : الحوت ذكي كله .
" تنبيه " :
سقط هذا التعليق من رواية أبي زيد nindex.php?page=showalam&ids=12757وابن السكن والجرجاني ، ووقع في رواية الأصيلي " وقال أبو شريح وهو وهم نبه على ذلك أبو علي الجياني وتبع عياض وزاد : وهو nindex.php?page=showalam&ids=16099شريح بن هانئ أبو هانئ كذا قال ، والصواب أنه غيره وليس له في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ذكر إلا في هذا الموضع ، nindex.php?page=showalam&ids=16099وشريح بن هانئ لأبيه صحبة ، وأما هـو فله إدراك ولم يثبت له سماع ولا لقاء . وأما شريح المذكور فذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " التاريخ " وقال : له صحبة . وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي وغيره .
قوله ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قلت لعطاء صيد الأنهار وقلات السيل أصيد بحر هو ؟ قال : نعم ، ثم تلا هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا ) وصله عبد الرزاق في التفسير عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج بهذا سواء ، وأخرجه الفاكهي في " كتاب مكة " من رواية عبد المجيد بن أبي داود عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أتم من هذا وفيه : وسألته عن حيتان بركة القشيري - وهي بئر عظيمة في الحرم - أتصاد ؟ قال : نعم . وسألته عن ابن الماء وأشباهه أصيد بحر أم صيد بر ؟ فقال حيث يكون أكثر فهو صيد . وقلات بكسر القاف وتخفيف اللام وآخره مثناة ، ووقع في رواية الأصيلي مثلثة والصواب الأول : جمع قلت بفتح أوله مثل بحر وبحار هو النقرة في الصخرة يستنقع فيها الماء .
قوله ( وركب الحسن على سرج من جلود كلاب الماء ، وقال الشعبي : لو أن أهلي أكلوا الضفادع لأطعمتهم ، ولم ير الحسن بالسلحفاة بأسا ) أما قول الحسن الأول فقيل إنه ابن علي وقيل البصري ; ويؤيد الأول أنه وقع في رواية " وركب الحسن عليه السلام " وقوله " على سرج من جلود " أي متخذ من جلود " كلاب الماء " ، وأما قول الشعبي والضفادع جمع ضفدع بكسر أوله وبفتح الدال وبكسرها أيضا ، وحكي ضم أوله مع فتح الدال ، والضفادي بغير عين لغة فيه ، قال ابن التين . لم يبين الشعبي هل تذكى أم لا ؟ ومذهب مالك أنها تؤكل بغير تذكية ، ومنهم من فصل بين ما مأواه الماء وغيره ، وعن الحنفية ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا بد من التذكية ، [ ص: 532 ] وأما قول الحسن في السلحفاة فوصله ابن أبي شيبة من طريق ابن طاوس عن أبيه أنه كان لا يرى بأكل السلحفاة بأسا ، ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=16874مبارك بن فضالة عن الحسن قال : لا بأس بها ، كلها . والسلحفاة بضم المهملة وفتح اللام وسكون المهملة بعدها فاء ثم ألف ثم هاء ، ويجوز بدل الهاء همزة حكاه ابن سيده وهي رواية عبدوس ، وحكى أيضا في " المحكم " سكون اللام وفتح الحاء ، وحكى أيضا سلحفية كالأول لكن بكسر الفاء بعدها تحتانية مفتوحة .
قوله ( وقال ابن عباس : كل من صيد البحر نصراني أو يهودي أو مجوسي ) قال الكرماني : كذا في النسخ القديمة وفي بعضها " ما صاده " قبل لفظ نصراني . قلت : وهذا التعليق وصله nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال : كل ما ألقى البحر وما صيد منه صاده يهودي أو نصراني أو مجوسي ، قال ابن التين : مفهومه أن صيد البحر لا يؤكل إن صاده غير هؤلاء ، وهو كذلك عند قوم ، وأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن عطاء nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وبسند آخر عن علي كراهية صيد المجوسي السمك .
قوله ( وقال أبو الدرداء في المري ذبح الخمر النينان والشمس ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي : ذبح بصيغة الفعل الماضي ونصب راء الخمر على أنه المفعول ، قال : ويروى بسكون الموحدة على الإضافة والخمر بالكسر أي تطهيرها .
قلت : والأول هو المشهور وهذا الأثر سقط من رواية النسفي ، وقد وصله nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي في " غريب الحديث " له من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11861أبي الزاهرية عن nindex.php?page=showalam&ids=15622جبير بن نفير عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء فذكره سواء ، قال الحربي : هذا مري يعمل بالشام : يؤخذ الخمر فيجعل فيه الملح والسمك ويوضع في الشمس فيتغير عن طعم الخمر . وأخرج أبو بشر الدولابي في " الكنى " من طريق يونس بن ميسرة عن nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء أنه قال في مري النينان : غيرته الشمس .
nindex.php?page=showalam&ids=12508ولابن أبي شيبة من طريق مكحول عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء : لا بأس بالمري ذبحته النار والملح . وهذا منقطع ، وعليه اقتصر مغلطاي ومن تبعه ، واعترضوا على جزم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري به وما عثروا على كلام الحربي ، وهو مراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري جزما ، وله طرق أخرى أخرجها nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من طريق بشر بن عبيد الله عن nindex.php?page=showalam&ids=11811أبي إدريس الخولاني : أن أبا الدرداء كان يأكل المري الذي يجعل فيه الخمر ويقول ذبحته الشمس والملح . وأخرجه عبد الرزاق من طريق سعيد بن عبد العزيز عن عطية بن قيس قال : مر رجل من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء بآخر - فذكر قصة في اختلافهم في المري - فأتيا أبا الدرداء فسألاه فقال : ذبحت خمرها الشمس والملح والحيتان . ورويناه في جزء إسحاق بن الفيض من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني قال : سئل أبو الدرداء عن أكل المري فقال : ذبحت الشمس سكر الخمر ، فنحن نأكل ، لا نرى به بأسا .
قال أبو موسى في " ذيل الغريب " : عبر عن قوة الملح والشمس وغلبتهما على الخمر وإزالتهما طعمها ورائحتها بالذبح ، وإنما ذكر النينان دون الملح لأن المقصود من ذلك يحصل بدونه ، ولم يرد أن النينان وحدها هـي التي خللته . قال : وكان أبو الدرداء ممن يفتي بجواز تخليل الخمر فقال : إن السمك بالآلة التي أضيفت إليه يغلب على ضراوة الخمر ويزيل شدتها ، والشمس تؤثر في تخليلها فتصير حلالا . قال : وكان أهل الريف من الشام يعجنون المري بالخمر وربما يجعلون فيه أيضا السمك الذي يربى بالملح والأبزار مما يسمونه الصحناء ، والقصد من المري هضم الطعام فيضيفون إليه كل ثقيف أو حريف ليزيد في جلاء المعدة واستدعاء الطعام بحرافته . وكان أبو الدرداء وجماعة من الصحابة يأكلون هذا المري المعمول بالخمر وأدخله nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في طهارة صيد البحر يريد أن السمك طاهر حلال وأن طهارته وحله يتعدى إلى غيره كالملح حتى يصير الحرام النجس بإضافتها إليه طاهرا [ ص: 533 ] حلالا ، وهذا رأي من يجوز تحليل الخمر ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء وجماعة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير في " النهاية " استعار الذبح للإحلال فكأنه يقول : كما أن الذبح يحل أكل المذبوحة دون الميتة فكذلك هذه الأشياء إذا وضعت في الخمر قامت مقام الذبح فأحلتها . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي : يريد أنها حلت بالحوت المطروح فيها وطبخها بالشمس ، فكان ذلك كالذكاة للحيوان ، وقال غيره معنى ذبحتها أبطلت فعلها ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في النوع العشرين من " علوم الحديث " من حديث ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن nindex.php?page=showalam&ids=11947أبي بكر بن عبد الرحمن أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان يقول : اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث . قال ابن شهاب : في هذا الحديث أن لا خير في الخمر ، وأنها إذا أفسدت لا خير فيها حتى يكون الله هو الذي يفسدها فيطيب حينئذ الخل . قال ابن وهب : وسمعت nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا يقول سمعت ابن شهاب يسأل عن خمر جعلت في قلة وجعل معها ملح وأخلاط كثيرة ثم تجعل في الشمس حتى تعود مريا ، فقال ابن شهاب : شهدت قبيصة ينهى أن يجعل الخمر مريا إذا أخذ وهو خمر .
قلت : وقبيصة من كبار التابعين وأبوه صحابي وولد هو في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فذكر في الصحابة لذلك ، وهذا يعارض أثر nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء المذكور ويفسر المراد به . والنينان بنونين الأولى مكسورة بينهما تحتانية ساكنة جمع نون وهو الحوت ، والمري بضم الميم وسكون الراء بعدها تحتانية ، وضبط في " النهاية " تبعا للصحاح بتشديد الراء نسبة إلى المر وهو الطعم المشهور ، وجزم الشيخ محيي الدين بالأول ، ونقل الجواليقي في " لحن العامة " أنهم يحركون الراء والأصل بسكونها ، ثم ذكر المصنف حديث جابر في قصة جيش الخبط من طريقين : إحداهما رواية nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=16684عمرو وهو ابن دينار أنه سمع جابرا ، وقد تقدم بسنده ومتنه في المغازي ، وزاد هناك عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن جابر ، وتقدمت مشروحة مع شرح سائر الحديث . الطريق الثانية رواية سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار أيضا ، وفيه من الزيادة " وكان فينا رجل نحر ثلاث جزائر ثم ثلاث جزائر ثم نهاه أبو عبيدة ، وهذا الرجل هو nindex.php?page=showalam&ids=7246قيس بن سعد بن عبادة كما تقدم إيضاحه في المغازي ، وكان اشترى الجزر من أعرابي جهني كل جزور بوسق من تمر يوفيه إياه بالمدينة ، فلما رأى عمر ذلك - وكان في ذلك الجيش - سأل أبا عبيدة أن ينهى قيسا عن النحر ، فعزم عليه أبو عبيدة أن ينتهي عن ذلك فأطاعه ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك هناك أيضا .
والمراد بقوله " جزائر " جمع جزور ، وفيه نظر فإن جزائر جمع جزيرة والجزور إنما يجمع على جزر بضمتين ، فلعله جمع الجمع ، والغرض من إيراده هنا قصة الحوت فإنه يستفاد منها جواز أكل ميتة البحر لتصريحه في الحديث بقوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=846246فألقى البحر حوتا ميتا لم ير مثله يقال له العنبر " وتقدم في المغازي أن في بعض طرقه في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل منه ، وبهذا تتم الدلالة ، وإلا فمجرد أكل الصحابة منه وهم في حالة المجاعة قد يقال إنه للاضطرار ، ولا سيما وفيه قول أبي عبيدة " ميتة " ثم قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=846247لا بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله وقد اضطررتم فكلوا " وهذه رواية nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن جابر عند مسلم ، وتقدمت للمصنف في المغازي من هذا الوجه ، لكن قال " قال أبو عبيدة كلوا " ولم يذكر بقيته . وحاصل قول أبي عبيدة أنه بناه أولا على عموم تحريم الميتة ، ثم تذكر تخصيص المضطر بإباحة أكلها إذا كان غير باغ ولا عاد ، وهم بهذه الصفة لأنهم في سبيل الله وفي طاعة رسوله وقد تبين من آخر الحديث أن جهة كونها حلالا ليست سبب الاضطرار بل كونها من صيد البحر ، ففي آخره عندهما جميعا nindex.php?page=hadith&LINKID=846248 " فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كلوا رزقا أخرجه الله ، أطعمونا إن كان معكم فأتاه بعضهم بعضو فأكله " فتبين لهم أنه حلال مطلقا . وبالغ في البيان بأكله منها لأنه لم يكن مضطرا ، فيستفاد منه إباحة ميتة البحر سواء مات بنفسه أو ما مات بالاصطياد ، وهو قول الجمهور . وعن الحنفية يكره ، وفرقوا [ ص: 534 ] بين ما لفظه فمات وبين ما مات فيه من غير آفة ، وتمسكوا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن جابر " nindex.php?page=hadith&LINKID=846249ما ألقاه البحر أو جزر عنه فكلوه ، وما مات فيه فطفا فلا تأكلوه " أخرجه أبو داود مرفوعا من رواية يحيى بن سليم الطائفي عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن جابر ثم قال : رواه الثوري وأيوب وغيرهما عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير هذا الحديث موقوفا . وقد أسند من وجه ضعيف عن ابن أبي ذئب عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن جابر مرفوعا ، وقال الترمذي : سألت nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عنه فقال ليس بمحفوظ ، ويروى عن جابر خلافه اهـ . ويحيى بن سليم صدوق وصفوه بسوء الحفظ . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : ليس بالقوي . وقال يعقوب بن سفيان : إذا حدث من كتابه فحديثه حسن ، وإذا حدث حفظا يعرف وينكر .
وقال أبو حازم : لم يكن بالحافظ . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الثقات : كان يخطئ ، وقد توبع على رفعه . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من رواية nindex.php?page=showalam&ids=11798أبي أحمد الزبيري عن الثوري مرفوعا لكن قال : خالفه nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع وغيره فوقفوه عن الثوري وهو الصواب ، وروي عن ابن أبي ذئب وإسماعيل بن أمية مرفوعا ولا يصح والصحيح موقوف ، وإذا لم يصح إلا موقوفا فقد عارضه قول أبي بكر وغيره ، والقياس يقتضي حله ، لأنه سمك لو مات في البر لأكل بغير تذكية ، ولو نضب عنه الماء أو قتلته سمكة أخرى فمات لأكل ، فكذلك إذا مات وهو في البحر . ويستفاد من قوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=846250أكلنا منه نصف شهر " جواز أكل اللحم ولو أنتن ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أكل منه بعد ذلك ، واللحم لا يبقى غالبا بلا نتن في هذه المدة لا سيما في الحجاز مع شدة الحر ، لكن يحتمل أن يكونوا ملحوه وقددوه فلم يدخله نتن ، وقد تقدم قريبا قول النووي : إن النهي عن أكل اللحم إذا أنتن للتنزيه إلا إن خيف منه الضرر فيحرم ، وهذا الجواب على مذهبه ، ولكن المالكية حملوه على التحريم مطلقا . وهو الظاهر والله أعلم . ويأتي في الطافي نظير ما قاله في النتن إذا خشي منه الضرر ، وفيه جواز أكل حيوان البحر مطلقا لأنه لم يكن عند الصحابة نص يخص العنبر وقد أكلوا منه ، كذا قال بعضهم ، ويخدش فيه أنهم أولا إنما أقدموا عليه بطريق الاضطرار ، ويجاب بأنهم أقدموا عليه مطلقا من حيث كونه صيد البحر ثم توقفوا من حيث كونه ميتة ، فدل على إباحة الإقدام على أكل ما صيد من البحر ، وبين لهم الشارع آخرا أن ميتته أيضا حلال ، ولم يفرق بين طاف ولا غيره .
واحتج بعض المالكية بأنهم أقاموا يأكلون منه أياما ، فلو كانوا أكلوا منه على أنه ميتة بطريق الاضطرار ما داوموا عليه ، لأن المضطر إذا أكل الميتة يأكل منها بحسب الحاجة ثم ينتقل لطلب المباح غيرها ، وجمع بعض العلماء بين مختلف الأخبار في ذلك بحمل النهي على كراهة التنزيه وما عدا ذلك على الجواز ، ولا خلاف بين العلماء في حل السمك على اختلاف أنواعه ، وإنما اختلف فيما كان على صورة حيوان البر كالآدمي والكلب والخنزير والثعبان ، فعند الحنفية - وهو قول الشافعية - يحرم ما عدا السمك ، واحتجوا عليه بهذا الحديث ، فإن الحوت المذكور لا يسمى سمكا . وفيه نظر ، فإن الخبر ورد في الحوت نصا ، وعن الشافعية الحل مطلقا على الأصح المنصوص . وهو مذهب المالكية إلا الخنزير في رواية ، وحجتهم قوله تعالى أحل لكم صيد البحر وحديث nindex.php?page=hadith&LINKID=846251هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته أخرجه مالك وأصحاب السنن وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان وغيرهم ، وعن الشافعية ما يؤكل نظيره في البر حلال وما لا فلا ، واستثنوا على الأصح ما يعيش في البحر والبر وهو نوعان :
النوع الأول ما ورد في منع أكله شيء يخصه كالضفدع ، وكذا استثناه أحمد للنهي عن قتله ورد ذلك من حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي أخرجه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ، وله شاهد من حديث ابن عمر عند ابن أبي عاصم ، وآخر عن عبد الله بن عمر ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في " الأوسط " وزاد : فإن نقيقها تسبيح . وذكر الأطباء أن الضفدع نوعان بري وبحري ، فالبري يقتل آكله والبحري يضره . ومن المستثنى أيضا التمساح لكونه يعدو بنابه . وعند أحمد فيه رواية ، ومثله [ ص: 535 ] القرش في البحر الملح خلافا لما أفتى به المحب الطبري ، والثعبان والعقرب والسرطان والسلحفاة للاستخباث والضرر اللاحق من السم ، ودنيلس قيل إن أصله السرطان فإن ثبت حرم .
النوع الثاني ما لم يرد فيه مانع فيحل لكن بشرط التذكية ، كالبط وطير الماء والله أعلم .
وذكر أنه دخل هو وجماعة في عينها ، وذكر قصة الذي دخل تحت ضلعها ما يطأطئ رأسه وهو أعظم رجل في الركب على أعظم جمل ، وظاهر سياق هذه القصة يقتضي مغايرة القصة المذكورة في هذا الباب وهي من رواية جابر أيضا ، حتى قال عبد الحق في " الجمع بين الصحيحين " : هذه واقعة أخرى غير تلك ، فإن هذه كانت بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم . وما ذكره ليس بنص في ذلك لاحتمال أن تكون الفاء في قول جابر " فأتينا سيف البحر " هي الفصيحة وهي معقبة لمحذوف تقديره فأرسلنا النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي عبيدة فأتينا سيف البحر فتتحد القصتان ، وهذا هـو الراجح عندي ، والأصل عدم التعدد . ومما ننبه عليه هنا أيضا أن الواقدي زعم أن قصة بعث أبي عبيدة كانت في رجب سنة ثمان ، وهو عندي خطأ لأن في نفس الخبر الصحيح أنهم خرجوا يترصدون عير قريش وقريش في سنة ثمان كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في هدنة ، وقد نبهت على ذلك في المغازي ، وجوزت أن يكون ذلك قبل الهدنة في سنة ست أو قبلها ، ثم ظهر لي الآن تقوية ذلك بقول جابر في رواية مسلم هذه أنهم خرجوا في غزاة بواط وغزاة بواط كانت في السنة الثانية من الهجرة قبل وقعة بدر ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم خرج في مائتين من أصحابه يعترض عيرا لقريش فيها أمية بن خلف فبلغ بواطا ، وهي بضم الموحدة جبال لجهينة مما يلي الشام ، بينها وبين المدينة أربعة برد ، فلم يلق أحدا فرجع ، فكأنه أفرد أبا عبيدة فيمن معه يرصدون العير المذكورة . ويؤيد تقدم أمرها ما ذكر فيها من القلة والجهد ، والواقع أنهم في سنة ثمان كان حالهم اتسع بفتح خيبر وغيرها ، والجهد المذكور في القصة يناسب ابتداء الأمر فيرجح ما ذكرته ، والله أعلم .