باب ذبائح أهل الكتاب وشحومها من أهل الحرب وغيرهم وقوله تعالى اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم وقال الزهري لا بأس بذبيحة نصارى العرب وإن سمعته يسمي لغير الله فلا تأكل وإن لم تسمعه فقد أحله الله لك وعلم كفرهم ويذكر عن علي نحوه وقال الحسن وإبراهيم لا بأس بذبيحة الأقلف وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس طعامهم ذبائحهم
قوله ( باب ذبائح أهل الكتاب وشحومها ، من أهل الحرب وغيرهم ) أشار إلى جواز ذلك ، وهو قول الجمهور وعن مالك وأحمد تحريم ما حرم الله على أهل الكتاب كالشحوم . وقال ابن القاسم : لأن الذي أباحه الله طعامهم ، وليس الشحوم من طعامهم ولا يقصدونها عند الزكاة . وتعقب بأن ابن عباس فسر طعامهم بذبائحهم كما سيأتي آخر الباب ، وإذا أبيحت ذبائحهم لم يحتج إلى قصدهم أجزاء المذبوح ، والتذكية لا تقع على بعض أجزاء المذبوح دون بعض ، وإن كانت التذكية شائعة في جميعها دخل الشحم لا محالة ، وأيضا فإن الله سبحانه وتعالى نص بأنه حرم عليهم كل ذي ظفر ، فكان يلزم على قول هذا القائل أن اليهودي إذا ذبح ما له ظفر لا يحل [ ص: 553 ] للمسلم أكله ، وأهل الكتاب أيضا يحرمون أكل الإبل فيقع الإلزام كذلك .
قوله ( وقوله تعالى أحل لكم الطيبات ) كذا لأبي ذر ، وساق غيره إلى قوله حل لهم وبهذه الزيادة يتبين مراده من الاستدلال على الحل لأنه لم يخص ذميا من حربي ولا خص لحما من شحم ، وكون الشحوم محرمة على أهل الكتاب لا يضر ، لأنها محرمة عليهم لا علينا ، وغايته بعد أن يتقرر أن ذبائحهم لنا حلال أن الذي حرم عليهم منها مسكوت في شرعنا عن تحريمه علينا فيكون على أصل الإباحة .
قوله ( وقال الزهري : لا بأس بذبيحة نصارى العرب . وإن سمعته يهل لغير الله فلا تأكل ، وإن لم تسمعه فقد أحله الله لك وعلم كفرهم ) وصله عبد الرزاق عن معمر قال : سألت الزهري عن ذبائح نصارى العرب فذكر نحوه وزاد في آخره قال : وإهلاله أن يقول : باسم المسيح ، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إن كان لهم ذبح يسمون عليه غير اسم الله مثل اسم المسيح لم يحل ، وإن ذكر المسيح على معنى الصلاة عليه لم يحرم ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=14164الحليمي بحثا أن أهل الكتاب إنما يذبحون لله تعالى ، وهم في أصل دينهم لا يقصدون بعبادتهم إلا الله ، فإذا كان قصدهم في الأصل ذلك اعتبرت ذبيحتهم ولم يضر قول من قال منهم مثلا باسم المسيح لأنه لا يريد بذلك إلا الله وإن كان قد كفر بذلك الاعتقاد .
قوله ( ويذكر عن علي نحوه ) لم أقف على من وصله ، وكأنه لا يصح عنه ، ولذلك ذكره بصيغة التعريض .
بل قد جاء عن علي من وجه آخر صحيح المنع من ذبائح بعض نصارى العرب أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وعبد الرزاق بأسانيد صحيحة " عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني عن علي قال : لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب ، فإنهم لم يتمسكوا من دينهم إلا بشرب الخمر " ولا تعارض بين الروايتين عن علي لأن منع الذي منعه فيه أخص من الذي نقل فيه عنه الجواز
قوله ( وقال الحسن وإبراهيم لا بأس بذبيحة الأقلف ) بالقاف ثم الفاء : هو الذي لم يختن ، والقلفة بالقاف ويقال بالغين المعجمة الغرلة وهي الجلدة التي تستر الحشفة ، وأثر الحسن أخرجه عبد الرزاق عن معمر قال : كان الحسن يرخص في الرجل إذا أسلم بعدما يكبر فخاف على نفسه إن اختتن أن لا يختتن ، وكان لا يرى بأكل ذبيحته بأسا . وأما أثر إبراهيم فأخرجه أبو بكر الخلال من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة عن مغيرة عن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي قال : لا بأس بذبيحة الأقلف . وقد ورد ما يخالفه فأخرج ابن المنذر عن ابن عباس : الأقلف لا تؤكل ذبيحته ولا تقبل صلاته ولا شهادته . وقال ابن المنذر : قال جمهور أهل العلم تجوز ذبيحته لأن الله سبحانه أباح ذبائح أهل الكتاب ومنهم من لا يختتن .
ثم ذكر المصنف حديث عبد الله بن مغفل " كنا محاصرين قصر خيبر ، فرمى إنسان بجراب فيه شحم فنزوت ) بنون وزاي أي [ ص: 554 ] وثبت ، وفي رواية الكشميهني " فبدرت " أي سارعت ، وقد تقدمت مباحثه في فرض الخمس ، وفيه حجة على من منع ما حرم عليهم كالشحوم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر ابن مغفل على الانتفاع بالجراب المذكور ، وفيه جواز أكل الشحم مما ذبحه أهل الكتاب ولو كانوا أهل حرب .