قوله ( باب إذا أكل المضطر ) أي من الميتة ، وكأنه أشار إلى الخلاف في ذلك وهو في موضعين :
أحدهما : في الحالة التي يصح الوصف بالاضطرار فيها ليباح الأكل .
والثاني : في مقدار ما يؤكل .
فأما الأول : فهو أن يصل به الجوع إلى حد الهلاك أو إلى مرض يفضي إليه ، هذا قول الجمهور ، وعن بعض المالكية تحديد ذلك بثلاثة أيام ، قال ابن أبي جمرة : الحكمة في ذلك أن في الميتة سمية شديدة فلو أكلها ابتداء لأهلكته ، فشرع له أن يجوع ليصير في بدنه بالجوع سمية أشد من سمية الميتة فإذا أكل منها حينئذ لا يتضرر اهـ ، وهذا إن ثبت حسن بالغ في غاية الحسن .
وأما الثاني : فذكره في تفسير قوله تعالى متجانف لإثم وقد فسره قتادة بالمتعدي وهو تفسير معنى ، وقال غيره الإثم أن يأكل فوق سد الرمق ، وقيل فوق العادة وهو الراجح لإطلاق الآية . ثم محل جواز الشبع أن لا يتوقع غير الميتة عن قرب ، فإن توقع امتنع إن قوي على الجوع إلا أن يجده ، وذكر إمام الحرمين أن المراد بالشبع ما ينتفي الجوع لا الامتلاء حتى لا يبقى لطعام آخر مساغ فإن ذلك حرام . واستشكل بما في حديث جابر في قصة العنبر حيث قال أبو عبيدة " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503846وقد اضطررتم فكلوا ، قال فأكلنا حتى سمنا " وقد تقدم البحث فيه مبسوطا .
قوله ( وقال ابن عباس : مهراقا ) أي فسر ابن عباس المسفوح بالمهراق ، وهو موصول عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من طريق علي بن أبي طلحة عنه .
قوله ( وقوله : فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا ) كذا ثبت هنا لكريمة والأصيلي وسقط للباقين ، وساق في نسخة الصغاني إلى قوله " خنزير " ثم قال إلى قوله فإن الله غفور رحيم قال الكرماني وغيره : عقد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذه للترجمة ولم يذكر فيها حديثا إشارة إلى أن الذي ورد فيها ليس فيه شيء على شرطه ، فاكتفى بما ساق فيها من الآيات ، ويحتمل أن يكون بيض فانضم بعض ذلك إلى بعض عند تبييض الكتاب . قلت : والثاني أوجه ، واللائق بهذا الباب على شرطه حديث جابر في قصة العنبر ، فلعله قصد أن يذكر له طريقا أخرى .
" خاتمة " :
اشتمل كتاب الذبائح والصيد من الأحاديث المرفوعة على ثلاثة وتسعين حديثا ، المعلق منها أحد وعشرون حديثا والبقية موصولة ، المكرر منها فيه وفيما مضى تسعة وسبعون حديثا ، والخالص أربعة عشر حديثا ، وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث ابن عمر في النهي عن أن تصبر البهيمة ، وحديث ابن عباس فيه ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد في النهي عن المثلة ، وحديث ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=9669والحكم بن عمرو في الحمر الأهلية ، وحديث ابن عمر في النهي عن ضرب الصورة . وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم أربعة وأربعون أثرا ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
تم الجزء التاسع ويليه إن شاء الله الجزء العاشر وأوله ( كتاب الأضاحي ) والحمد لله أولا وآخرا .