قوله : ( باب تأخير الظهر إلى العصر ) ) أي إلى أول وقت العصر . والمراد أنه عند فراغه منها دخل وقت صلاة العصر كما سيأتي عن أبي الشعثاء راوي الحديث . وقال الزين بن المنير : أشار nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إلى إثبات القول باشتراك الوقتين ، لكن لم يصرح بذلك على عادته في الأمور المحتملة لأن لفظ الحديث يحتمل ذلك ويحتمل غيره ، قال : والترجمة مشعرة بانتفاء الفاصلة بين الوقتين ، وقد نقل ابن بطال عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وتبعه [ ص: 30 ] غيره فقالوا : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بين وقت الظهر وبين وقت العصر فاصلة لا تكون وقتا للظهر ولا للعصر اهـ . ولا يعرف ذلك في كتب المذهب عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وإنما المنقول عنه أنه كان يذهب إلى أن آخر وقت الظهر ينفصل من أول وقت العصر ، ومراده نفي القول بالاشتراك . ويدل عليه أنه احتج بقول ابن عباس " وقت الظهر إلى العصر والعصر إلى المغرب " فكما أنه لا اشتراك بين العصر والمغرب فكذلك لا اشتراك بين الظهر والعصر .
قوله : ( عن جابر بن زيد ) هو أبو الشعثاء ، والإسناد كله بصريون .
قوله : ( سبعا وثمانيا ) أي سبعا جميعا وثمانيا جميعا كما صرح به في " باب وقت المغرب " من طريق شعبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار .
قوله : ( فقال nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب ) هو السختياني ، والمقول له هو أبو الشعثاء .
قوله : ( عسى ) أي أن يكون كما قلت ، واحتمال المطر قال به أيضا مالك عقب إخراجه لهذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه ، وقال بدل قوله بالمدينة " من غير خوف ولا سفر " قال مالك : لعله كان في مطر ، لكن رواه مسلم وأصحاب السنن من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=842020من غير خوف ولا مطر فانتفى أن يكون الجمع المذكور للخوف أو السفر أو المطر ، وجوز بعض العلماء أن يكون الجمع المذكور للمرض ، وقواه النووي ، وفيه نظر ، لأنه لو كان جمعه - صلى الله عليه وسلم - بين الصلاتين لعارض المرض لما صلى معه إلا من به نحو ذلك العذر ، والظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بأصحابه ، وقد صرح بذلك ابن عباس في روايته ، قال النووي : ومنهم من تأوله على أنه كان في غيم فصلى الظهر ثم انكشف الغيم مثلا فبان أن وقت العصر دخل فصلاها ، قال وهو باطل لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء اهـ . وكأن نفيه الاحتمال مبني على أنه ليس للمغرب إلا وقت واحد ، والمختار عنده خلافه ، وهو أن وقتها يمتد إلى العشاء ، فعلى هذا فالاحتمال قائم . قال : ومنهم من تأوله على أن الجمع المذكور صوري ، بأن يكون أخر الظهر إلى آخر وقتها وعجل العصر في أول وقتها . قال : وهو احتمال ضعيف أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل ا هـ .
وهذا الذي ضعفه استحسنه القرطبي ورجحه قبله إمام الحرمين وجزم به من القدماء ابن الماجشون nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي وقواه ابن سيد الناس بأن أبا الشعثاء وهو راوي الحديث عن ابن عباس قد قال به ، وذلك فيما رواه الشيخان من طريق ابن عيينة عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، فذكر هذا الحديث وزاد : قلت يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء . قال : وأنا أظنه . قال ابن سيد الناس : وراوي الحديث أدرى بالمراد من غيره .
قلت : لكن لم يجزم بذلك ، بل لم يستمر عليه ، فقد تقدم كلامه لأيوب وتجويزه لأن يكون الجمع بعذر المطر ، لكن يقوي ما ذكره من الجمع الصوري أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرض لوقت الجمع . فإما أن تحمل على مطلقها فيستلزم إخراج الصلاة عن وقتها المحدود بغير عذر ، وإما أن تحمل على صفة مخصوصة لا تستلزم الإخراج ويجمع بها بين مفترق الأحاديث ، والجمع الصوري أولى والله أعلم . وقد [ ص: 31 ] ذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث ، فجوزوا الجمع في الحضر للحاجة مطلقا لكن بشرط أن لا يتخذ ذلك عادة ، وممن قال به ابن سيرين وربيعة وأشهب وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=15022والقفال الكبير وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث ، واستدل لهم بما وقع عند مسلم في هذا الحديث من طريق سعيد بن جبير قال : فقلت nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس لم فعل ذلك ؟ قال : أراد أن لا يحرج أحدا من أمته . nindex.php?page=showalam&ids=15397وللنسائي من طريق عمرو ابن هرم عن أبي الشعثاء أن ابن عباس صلى بالبصرة الأولى والعصر ليس بينهما شيء ، والمغرب والعشاء ليس بينهما شيء ، فعل ذلك من شغل ، وفيه رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفي رواية لمسلم من طريق عبد الله بن شقيق أن شغل ابن عباس المذكور كان بالخطبة وأنه خطب بعد صلاة العصر إلى أن بدت النجوم ، ثم جمع بين المغرب والعشاء . وفيه تصديق nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس في رفعه . وما ذكره ابن عباس من التعليل بنفي الحرج ظاهر في مطلق الجمع ، وقد جاء مثله عن ابن مسعود مرفوعا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ولفظه nindex.php?page=hadith&LINKID=842021جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء ، فقيل له في ذلك فقال : صنعت هذا لئلا تحرج أمتي وإرادة نفي الحرج يقدح في حمله على الجمع الصوري ، لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج .