قوله : ( باب نزل تحريم الخمر وهي من البسر والتمر ) أي تصنع أو تتخذ ، وذكر فيه حديث أنس من رواية إسحاق بن أبي طلحة عنه أتم سياقا من رواية ثابت عنه المتقدمة في الباب قبله .
قوله : ( كنت أسقي nindex.php?page=showalam&ids=5أبا عبيدة ) هو ابن الجراح ، ( وأبا طلحة ) هو زيد بن سهل زوج nindex.php?page=showalam&ids=11088أم سليم أم أنس ، ( nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب ) ، كذا اقتصر في هذه الرواية على هؤلاء الثلاثة ، فأما أبو طلحة فلكون القصة كانت في منزله كما مضى في التفسير من طريق ثابت عن أنس " كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة " nindex.php?page=hadith&LINKID=846460وأما أبو عبيدة فلأن النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بينه وبين أبي طلحة كما أخرجه مسلم من وجه آخر عن أنس ، وأما أبي بن كعب فكان كبير الأنصار وعالمهم . ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16377عبد العزيز بن صهيب عن أنس في تفسير المائدة " إني لقائم أسقي أبا طلحة وفلانا وفلانا " كذا وقع بالإبهام ، وسمى في رواية مسلم منهم أبا أيوب ، وسيأتي بعد أبواب من رواية هشام عن قتادة عن أنس " إني كنت لأسقي أبا طلحة nindex.php?page=showalam&ids=262وأبا دجانة وسهيل ابن بيضاء " nindex.php?page=showalam&ids=262وأبو دجانة بضم الدال المهملة وتخفيف الجيم وبعد الألف نون اسمه سماك بن خرشة بمعجمتين بينهما راء مفتوحات ، ولمسلم من طريق سعيد عن قتادة نحوه وسمى فيهم معاذ بن جبل ، nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان عن حميد عن أنس " كنت أسقي أبا عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب وسهيل ابن بيضاء ونفرا من الصحابة عند أبي طلحة " ووقع عند عبد الرزاق عن معمر بن ثابت وقتادة وغيرهما عن أنس أن القوم كانوا أحد عشر رجلا ، وقد حصل من الطرق التي أوردتها تسمية سبعة منهم ، وأبهمهم في رواية سليمان التيمي عن أنس وهي في هذا الباب ولفظه " كنت قائما على الحي أسقيهم عمومتي " وقوله عمومتي في موضع خفض على البدل من قوله : " الحي " وأطلق عليهم عمومته لأنهم كانوا أسن منه ولأن أكثرهم من الأنصار . ومن المستغربات ما أورده ابن مردويه في تفسيره من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14715عيسى بن طهمان عن أنس أن أبا بكر وعمر [ ص: 41 ] كانا فيهم ، وهو منكر مع نظافة سنده ، وما أظنه إلا غلطا . وقد أخرج أبو نعيم في " الحلية " في ترجمة شعبة من حديث عائشة قالت : " حرم أبو بكر الخمر على نفسه فلم يشربها في جاهلية ولا إسلام " ويحتمل إن كان محفوظا أن يكون أبو بكر وعمر زارا أبا طلحة في ذلك اليوم ولم يشربا معهم . ثم وجدت عند البزار من وجه آخر عن أنس قال : " كنت ساقي القوم ، وكان في القوم رجل يقال له أبو بكر ، فلما شرب قال : " تحيي بالسلامة أم بكر " الأبيات ، فدخل علينا رجل من المسلمين فقال : قد نزل تحريم الخمر " الحديث . وأبو بكر هذا يقال له ابن شغوب ، فظن بعضهم أنه أبو بكر الصديق ، وليس كذلك ، لكن قرينة ذكر عمر تدل على عدم الغلط في وصف الصديق ، فحصلنا تسمية عشرة ، وقد قدمت في غزوة بدر من المغازي ترجمة أبي بكر بن شغوب المذكور . وفي " كتاب مكة للفاكهي " من طريق مرسل ما يشيد ذلك .
قوله : ( من فضيخ زهو وتمر ) أما الفضيخ فهو بفاء وضاد معجمتين وزن عظيم : اسم للبسر إذا شدخ ونبذ ، وأما الزهو فبفتح الزاي وسكون الهاء بعدها واو : وهو البسر الذي يحمر أو يصفر قبل أن يترطب . وقد يطلق الفضيخ على خليط البسر والرطب ، كما يطلق على خليط البسر والتمر ، وكما يطلق على البسر وحده وعلى التمر وحده كما في الرواية التي آخر الباب . وعند أحمد من طريق قتادة عن أنس " وما خمرهم يومئذ إلا البسر والتمر مخلوطين " ووقع عند مسلم من طريق قتادة عن أنس أسقيهم من مزادة فيها خليط بسر وتمر " .
قوله : ( فقال أبو طلحة : قم يا أنس ، فهرقها ) بفتح الهاء وكسر الراء وسكون القاف ، والأصل أرقها ، فأبدلت الهمزة هاء ، وكذا قوله : " فهرقتها " وقد تستعمل هذه الكلمة بالهمزة والهاء معا وهو نادر ، وقد تقدم بسطه في الطهارة . ووقع في رواية ثابت عن أنس في التفسير بلفظ " فأرقها " ، ومن رواية nindex.php?page=showalam&ids=16377عبد العزيز بن صهيب " فقالوا أرق هذه القلال يا أنس " وهو محمول على أن المخاطب له بذلك أبو طلحة ، ورضي الباقون بذلك فنسب الأمر بالإراقة إليهم جميعا . ووقع في الرواية الثانية في الباب " أكفئها " بكسر الفاء مهموز بمعنى أرقها ، وأصل الإكفاء الإمالة . ووقع في " باب إجازة خبر الواحد " من رواية أخرى عن مالك في هذا الحديث " قم إلى هذه الجرار فاكسرها ، قال أنس : فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى انكسرت " وهذا لا ينافي الروايات الأخرى بل يجمع بأنه أراقها وكسر أوانيها ، أو أراق بعضا وكسر بعضا . وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر أن إسحاق بن أبي [ ص: 42 ] طلحة تفرد عن أنس بذكر الكسر ، وأن ثابتا nindex.php?page=showalam&ids=16377وعبد العزيز بن صهيب وحميدا وعد جماعة من الثقات رووا الحديث بتمامه عن أنس منهم من طوله ومنهم من اختصره ، فلم يذكروا إلا إراقتها . والمهراس بكسر الميم وسكون الهاء وآخره مهملة إناء يتخذ من صخر وينقر وقد يكون كبيرا كالحوض وقد يكون صغيرا بحيث يتأتى الكسر به ، وكأنه لم يحضره ما يكسر به غيره ، أو كسر بآلة المهراس التي يدق بها فيه كالهاون فأطلق اسمه عليها مجازا . ووقع في رواية حميد عن أنس عند أحمد " فوالله ما قالوا حتى ننظر ونسأل " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16377عبد العزيز بن صهيب في التفسير " فوالله ما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل " ووقع في المظالم " فجرت في سكك المدينة " أي طرقها ، وفيه إشارة إلى توارد من كانت عنده من المسلمين على إراقتها حتى جرت في الأزقة من كثرتها . قال القرطبي تمسك بهذه الزيادة بعض من قال إن الخمر المتخذة من غير العنب ليست نجسة لأنه - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=846464نهى عن التخلي في الطرق ، فلو كانت نجسة ما أقرهم على إراقتها في الطرقات حتى تجري . والجواب أن القصد بالإراقة كان لإشاعة تحريمها ، فإذا اشتهر ذلك كان أبلغ فتحتمل أخف المفسدتين لحصول المصلحة العظيمة الحاصلة من الاشتهار ، ويحتمل أنها إنما أريقت في الطرق المنحدرة بحيث تنصب إلى الأشربة والحشوش أو الأودية فتستهلك فيها ، ويؤيده ما أخرجه ابن مردويه من حديث جابر بسند جيد في قصة صب الخمر قال : " فانصبت حتى استنقعت في بطن الوادي " . والتمسك بعموم الأمر باجتنابها كاف في القول بنجاستها .