باب شراب الحلواء والعسل وقال الزهري لا يحل شرب بول الناس لشدة تنزل لأنه رجس قال الله تعالى أحل لكم الطيبات وقال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في السكر إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم
5291 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن عبد الله حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة قال أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام عن nindex.php?page=showalam&ids=16561أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت nindex.php?page=hadith&LINKID=655183كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الحلواء والعسل
قوله : ( باب شراب الحلواء والعسل ) في رواية المستملي " الحلواء " بالمد ولغيره بالقصر ، وهما لغتان ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : هي ما يعقد من العسل ونحوه ، وقال ابن التين عن الداودي : هي النقيع الحلو ، وعليه يدل تبويب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " شراب الحلواء " كذا قال ، وإنما هو نوع منها ، والذي قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي هو مقتضى العرف ، وقال ابن بطال : الحلوى كل شيء حلو ، وهو كما قال ، لكن استقر العرف على تسمية ما لا يشرب من أنواع الحلو حلوى ولأنواع ما يشرب مشروب ونقيع أو نحو ذلك ، ولا يلزم مما قال اختصاص الحلوى بالمشروب .
قوله : ( وقال الزهري : لا يحل شرب بول الناس لشدة تنزل لأنه رجس ، قال الله - تعالى - : ( أحل لكم الطيبات ) وصله عبد الرزاق عن معمر عن الزهري ووجهه ابن التين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمى البول رجسا ، وقال الله - تعالى - : ويحرم عليهم الخبائث والرجس من جملة الخبائث ، ويرد على استدلال الزهري جواز أكل الميتة عند الشدة وهي رجس أيضا ، ولهذا قال ابن بطال : الفقهاء على خلاف قول الزهري ، وأشد حال البول أن يكون في النجاسة والتحريم مثل الميتة والدم ولحم الخنزير ، ولم يختلفوا في جواز تناولها عند الضرورة . وأجاب بعض العلماء عن الزهري باحتمال أنه كان يرى أن القياس لا يدخل الرخص ، والرخصة في الميتة لا في البول . قلت : وليس هذا بعيدا من مذهب الزهري ، فقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " الشعب " من رواية ابن أخي الزهري قال : كان الزهري يصوم يوم عاشوراء في السفر ، فقيل له أنت تفطر في رمضان إذا كنت مسافرا ، فقال : إن الله - تعالى - قال في رمضان فعدة من أيام أخر وليس ذلك لعاشوراء . قال ابن التين : وقد يقال إن الميتة لسد الرمق ، والبول لا يدفع العطش ، فإن صح هذا صح ما قال الزهري إذ لا فائدة فيه . قلت : وسيأتي نظيره في الأثر الذي بعده .
قوله : ( وقال ابن مسعود في السكر : إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ) . قال ابن التين : اختلف في السكر بفتحتين : فقيل هو الخمر ، وقيل : ما يجوز شربه كنقيع التمر قبل أن يشتد وكالخل ، وقيل : هو نبيذ التمر إذا اشتد . قلت : وتقدم في تفسير النحل عن أكثر أهل العلم أن السكر في قوله - تعالى - : تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا وهو ما حرم منها ، والرزق الحسن ما أحل . وأخرج الطبري من طريق أبي رزين أحد كبار التابعين قال : نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر . ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي نحوه . ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري بمعناه . ثم أخرج من طريق الشعبي قال : السكر نقيع الزبيب يعني قبل أن يشتد والخل ، واختار الطبري هذا القول وانتصر له لأنه [ ص: 82 ] لا يستلزم منه دعوى نسخ ، ويستمر الامتنان بما تضمنته الآية على ظاهره ، بخلاف القول الأول فإنه يستلزم النسخ والأصل عدمه . قلت : وهذا في الآية محتمل ، لكنه في هذا الأثر محمول على المسكر ، وقد أخرجnindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي بأسانيد صحيحة عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير أنهم قالوا : السكر خمر ، ويمكن الجمع بأن السكر بلغة العجم الخمر وبلغة العرب النقيع قبل أن يشتد ، ويؤيده ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من طريق قتادة قال : السكر خمور الأعاجم ، وعلى هذا ينطبق قول ابن مسعود " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم " ونقل ابن التين عن الشيخ أبي الحسن يعني ابن القصار : إن كان أراد مسكر الأشربة فلعله سقط من الكلام ذكر السؤال ، وإن كان أراد السكر بالضم وسكون الكاف قال : فأحسبه هذا أراد ، لأنني أظن أن عند بعض المفسرين سئل ابن مسعود عن التداوي بشيء من المحرمات فأجاب بذلك . والله أعلم بمراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . قلت : قد رويت الأثر المذكور في " فوائد nindex.php?page=showalam&ids=16610علي بن حرب الطائي " عن سفيان بن عيينة عن منصور عن أبي وائل قال : اشتكى رجل منا يقال له خثيم بن العداء داء ببطنه يقال له الصفر فنعت له السكر ، فأرسل إلى ابن مسعود يسأله ، فذكره . وأخرجه ابن أبي شيبة عن جرير عن منصور وسنده صحيح على شرط الشيخين ، وأخرجه أحمد في كتاب الأشربة nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الكبير من طريق أبي وائل نحوه ، وروينا في " نسخة داود بن نصير الطائي " بسند صحيح عن مسروق قال : " قال nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله هو ابن مسعود : nindex.php?page=hadith&LINKID=848904لا تسقوا أولادكم الخمر فإنهم ولدوا على الفطرة ، وإن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم " وأخرجه ابن أبي شيبة من وجه آخر عن ابن مسعود كذلك ، وهذا يؤيد ما قلناه أولا في تفسير السكر . وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي في غريب الحديث ، من هذا الوجه قال : أتينا عبد الله في مجدرين أو محصبين نعت لهم السكر فذكر مثله . ولجواب ابن مسعود شاهد آخر أخرجه أبو يعلى وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من nindex.php?page=hadith&LINKID=848905حديث أم سلمة قالت اشتكت بنت لي فنبذت لها في كوز ، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يغلي فقال : ما هذا ؟ فأخبرته ، فقال : إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ثم حكى ابن التين عن الداودي قال : قول ابن مسعود حق لأن الله حرم الخمر لم يذكر فيها ضرورة وأباح الميتة وأخواتها في الضرورة . قال : ففهم الداودي أن ابن مسعود تكلم على استعمال الخمر عند الضرورة وليس كذلك ، وإنما تكلم على التداوي بها فمنعه ، لأن الإنسان يجد مندوحة عن التداوي بها ولا يقطع بنفعه ، بخلاف الميتة في سد الرمق . وكذا قال النووي في الفرق بين جواز إساغة اللقمة لمن شرق بها بالجرعة من الخمر فيجوز وبين التداوي بها فلا يجوز لأن الإساغة تتحقق بها بخلاف الشفاء فإنه لا يتحقق . ونقل nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه قال : لا يجوز سد الرمق من الجوع ولا من العطش بالخمر لأنها لا تزيده إلا جوعا وعطشا ، ولأنها تذهب بالعقل . وتعقبه بأنه إن كانت لا تسد من الجوع ولا تروي من العطش لم يرد السؤال أصلا ، وأما إذهابها العقل فليس البحث فيه بل هو فيما يسد به الرمق وقد لا يبلغ إلى حد إذهاب العقل . قلت : والذي يظهر أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أراد أن يردد الأمر بأن التناول منها إن كان يسيرا فهو لا يغني من الجوع ولا يروي من العطش ، وإن كانت كثيرا فهو يذهب العقل ، ولا يمكن القول بجواز التداوي بما يذهب العقل لأنه يستلزم أن يتداوى من شيء فيقع في أشد منه . وقد اختلف في جواز شرب الخمر للتداوي وللعطش ، قال مالك لا يشربها لأنها لا تزيده إلا عطشا ، وهذا هو الأصح عند الشافعية ، لكن التعليل يقتضي قصر المنع على المتخذ من شيء يكون بطبعه حارا كالعنب والزبيب ، أما المتخذ من شيء بارد كالشعير فلا . وأما التداوي فإن بعضهم قال إن المنافع التي كانت فيها قبل التحريم سلبت بعد التحريم بدليل الحديث المتقدم ذكره ، وأيضا فتحريمها مجزوم به ، وكونها دواء مشكوك بل يترجح أنها ليست بدواء بإطلاق الحديث . ثم الخلاف إنما هو فيما لا يسكر منها ، [ ص: 83 ] أما ما يسكر منها فإنه لا يجوز تعاطيه في التداوي إلا في صورة واحدة وهو من اضطر إلى إزالة عقله لقطع عضو من الأكلة والعياذ بالله ، فقد اطلق الرافعي تخريجه على الخلاف في التداوي ، وصحح النووي هنا الجواز ، وينبغي أن يكون محله فيما إذا تعين ذاك طريقا إلى سلامة بقية الأعضاء ولم يجد مرقدا غيرها ، وقد صرح من أجاز التداوي بالثاني ، وأجازه الحنفية مطلقا لأن الضرورة تبيح الميتة وهي لا يمكن أن تنقلب إلى حالة تحل فيها ، فالخمر التي من شأنها أن تنقلب خلا فتصير حلالا أولى ، وعن بعض المالكية إن دعته إليها ضرورة يغلب على ظنه أنه يتخلص بشربها جاز كما لو غص بلقمة ، والأصح عند الشافعية في الغص الجواز . وهذا ليس من التداوي المحض ، وسيأتي في أواخر الطب ما يدل على النهي عن التداوي بالخمر وهو يؤيد المذهب الصحيح .
ثم ساق nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . حديث عائشة ، " nindex.php?page=hadith&LINKID=847697كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجبه الحلواء والعسل " قال ابن المنير : ترجم على شيء وأعقبه بضده وبضدها تتبين الأشياء ، ثم عاد إلى ما يطابق الترجمة نصا ، ويحتمل أن يكون مراده بقول الزهري الإشارة لقوله - تعالى - : أحل لكم الطيبات إلى أن الحلواء والعسل من الطيبات فهو حلال ، وبقول ابن مسعود الإشارة إلى قوله - تعالى - : فيه شفاء للناس فدل الامتنان ، به على حله ، فلم يجعل الله الشفاء فيما حرم ، قال ابن المنير : ونبه بقوله شراب الحلواء على أنها ليست الحلوى المعهودة التي يتعاطاها المترفون اليوم ، وإنما هي حلو يشرب إما عسل بماء أو غير ذلك مما يشاكله انتهى . ومحتمل أن تكون الحلوى كانت تطلق لما هو أعم مما يعقد أو يؤكل أو يشرب ، كما أن العسل قد يؤكل إذا كان جامدا وقد يشرب إذا كان مائعا وقد يخلط فيه الماء ويذاب ثم يشرب ، وقد تقدم في كتاب الطلاق من طريق علي بن مسهر عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة في حديث الباب زيادة nindex.php?page=hadith&LINKID=848906 " وإن امرأة من قوم حفصة أهدت لها عكة عسل فشرب النبي - صلى الله عليه وسلم - منه شربة " الحديث في ذكر المغافير . فقوله : " سقته شربة من عسل " محتمل لأن يكون صرفا حيث يكون مائعا ، ويحتمل أن يكون ممزوجا . وقال النووي : المراد بالحلوى في هذا الحديث كل شيء حلو ، وذكر العسل بعدها للتنبيه على شرفه ومزيته ، وهو من الخاص بعد العام ، وفيه جواز أكل لذيذ الأطعمة والطيبات من الرزق ، وأن ذلك لا ينافي الزهد والمراقبة ، لا سيما إن حصل اتفاقا . وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " الشعب " عن nindex.php?page=showalam&ids=12032أبي سليمان الداراني قال : قول عائشة " كان يعجبه الحلوى " ليس على معنى كثرة التشهي لها وشدة نزاع النفس إليها وتأنق الصنعة في اتخاذها كفعل أهل الترفه والشره . وإنما كان إذا قدمت إليه ينال منها نيلا جيدا فيعلم بذلك أنه يعجبه طعمها ، وفيه دليل على اتخاذ الحلاوات والأطعمة من أخلاط شتى .