[ ص: 39 ] قوله ( باب من ترك العصر ) أي ما يكون حكمه ؟ قال ابن رشيد : أجاد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حيث اقتصر على صدر الحديث فأبقى فيه محلا للتأويل . وقال غيره : كان ينبغي أن يذكر حديث الباب في الباب الذي قبله ولا يحتاج إلى هذه الترجمة . وتعقب بأن الترك أصرح بإرادة التعمد من الفوات .
قوله : ( حدثنا مسلم بن إبراهيم ) سقط عند الأصيلي " ابن إبراهيم " .
قوله : ( حدثنا هشام ) وقع عند غير أبي ذر " أنبأنا هشام " وهو ابن أبي عبد الله الدستوائي .
قوله : ( أخبرنا يحيى ) عند غير أبي ذر " حدثنا " .
قوله : ( عن أبي قلابة ) عند nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14724أبي داود الطيالسي عن هشام عن يحيى أن أبا قلابة حدثه .
قوله : ( عن أبي المليح ) عند المصنف في " باب التبكير بالصلاة في يوم الغيم " عن معاذ بن فضالة عن هشام في هذا الإسناد أن أبا المليح حدثه ، nindex.php?page=showalam&ids=11915وأبو المليح هو ابن أسامة بن عمير الهذلي ، وقد تقدم أن اسمه عامر وأبوه صحابي ، وفي الإسناد ثلاثة من التابعين على نسق . وتابع هشاما على هذا الإسناد عن يحيى بن أبي كثير شيبان ومعمر وحديثهما عند أحمد ، وخالفهم الأوزاعي فرواه عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي المهاجر عن بريدة ، والأول هو المحفوظ ، وخالفهم أيضا في سياق المتن كما سيأتي التنبيه عليه في " باب التبكير " المذكور إن شاء الله تعالى .
قوله ( كنا مع nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة ) هو ابن الحصيب الأسلمي .
قوله ( ذي غيم ) قيل خص يوم الغيم بذلك لأنه مظنة التأخير إما لمتنطع يحتاط لدخول الوقت فيبالغ في التأخير حتى يخرج الوقت ، أو لمتشاغل بأمر آخر فيظن بقاء الوقت فيسترسل في شغله إلى أن يخرج الوقت .
قوله : ( بكروا ) أي عجلوا ، والتبكير يطلق لكل من بادر بأي شيء كان في أي وقت كان ، وأصله المبادرة بالشيء أول النهار .
قوله : ( فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - ) الفاء للتعليل ، وقد استشكل معرفة تيقن دخول أول الوقت مع وجود الغيم لأنهم لم يكونوا يعتمدون فيه إلا على الشمس ، وأجيب باحتمال أن بريدة قال ذلك عند معرفة دخول الوقت ، لأنه لا مانع في يوم الغيم من أن تظهر الشمس أحيانا . ثم إنه لا يشترط - إذا احتجبت الشمس - اليقين بل يكفي الاجتهاد .
قوله ( من ترك صلاة العصر ) زاد معمر في روايته " متعمدا " وكذا أخرجه أحمد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء .
[ ص: 40 ] قوله ( فقد حبط ) سقط " فقد " من رواية المستملي ، وفي رواية معمر " أحبط الله عمله " . وقد استدل بهذا الحديث من يقول بتكفير أهل المعاصي من الخوارج وغيرهم وقالوا : هو نظير قوله تعالى ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : مفهوم الآية أن من لم يكفر بالإيمان لم يحبط عمله فيتعارض مفهومها ومنطوق الحديث فيتعين تأويل الحديث ، لأن الجمع إذا أمكن كان أولى من الترجيح . وتمسك بظاهر الحديث أيضا الحنابلة ومن قال بقولهم من أن تارك الصلاة يكفر ، وجوابهم ما تقدم . وأيضا فلو كان على ما ذهبوا إليه لما اختصت العصر بذلك .
وأما الجمهور فتأولوا الحديث ، فافترقوا في تأويله فرقا . فمنهم من أول سبب الترك ، ومنهم من أول الحبط ، ومنهم من أول العمل فقيل : المراد من تركها جاحدا لوجوبها ، أو معترفا لكن مستخفا مستهزئا بمن أقامها . وتعقب بأن الذي فهمه الصحابي إنما هو التفريط ، ولهذا أمر بالمبادرة إليها ، وفهمه أولى من فهم غيره كما تقدم . وقيل المراد من تركها متكاسلا لكن خرج الوعيد مخرج الزجر الشديد وظاهره غير مراد كقوله nindex.php?page=hadith&LINKID=842027لا يزني الزاني وهو مؤمن وقيل هو من مجاز التشبيه كأن المعنى : فقد أشبه من حبط عمله ، وقيل معناه كاد أن يحبط ، وقيل المراد بالحبط نقصان العمل في ذلك الوقت الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله ، فكأن المراد بالعمل الصلاة خاصة ، أي لا يحصل على أجر من صلى العصر ولا يرتفع له عملها حينئذ ، وقيل المراد بالحبط الإبطال أي يبطل انتفاعه بعمله في وقت ما ثم ينتفع به ، كمن رجحت سيئاته على حسناته فإنه موقوف في المشيئة فإن غفر له فمجرد الوقوف إبطال لنفع الحسنة إذ ذاك وإن عذب ثم غفر له فكذلك .
قال معنى ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي ، وقد تقدم مبسوطا في كتاب الإيمان في " باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله " ومحصل ما قال أن المراد بالحبط في الآية غير المراد بالحبط في الحديث ، وقال في شرح الترمذي : الحبط على قسمين ، حبط إسقاط وهو إحباط الكفر للإيمان وجميع الحسنات ، وحبط موازنة وهو إحباط المعاصي للانتفاع بالحسنات عند رجحانها عليها إلى أن تحصل النجاة فيرجع إليه جزاء حسناته . وقيل المراد بالعمل في الحديث عمل الدنيا الذي يسبب الاشتغال به ترك الصلاة ، بمعنى أنه لا ينتفع به ولا يتمتع ، وأقرب هذه التأويلات قول من قال : إن ذلك خرج مخرج الزجر الشديد وظاهره غير مراد ، والله أعلم .