باب ما جاء إن الأعمال بالنية والحسبة ولكل امرئ ما نوى فدخل فيه الإيمان والوضوء والصلاة والزكاة والحج والصوم والأحكام وقال الله تعالى قل كل يعمل على شاكلته على نيته نفقة الرجل على أهله يحتسبها صدقة وقال النبي صلى الله عليه وسلم ولكن جهاد ونية
54 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15020عبد الله بن مسلمة قال أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم عن nindex.php?page=showalam&ids=16590علقمة بن وقاص عن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=650052أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه
[ ص: 164 ] قوله : ( باب ما جاء ) أي : باب بيان ما ورد دالا على أن الأعمال الشرعية معتبرة بالنية والحسبة ، والمراد بالحسبة طلب الثواب ، ولم يأت بحديث لفظه الأعمال بالنية والحسبة ، وإنما استدل بحديث عمر على أن الأعمال بالنية ، وبحديث أبي مسعود على أن الأعمال بالحسبة ، وقوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=883527ولكل امرئ ما نوى " هو بعض حديث الأعمال بالنية . وإنما أدخل قوله والحسبة بين الجملتين للإشارة إلى أن الثانية تفيد ما لا تفيد الأولى .
قوله : ( فدخل فيه ) هو من مقول المصنف ، وليس بقية مما ورد . وقد أفصح nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر في روايته بذلك فقال : قال أبو عبد الله - يعني المصنف - والضمير في فيه يعود على الكلام المتقدم . وتوجيه دخول النية في الإيمان على طريقة المصنف أن الإيمان عمل كما تقدم شرحه . وأما الإيمان بمعنى التصديق فلا يحتاج إلى نية كسائر أعمال القلوب - من خشية الله وعظمته ومحبته والتقرب إليه - لأنها متميزة لله تعالى فلا تحتاج لنية تميزها ; لأن النية إنما تميز العمل لله عن العمل لغيره رياء ، وتميز مراتب الأعمال كالفرض عن الندب ، وتميز العبادة عن العادة كالصوم عن الحمية .
قوله : ( والوضوء ) أشار به إلى خلاف من لم يشترط فيه النية كما نقل عن الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وغيرهما وحجتهم أنه ليس عبادة مستقلة بل وسيلة إلى عبادة كالصلاة ، ونوقضوا بالتيمم فإنه وسيلة وقد اشترط الحنفية فيه النية ، واستدل الجمهور على اشتراط النية في الوضوء بالأدلة الصحيحة المصرحة بوعد الثواب عليه ، فلا بد من قصد يميزه عن غيره ليحصل الثواب الموعود ، وأما الصلاة فلم يختلف في اشتراط النية فيها ، وأما الزكاة فإنما تسقط بأخذ السلطان ولو لم ينو صاحب المال لأن السلطان قائم مقامه ، وأما الحج فإنما ينصرف إلى فرض من حج عن غيره لدليل خاص وهو حديث ابن عباس في قصة شبرمة ، وأما الصوم فأشار به إلى خلاف من زعم أن صيام رمضان لا يحتاج إلى نية لأنه متميز بنفسه كما نقل عن زفر . وقدم المصنف الحج على الصوم تمسكا بما ورد عنده في حديث " بني الإسلام " وقد تقدم .
قوله : ( والأحكام ) أي : المعاملات التي يدخل فيها الاحتياج إلى المحاكمات فيشمل البيوع والأنكحة والأقارير وغيرها ، وكل صورة لم يشترط فيها النية فذاك لدليل خاص ، وقد ذكر ابن المنير ضابطا لما يشترط فيه النية مما لا يشترط فقال : كل عمل لا تظهر له فائدة عاجلة بل المقصود به طلب الثواب فالنية مشترطة فيه ، وكل عمل ظهرت فائدته ناجزة وتعاطته الطبيعة قبل الشريعة لملاءمة بينهما فلا تشترط النية فيه إلا لمن قصد بفعله معنى آخر يترتب عليه الثواب . قال : وإنما اختلف العلماء في بعض الصور من جهة تحقيق مناط التفرقة قال : وأما ما كان من المعاني المحضة كالخوف والرجاء فهذا لا يقال باشتراط النية فيه ; لأنه لا يمكن أن يقع إلا منويا . ومتى فرضت النية مفقودة فيه استحالت حقيقته ، فالنية فيه شرط عقلي ، ولذلك لا تشترط النية للنية فرارا [ ص: 165 ] من التسلسل . وأما الأقوال فتحتاج إلى النية في ثلاثة مواطن : أحدها التقرب إلى الله فرارا من الرياء ، والثاني التمييز بين الألفاظ المحتملة لغير المقصود ، والثالث قصد الإنشاء ليخرج سبق اللسان .
قوله : ( وقال الله ) قال الكرماني : الظاهر أنها جملة حالية لا عطف ، أي والحال أن الله قال . ويحتمل أن تكون للمصاحبة ، أي : مع أن الله قال .
قوله : ( على نيته ) تفسير منه لقوله : ( على شاكلته ) بحذف أداة التفسير ، وتفسير الشاكلة بالنية صح عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ومعاوية بن قرة المزني وقتادة أخرجه عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري عنهم ، وعن مجاهد قال : الشاكلة الطريقة أو الناحية ، وهذا قول الأكثر ، وقيل الدين . وكلها متقاربة .
قوله : ( الأعمال بالنية ) كذا أورده من رواية مالك بحذف " إنما " من أوله ، وقد رواه مسلم عن القعنبي وهو عبد الله بن مسلمة المذكور هنا بإثباتها ، وتقدم الكلام على نكت من هذا الحديث أول الكتاب .