ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا
والعساقل بمهملتين وقاف ولام الشراب ، وكأنه أشار إلى أن الأكمؤ محل وجدانها الفلوات . والكمأة نبات لا ورق لها ولا ساق ، توجد في الأرض من غير أن تزرع . قيل : سميت بذلك لاستتارها ، يقال كمأ الشهادة إذا كتمها . ومادة الكمأة من جوهر أرض بخارى يحتقن نحو سطح الأرض ببرد الشتاء وينميه مطر الربيع فيتولد ويندفع متجسدا ، ولذلك كان بعض العرب يسميها جدري الأرض تشبيها لها بالجدري مادة وصورة ، لأن مادته رطوبة دموية تندفع غالبا عند الترعرع وفي ابتداء استيلاء الحرارة ونماء القوة ومشابهتها له في الصورة ظاهر . وأخرج الترمذي من حديث أبي هريرة أن ناسا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا : الكمأة جدري الأرض ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - الكمأة من المن الحديث . من طريق وللطبري ابن المنكدر عن جابر قال : كثرت الكمأة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فامتنع قوم من أكلها وقالوا : هي جدري الأرض ، فبلغه ذلك فقال : إن الكمأة ليست من جدري الأرض ، ألا إن الكمأة من المن والعرب تسمي الكمأة أيضا بنات الرعد لأنها تكثر بكثرته ثم تنفطر عنها الأرض . وهي كثيرة بأرض العرب ، وتوجد بالشام ومصر ، فأجودها ما كانت أرضه رملة قليلة الماء ، ومنها صنف قتال يضرب لونه إلى الحمرة . وهي باردة رطبة في الثانية رديئة للمعدة بطيئة الهضم ، وإدمان أكلها يورث القولنج والسكتة والفالج وعسر البول ، والرطب منها أقل ضررا من اليابس ، وإذا دفنت في الطين الرطب ثم سلقت بالماء والملح والسعتر وأكلت بالزيت والتوابل الحارة قل ضررها ، ومع ذلك ففيها جوهر مائي لطيف بدليل خفتها ، فلذلك كان ماؤها شفاء للعين .