قوله : ( باب دواء المبطون ) المراد بالمبطون من اشتكى بطنه لإفراط الإسهال ، وأسباب ذلك متعددة .
قوله : ( قتادة عن أبي المتوكل ) كذا لشعبة وسعيد بن أبي عروبة . وخالفهما شيبان فقال : " عن قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق عن أبي سعيد " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ولم يرجح ، والذي يظهر ترجيح طريق أبي المتوكل لاتفاق الشيخين عليها شعبة وسعيد أولا ثم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم ثانيا ، ووقع في رواية أحمد عن حجاج عن شعبة " عن قتادة سمعت أبا المتوكل " .
قوله : ( جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن أخي ) لم أقف على اسم واحد منهما .
قوله : ( استطلق بطنه ) بضم المثناة وسكون الطاء المهملة وكسر اللام بعدها قاف ، أي كثر خروج ما فيه ، يريد الإسهال . ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة في رابع باب من كتاب الطب " هذا ابن أخي يشتكي بطنه " ولمسلم من طريقه " قد عرب بطنه " وهي بالعين المهملة والراء المكسورة ثم الموحدة أي فسد هضمه لاعتلال المعدة ، ومثله ذرب بالذال المعجمة بدل العين وزنا ومعنى .
قوله : ( فقال اسقه عسلا ) وعند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق خالد بن الحارث عن شعبة اسقه العسل واللام عهدية ، والمراد عسل النحل ، وهو مشهور عندهم ، وظاهره الأمر بسقيه صرفا ، ويحتمل أن يكون ممزوجا .
قوله : ( فسقاه فقال : إني سقيته فلم يزده إلا استطلاقا ) كذا فيه ، وفي السياق حذف تقديره . فسقاه فلم يبرأ ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إني سقيته ، ووقع في رواية مسلم " فسقاه ثم جاء فقال : إني سقيته فلم يزدد إلا استطلاقا " أخرجه عن nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار الذي أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عنه ولكن قرنه بمحمد بن المثنى وقال : إن اللفظ لمحمد بن المثنى . نعم أخرجه الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار وحده بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=847770ثم جاء فقال : يا [ ص: 179 ] رسول الله ، إني قد سقيته عسلا فلم يزده إلا استطلاقا .
قوله : ( تابعه nindex.php?page=showalam&ids=15409النضر ) يعني ابن شميل بالمعجمة مصغرا ( عن شعبة ) وصله إسحاق بن راهويه في مسنده عن النضر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : وتابعه أيضا يحيى بن سعيد nindex.php?page=showalam&ids=15792وخالد بن الحارث nindex.php?page=showalam&ids=17376ويزيد بن هارون . قلت : رواية يحيى عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في " الكبرى " ورواية خالد عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي عن أبي يعلى ، ورواية يزيد عند أحمد وتابعهم أيضا nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد nindex.php?page=showalam&ids=15903وروح بن عبادة وروايتهما عند أحمد أيضا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وغيره : أهل الحجاز يطلقون الكذب في موضع الخطأ ، يقال كذب سمعك أي زل فلم يدرك حقيقة ما قيل له ، فمعنى كذب بطنه أي لم يصلح لقبول الشفاء بل زل عنه ، وقد اعترض بعض الملاحدة فقال : العسل مسهل فكيف يوصف لمن وقع به الإسهال ؟ والجواب أن ذلك جهل من قائله ، بل هو كقوله - تعالى - : بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه فقد اتفق الأطباء على أن المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السن والعادة والزمان والغذاء المألوف والتدبير وقوة الطبيعة ، وعلى أن الإسهال يحدث من أنواع منها الهيضة التي تنشأ عن تخمة واتفقوا على أن علاجها بترك الطبيعة وفعلها ، فإن احتاجت إلى مسهل معين أعينت ما دام بالعليل قوة ، فكأن هذا الرجل كان استطلاق بطنه عن تخمة أصابته فوصف له النبي - صلى الله عليه وسلم - العسل لدفع الفضول المجتمعة في نواحي المعدة والأمعاء لما في العسل من الجلاء ودفع الفضول التي تصيب المعدة من أخلاط لزجة تمنع استقرار الغذاء فيها ، وللمعدة خمل كخمل المنشفة ، فإذا علقت بها الأخلاط اللزجة أفسدتها وأفسدت الغذاء الواصل إليها ، فكان دواؤها باستعمال ما يجلو تلك الأخلاط ، ولا شيء في ذلك مثل العسل ، لا سيما إن مزج بالماء الحار ، وإنما لم يفده في أول مرة لأن الدواء يجب أن يكون له مقدار وكمية بحسب الداء ، إن قصر عنه لم يدفعه بالكلية وإن جاوزه أوهى القوة وأحدث ضررا آخر فكأنه شرب منه أولا مقدارا لا يفي بمقاومة الداء ، فأمره بمعاودة سقيه ، فلما تكررت الشربات بحسب مادة الداء برأ بإذن الله [ ص: 180 ] - تعالى - . وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=847779وكذب بطن أخيك إشارة إلى أن هذا الدواء نافع ، وأن بقاء الداء ليس لقصور الدواء في نفسه ولكن لكثرة المادة الفاسدة ، فمن ثم أمره بمعاودة شرب العسل لاستفراغها ، فكان كذلك ، وبرأ بإذن الله . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : والطب نوعان ، طب اليونان وهو قياسي ، وطب العرب والهند وهو تجاربي ، وكان أكثر ما يصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن يكون عليلا على طريقة طب العرب ، ومنه ما يكون مما اطلع عليه بالوحي . وقد قال صاحب " كتاب المائة في الطب " إن العسل تارة يجري سريعا إلى العروق وينفذ معه جل الغذاء ويدر البول فيكون قابضا ، وتارة يبقى في المعدة فيهيجها بلذعها حتى يدفع الطعام ويسهل البطن فيكون مسهلا . فإنكار وصفه للمسهل مطلقا قصور من المنكر . وقال غيره : طب النبي - صلى الله عليه وسلم - متيقن البرء لصدوره عن الوحي ، وطب غيره أكثره حدس أو تجربة ، وقد يتخلف الشفاء عن بعض من يستعمل طب النبوة ، وذلك لمانع قام بالمستعمل من ضعف اعتقاد الشفاء به وتلقيه بالقبول ، وأظهر الأمثلة في ذلك القرآن الذي هو شفاء لما في الصدور ، ومع ذلك فقد لا يحصل لبعض الناس شفاء صدره لقصوره في الاعتقاد والتلقي بالقبول ، بل لا يزيد المنافق إلا رجسا إلى رجسه ومرضا إلى مرضه ، فطب النبوة لا يناسب إلا الأبدان الطيبة ، كما أن شفاء القرآن لا يناسب إلا القلوب الطيبة ; والله أعلم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : في وصفه - صلى الله عليه وسلم - العسل لهذا المنسهل أربعة أقوال : أحدها أنه حمل الآية على عمومها في الشفاء ، وإلى ذلك أشار بقوله : " صدق الله " أي في قوله : فيه شفاء للناس فلما نبهه على هذه الحكمة تلقاها بالقبول ، فشفي بإذن الله . الثاني : أن الوصف المذكور على المألوف من عادتهم من التداوي بالعسل في الأمراض كلها . الثالث : أن الموصوف له ذلك كانت به هيضة كما تقدم تقريره . الرابع : يحتمل أن يكون أمره بطبخ العسل قبل شربه فإنه يعقد البلغم ، فلعله شربه أولا بغير طبخ انتهى . والثاني والرابع ضعيفان وفي كلام nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي احتمال آخر ، وهو أن يكون الشفاء يحصل للمذكور ببركة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبركة وصفه ودعائه ; فيكون خاصا بذلك الرجل دون غيره ، وهو ضعيف أيضا . ويؤيد الأول حديث ابن مسعود nindex.php?page=hadith&LINKID=847780عليكم بالشفاءين : العسل والقرآن أخرجه ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم مرفوعا ، وأخرجه ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم موقوفا ، ورجاله رجال الصحيح . وأثر علي إذا اشتكى أحدكم فليستوهب من امرأته من صداقها فليشتر به عسلا ، ثم يأخذ ماء السماء فيجمع هنيئا مريئا شفاء مباركا أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير بسند حسن ، قال ابن بطال : يؤخذ من قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=847777صدق الله وكذب بطن أخيك أن الألفاظ لا تحمل على ظاهرها ، إذ لو كان كذلك لبرئ العليل من أول شربة ، فلما لم يبرأ إلا بعد التكرار دل على أن الألفاظ تقتصر على معانيها . قلت : ولا يخفى تكلف هذا الانتزاع . وقال أيضا : فيه أن الذي يجعل الله فيه الشفاء قد يتخلف لتتم المدة التي قدر الله - تعالى - فيها الداء . وقال غيره : في قوله في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة " فسقاه فبرأ " بفتح الراء والهمز بوزن قرأ وهي لغة أهل الحجاز ، وغيرهم يقولها بكسر الراء بوزن علم ، وقد وقع في رواية أبي الصديق الناجي في آخره " فسقاه فعافاه الله " والله أعلم .