حديث عبد الرحمن بن عوف ، وفيه قصة عمر وأبي عبيدة ، ذكره من وجهين مطولا ومختصرا .
قوله : ( عن عبد الحميد ) هو بتقديم الحاء المهملة على الميم ، وروايته عن شيخه فيه من رواية الأقران ، وفي السند ثلاثة من التابعين في نسق ، وصحابيان في نسق ، وكلهم مدنيون .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=16449عبد الله بن عبد الله بن الحارث ) أي ابن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، لجد أبيه نوفل ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - له صحبة ، وكذا لولده الحارث ، وولد عبد الله بن الحارث في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فعد لذلك في الصحابة فهم ثلاثة من الصحابة في نسق ، وكان عبد الله بن الحارث يلقب ببة بموحدتين مفتوحتين الثانية مثقلة ومعناه الممتلئ البدن من النعمة ، ويكنى أبا محمد ، ومات سنة أربع وثمانين . وأما ولده راوي هذا الحديث فهو ممن وافق اسمه اسم أبيه ، وكان يكنى أبا يحيى ومات سنة تسع وتسعين ، وما له في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري سوى هذا الحديث ، وقد وافق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا على روايته عن ابن شهاب هكذا معمر وغيره وخالفهم يونس فقال علي بن شهاب عن عبد الله بن الحارث أخرجه مسلم ولم يسق لفظه ، وساقه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة وقال : قول مالك ومن تابعه أصح . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : تابع يونس صالح بن نصر عن مالك . وقد رواه ابن وهب عن مالك ويونس جميعا عن ابن شهاب عن عبد الله بن الحارث ، والصواب الأول ، وأظن ابن وهب حمل رواية مالك على رواية يونس ، قال : وقد رواه إبراهيم بن عمر بن أبي الوزير عن مالك كالجماعة ، لكن قال : " عن nindex.php?page=showalam&ids=16449عبد الله بن عبد الله بن الحارث عن أبيه عن ابن عباس " زاد في السند " عن أبيه " وهو خطأ . قلت : وقد خالف nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد جميع أصحاب ابن شهاب فقال : " عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبيه وعمر " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة ، وهشام صدوق سيئ الحفظ وقد اضطرب فيه فرواه تارة هكذا ومرة أخرى " عن ابن شهاب عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه وعمر " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة أيضا ، nindex.php?page=showalam&ids=13283ولابن شهاب فيه شيخ آخر قد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إثر هذا السند .
قوله : ( أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب خرج إلى الشام ) ذكر سيف بن عمر في " الفتوح " أن ذلك كان في ربيع الآخر سنة ثماني عشرة ، وأن الطاعون كان وقع أولا في المحرم وفي صفر ثم ارتفع ، فكتبوا إلى عمر فخرج حتى إذا كان قريبا من الشام بلغه أنه أشد ما كان ، فذكر القصة . وذكر خليفة بن خياط أن خروج عمر إلى سرغ كان [ ص: 195 ] في سنة سبع عشرة ، فالله أعلم . وهذا الطاعون الذي وقع بالشام حينئذ هو الذي يسمى طاعون عمواس بفتح المهملة والميم وحكي تسكينها وآخره مهملة ، قيل : سمي بذلك لأنه عم وواسى .
قوله : ( حتى إذا كان بسرغ ) بفتح المهملة وسكون الراء بعدها معجمة وحكي عن ابن وضاح تحريك الراء وخطأه بعضهم : مدينة افتتحها أبو عبيدة ، وهي واليرموك والجابية متصلات وبينها وبين المدينة ثلاث عشرة مرحلة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : قيل : إنه واد بتبوك ، وقيل : بقرب تبوك ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14065الحازمي : هي أول الحجاز ، وهي من منازل حاج الشام ، وقيل : بينها وبين المدينة ثلاث عشرة مرحلة .
قوله : ( لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه ) هم خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص ، وكان أبو بكر قد قسم البلاد بينهم وجعل أمر القتال إلى خالد ، ثم رده عمر إلى أبي عبيدة ، وكان عمر رضي الله - تعالى - عنه قسم الشام أجنادا : الأردن جند ، وحمص جند ، ودمشق جند ، وفلسطين جند ، وقنسرين جند ، وجعل على كل جند أميرا ، ومنهم من قال : إن قنسرين كانت مع حمص فكانت أربعة ، ثم أفردت قنسرين في أيام يزيد بن معاوية .
قوله : ( فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام ) في رواية يونس " الوجع " بدل " الوباء " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد " أن عمر لما خرج إلى الشام سمع بالطاعون " ولا مخالفة بينها ، فإن كل طاعون وباء ووجع من غير عكس .
قوله : ( فقال عمر : ادع لي المهاجرين الأولين ) في رواية يونس " اجمع لي " .
قوله : ( ارتفعوا عني ) في رواية يونس " فأمرهم فخرجوا عنه " .
قوله : ( من مشيخة قريش ) ضبط " مشيخة " بفتح الميم والتحتانية بينهما معجمة ساكنة . وبفتح الميم وكسر المعجمة وسكون التحتانية جمع شيخ ويجمع أيضا على شيوخ بالضم ، وبالكسر ، وأشياخ ، وشيخة بكسر ثم فتح ، وشيخان بكسر ثم سكون ، ومشايخ ، ومشيخاء بفتح ثم سكون ثم ضم ومد ، وقد تشبع الضمة حتى تصير واوا فتتم عشرا .
قوله : ( من مهاجرة الفتح ) أي الذين هاجروا إلى المدينة عام الفتح ، أو المراد مسلمة الفتح ، أو أطلق على من تحول إلى المدينة بعد فتح مكة مهاجرا صورة وإن كانت الهجرة بعد الفتح حكما قد ارتفعت ، وأطلق عليهم ذلك احترازا من مشيخة قريش ممن أقام بمكة ولم يهاجر أصلا ، وهذا يشعر بأن لمن هاجر فضلا في الجملة على من لم يهاجر وإن كانت الهجرة الفاضلة في الأصل إنما هي لمن هاجر قبل الفتح لقوله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=847805لا هجرة بعد الفتح ، وإنما كان كذلك لأن مكة بعد الفتح صارت دار إسلام ، فالذي يهاجر منها للمدينة إنما يهاجر لطلب العلم أو الجهاد لا للفرار بدينه ، بخلاف ما قبل الفتح ، وقد تقدم بيان ذلك .
قوله : ( بقية الناس ) أي الصحابة ، أطلق عليهم ذلك تعظيما لهم أي ليس الناس إلا هم ، ولهذا عطفهم على الصحابة عطف تفسير ، ويحتمل أن يكون المراد ببقية الناس أي الذين أدركوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عموما ، والمراد بالصحابة الذين لازموه وقاتلوا معه .
[ ص: 196 ] قوله : ( فنادى عمر في الناس : إني مصبح على ظهر ، فأصبحوا عليه ) زاد يونس في روايته " فإني ماض لما أرى ، فانظروا ما آمركم به فامضوا له ، قال فأصبح على ظهر " .
قوله : ( فقال أبو عبيدة ) وهو إذ ذاك أمير الشام ( أفرارا من قدر الله ) ؟ أي أترجع فرارا من قدر الله ؟ وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد " وقالت طائفة منهم أبو عبيدة : أمن الموت نفر ؟ إنما نحن بقدر ، لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " .
قوله : ( فقال عمر لو غيرك قالها يا أبا عبيدة ) أي لعاقبته ، أو لكان أولى منك بذلك ، أو لم أتعجب منه ، ولكني أتعجب منك مع علمك وفضلك كيف تقول هذا ؟ ويحتمل أن يكون المحذوف : لأدبته ، أو هي للتمني فلا يحتاج إلى جواب ، والمعنى أن غيرك ممن لا فهم له إذا قال ذلك يعذر . وقد بين سبب ذلك بقوله وكان عمر يكره خلافه ، أي مخالفته .
قوله : ( نعم ، نفر من قدر الله إلى قدر الله ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد " إن تقدمنا فبقدر الله ، وإن تأخرنا فبقدر الله " وأطلق عليه فرارا لشبهه به في الصورة وإن كان ليس فرارا شرعيا . والمراد أن هجوم المرء على ما يهلكه منهي عنه . ولو فعل لكان من قدر الله ، وتجنبه ما يؤذيه مشروع وقد يقدر الله وقوعه فيما فر منه فلو فعله أو تركه لكان من قدر الله ، فهما مقامان : مقام التوكل ، ومقام التمسك بالأسباب كما سيأتي تقريره . ومحصل قول عمر : " نفر من قدر الله إلى قدر الله " أنه أراد أنه لم يفر من قدر الله حقيقة ، وذلك أن الذي فر منه أمر خاف على نفسه منه فلم يهجم عليه ، والذي فر إليه أمر لا يخاف على نفسه منه إلا الأمر الذي لا بد من وقوعه سواء كان ظاعنا أو مقيما .
قوله : ( له عدوتان ) بضم العين المهملة وبكسرها أيضا وسكون الدال المهملة : تثنية عدوة ، وهو المكان المرتفع من الوادي ، وهو شاطئه .
قوله : ( إحداهما خصيبة ) بوزن عظيمة ، وحكى ابن التين سكون الصاد بغير ياء ، زاد مسلم في رواية معمر " وقال له أيضا : أرأيت لو أنه رعى الجدبة وترك الخصبة أكنت معجزه ؟ وهو بتشديد الجيم قال : نعم . قال : فسر إذا ، فسار حتى أتى المدينة " .
قوله : ( فجاء عبد الرحمن بن عوف ) هو موصول عن ابن عباس بالسند المذكور .
قوله : ( وكان متغيبا في بعض حاجته ) أي لم يحضر معهم المشاورة المذكورة لغيبته .
قوله : ( إن عندي في هذا علما ) في رواية مسلم " لعلما " بزيادة لام التأكيد .
قوله : ( إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه إلخ ) هو موافق للمتن الذي قبله عن أسامة بن زيد وسعد وغيرهما ، فلعلهم لم يكونوا مع عمر في تلك السفرة .
قوله : ( فلا تخرجوا فرارا منه ) في رواية عبد الله بن عامر التي بعد هذه وفي حديث أسامة عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي فلا تفروا منه وفي رواية لأحمد من طريق ابن سعد عن أبيه مثله ، ووقع في ذكر بني إسرائيل إلا فرارا منه وتقدم [ ص: 197 ] الكلام على إعرابه هناك .