قوله : ( باب السحر ) قال الراغب وغيره : السحر يطلق على معان : أحدها ما لطف ودق ، ومنه سحرت الصبي خادعته واستملته ، وكل من استمال شيئا فقد سحره ومنه إطلاق الشعراء سحر العيون لاستمالتها النفوس ، ومنه قول الأطباء : الطبيعة ساحرة ومنه قوله - تعالى - : بل نحن قوم مسحورون أي مصروفون عن المعرفة ، ومنه حديث nindex.php?page=hadith&LINKID=841065إن من البيان لسحرا وسيأتي قريبا في باب مفرد . الثاني ما يقع بخداع وتخييلات لا حقيقة لها ، نحوها ما يفعله المشعوذ من صرف الأبصار عما يتعاطاه بخفة يده ، وإلى ذلك الإشارة بقوله - تعالى - : يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى وقوله - تعالى - : سحروا أعين الناس ومن هناك سموا موسى ساحرا ، وقد يستعين في ذلك بما يكون فيه خاصية كالحجر الذي يجذب الحديد المسمى المغنطيس . الثالث ما يحصل بمعاونة الشياطين بضرب من التقرب إليهم ، وإلى ذلك الإشارة بقوله - تعالى - : ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر . الرابع ما يحصل بمخاطبة الكواكب واستنزال روحانياتها بزعمهم ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : ومنه ما يوجد من الطلسمات كالطابع المنقوش فيه صورة عقرب في وقت كون القمر في العقرب فينفع إمساكه من لدغة العقرب ، وكالمشاهد ببعض بلاد الغرب - وهي سرقسطة - فإنها لا يدخلها ثعبان قط إلا إن كان بغير إرادته ، وقد يجمع بعضهم بين الأمرين الأخيرين كالاستعانة بالشياطين ومخاطبة الكواكب فيكون ذلك أقوى بزعمهم ، قال أبو بكر الرازي في الأحكام له : كان أهل بابل قوما صابئين يعبدون الكواكب السبعة ويسمونها آلهة ويعتقدون أنها الفعالة لكل ما في [ ص: 233 ] العالم ، وعملوا أوثانا على أسمائها ، ولكل واحد هيكل فيه صنمه يتقرب إليه بما يوافقه بزعمهم من أدعية وبخور ، وهم الذين بعث إليهم إبراهيم عليه السلام وكانت علومهم أحكام النجوم ، ومع ذلك فكان السحرة منهم يستعملون سائر وجوه السحر وينسبونها إلى فعل الكواكب لئلا يبحث عنها وينكشف تمويههم انتهى . ثم السحر يطلق ويراد به الآلة التي يسحر بها ، ويطلق ويراد به فعل الساحر والآلة تارة تكون معنى من المعاني فقط كالرقى والنفث في العقد ، وتارة تكون بالمحسوسات كتصوير الصورة على صورة المسحور . وتارة بجمع الأمرين الحسي والمعنوي وهو أبلغ . واختلف في السحر فقيل : هو تخييل ولا حقيقة له وهذا اختيار أبي جعفر الإسترباذي من الشافعية وأبي بكر الرازي من الحنفية وابن حزم الظاهري وطائفة ، قال النووي : والصحيح أن له حقيقة وبه قطع الجمهور وعليه عامة العلماء ، ويدل عليه الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة انتهى . لكن محل النزاع هل يقع بالسحر انقلاب عين أو لا ؟ فمن قال إنه تخييل فقط منع ذلك ، ومن قال إن له حقيقة اختلفوا هل له تأثير فقط بحيث يغير المزاج فيكون نوعا من الأمراض أو ينتهي إلى الإحالة بحيث يصير الجماد حيوانا مثلا وعكسه ؟ فالذي عليه الجمهور هو الأول ، وذهبت طائفة قليلة إلى الثاني . فإن كان بالنظر إلى القدرة الإلهية فمسلم ، وإن كان بالنظر إلى الواقع فهو محل الخلاف ، فإن كثيرا ممن يدعي ذلك لا يستطيع إقامة البرهان عليه ، ونقل nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أن قوما أنكروا السحر مطلقا وكأنه عنى القائلين بأنه تخييل فقط وإلا فهي مكابرة ، وقال المازري : جمهور العلماء على إثبات السحر وأن له حقيقة ، ونفى بعضهم حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة وهو مردود لورود النقل بإثبات السحر ، ولأن العقل لا ينكر أن الله قد يخرق العادة عند نطق الساحر بكلام ملفق أو تركيب أجسام أو مزج بين قوى على ترتيب مخصوص ، ونظير ذلك ما يقع من حذاق الأطباء من مزج بعض العقاقير ببعض حتى ينقلب الضار منها بمفرده فيصير بالتركيب نافعا ، وقيل لا يزيد تأثير السحر على ما ذكر الله - تعالى - في قوله : يفرقون به بين المرء وزوجه لكون المقام مقام تهويل ، فلو جاز أن يقع به أكثر من ذلك لذكره . قال المازري : والصحيح من جهة العقل أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك ، قال : والآية ليست نصا في منع الزيادة ، ولو قلنا إنها ظاهرة في ذلك . ثم قال : والفرق بين السحر والمعجزة والكرامة أن السحر يكون بمعاناة أقوال وأفعال حتى يتم للساحر ما يريد ، والكرامة لا تحتاج إلى ذلك بل إنما تقع غالبا اتفاقا ، وأما المعجزة فتمتاز عن الكرامة بالتحدي . ونقل إمام الحرمين الإجماع على أن السحر لا يظهر إلا من فاسق ، وأن الكرامة لا تظهر على فاسق . ونقل النووي في زيادات الروضة عن المتولي نحو ذلك . وينبغي أن يعتبر بحال من يقع الخارق منه ، فإن كان متمسكا بالشريعة متجنبا للموبقات فالذي يظهر على يده من الخوارق كرامة ، وإلا فهو سحر ، لأنه ينشأ عن أحد أنواعه كإعانة الشياطين . وقال القرطبي : السحر حيل صناعية يتوصل إليها بالاكتساب ، غير أنها لدقتها لا يتوصل إليها إلا آحاد الناس ، ومادته الوقوف على خواص الأشياء والعلم بوجوه تركيبها وأوقاته ، وأكثرها تخييلات بغير حقيقة وإيهامات بغير ثبوت فيعظم عند من لا يعرف ذلك كما قال الله - تعالى - عن سحرة فرعون : وجاءوا بسحر عظيم مع أن حبالهم وعصيهم لم تخرج عن كونها حبالا وعصيا . ثم قال : والحق أن لبعض أصناف السحر تأثيرا في القلوب كالحب والبغض وإلقاء الخير والشر ، وفي الأبدان بالألم والسقم ، وإنما المنكور أن الجماد ينقلب حيوانا أو عكسه بسحر الساحر أو نحو ذلك .
قوله : ( وقول الله - تعالى - : ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر الآية كذا للأكثر وساق في رواية كريمة إلى قوله : من خلاق وفي هذه الآية بيان أصل السحر الذي يعمل به اليهود ، ثم هو مما وضعته الشياطين على سليمان بن داود عليه السلام ومما أنزل على هاروت وماروت بأرض بابل ، والثاني متقدم العهد على [ ص: 234 ] الأول لأن قصة هاروت وماروت كانت من قبل زمن نوح عليه السلام على ما ذكر ابن إسحاق وغيره ، وكان السحر موجودا في زمن نوح إذ أخبر الله عن قوم نوح أنهم زعموا أنه ساحر ، وكان السحر أيضا فاشيا في قوم فرعون وكل ذلك قبل سليمان . واختلف في المراد بالآية فقيل : إن سليمان كان جمع كتب السحر والكهانة فدفنها تحت كرسيه فلم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنو من الكرسي ، فلما مات سليمان وذهبت العلماء الذين يعرفون الأمر جاءهم شيطان في صورة إنسان فقال لليهود : هل أدلكم على كنز لا نظير له ؟ قالوا : نعم قال : فاحفروا تحت الكرسي ، فحفروا - وهو متنح عنهم - فوجدوا تلك الكتب ، فقال لهم : إن سليمان كان يضبط الإنس والجن بهذا ، ففشا فيهم أن سليمان كان ساحرا ، فلما نزل القرآن بذكر سليمان في الأنبياء أنكرت اليهود ذلك وقالوا إنما كان ساحرا ، فنزلت هذه الآية . أخرجه الطبري وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، ومن طريق سعيد بن جبير بسند صحيح نحوه ، ومن طريق عمران بن الحارث عن ابن عباس موصولا بمعناه ، وأخرج من طريق الربيع بن أنس نحوه ولكن قال : إن الشياطين هي التي كتبت كتب السحر ودفنتها تحت كرسيه ، ثم لما مات سليمان استخرجته وقالوا : هذا العلم الذي كان سليمان يكتمه الناس . وأخرجه من طريق محمد بن إسحاق وزاد أنهم نقشوا خاتما على نقش خاتم سليمان وختموا به الكتاب وكتبوا به الكتاب وكتبوا عنوانه " هذا ما كتب آصف بن برخياء الصديق للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم " ثم دفنوه فذكر نحو ما تقدم . وأخرج من طريق العوفي عن ابن عباس نحو ما تقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ولكن قال إنهم لما وجدوا الكتب قالوا هذا مما أنزل الله على سليمان فأخفاه منا . وأخرج بسند صحيح عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : انطلقت الشياطين في الأيام التي ابتلي فيها سليمان ، فكتبت كتبا فيها سحر وكفر ، ثم دفنتها تحت كرسيه ثم أخرجوها بعده فقرءوها على الناس ، وملخص ما ذكر في تفسير هذه الآية أن المحكي عنهم أنهم اتبعوا ما تتلوا الشياطين هم أهل الكتاب ، إذ تقدم قبل ذلك في الآيات إيضاح ذلك ، والجملة معطوفة على مجموع الجمل السابقة من قوله - تعالى - : ولما جاءهم رسول إلى آخر الآية ، وما في قوله ما تتلو الشياطين موصولة على الصواب ، وغلط من قال إنها نافية لأن نظم الكلام يأباه ، وتتلو لفظه مضارع لكن هو واقع موقع الماضي وهو استعمال شائع ، ومعنى تتلو تتقول ، ولذلك عداه بعلى ، وقيل معناه تتبع أو تقرأ ، ويحتاج إلى تقدير قيل هو تقرأ على زمان ملك سليمان ، وقوله : وما كفر سليمان ما نافية جزما وقوله : ولكن الشياطين كفروا هذه الواو عاطفة لجملة الاستدراك على ما قبلها ، وقوله : يعلمون الناس السحر الناس مفعول أول والسحر مفعول ثان والجملة حال من فاعل كفروا ، أي كفروا معلمين ، وقيل هي بدل من كفروا ، وقيل استئنافية ، وهذا على إعادة ضمير يعلمون على الشياطين ، ويحتمل عوده على الذين اتبعوا فيكون حالا من فاعل اتبعوا أو استئنافا ، وقوله : وما أنزل ما موصولة ومحلها النصب عطفا على السحر ، والتقدير يعلمون الناس السحر ، والمنزل على الملكين ، وقيل الجر عطفا على ملك سليمان أي تقولا على ملك سليمان وعلى ما أنزل ، وقيل بل هي نافية عطفا ، على وما كفر سليمان والمعنى ولم ينزل على الملكين إباحة السحر . وهذان الإعرابان ينبنيان على ما جاء في تفسير الآية عن البعض ، والجمهور على خلافه وأنها موصولة ، ورد الزجاج على الأخفش دعواه أنها نافية وقال : الذي جاء في الحديث والتفسير أولى . وقوله : ببابل متعلق بما أنزل أي في بابل ، والجمهور على فتح لام الملكين ، وقرئ بكسرها ، وهاروت وماروت بدل من الملكين وجرا بالفتحة ، أو عطف بيان ، وقيل بل هما بدل من الناس وهو بعيد ، وقيل من الشياطين على أن هاروت وماروت اسمان لقبيلتين من الجن وهو ضعيف ، وقوله : وما يعلمان من أحد بالتشديد من التعليم ، وقرئ في الشاذ بسكون العين من الإعلام بناء على أن التضعيف يتعاقب مع [ ص: 235 ] الهمزة ، وذلك أن الملكين لا يعلمان الناس السحر بل يعلمانهم به وينهيانهم عنه ، والأول أشهر ، وقد قال علي : الملكان يعلمان تعليم إنذار لا تعليم طلب ، وقد استدل بهذه الآية على أن السحر كفر ومتعلمه كافر ، وهو واضح في بعض أنواعه التي قدمتها وهو التعبد للشياطين أو للكواكب ، وأما النوع الآخر الذي هو من باب الشعوذة فلا يكفر به من تعلمه أصلا ، قال النووي : عمل السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع ، وقد عده النبي - صلى الله عليه وسلم - من السبع الموبقات ، ومنه ما يكون كفرا ، ومنه ما لا يكون كفرا بل معصية كبيرة ، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر فهو كفر وإلا فلا ، وأما تعلمه وتعليمه فحرام ، فإن كان فيه ما يقتضي الكفر كفر واستتيب منه ولا يقتل ، فإن تاب قبلت توبته ، وإن لم يكن فيه ما يقتضي الكفر عزر . وعن مالك : الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب بل يتحتم قتله كالزنديق . قال عياض : وبقول مالك قال أحمد وجماعة من الصحابة والتابعين ا هـ . وفي المسألة اختلاف كثير وتفاصيل ليس هذا موضع بسطها . وقد أجاز بعض العلماء تعلم السحر لأحد أمرين إما لتمييز ما فيه كفر من غيره وإما لإزالته عمن وقع فيه ، فأما الأول فلا محذور فيه إلا من جهة الاعتقاد فإذا سلم الاعتقاد فمعرفة الشيء بمجرده لا تستلزم منعا ، كمن يعرف كيفية عبادة أهل الأوثان للأوثان لأن كيفية ما يعمله الساحر إنما هي حكاية قول أو فعل ، بخلاف تعاطيه والعمل به . وأما الثاني فإن كان لا يتم كما زعم بعضهم إلا بنوع من أنواع الكفر أو الفسق فلا يحل أصلا وإلا جاز للمعنى المذكور ، وسيأتي مزيد لذلك في " باب هل يستخرج السحر " قريبا والله أعلم . وهذا فصل الخطاب في هذه المسألة . وفي إيراد المصنف هذه الآية إشارة إلى اختيار الحكم بكفر الساحر لقوله فيها : وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر فإن ظاهرها أنهم كفروا بذلك ، ولا يكفر بتعليم الشيء إلا وذلك الشيء كفر ، وكذا قوله في الآية على لسان الملكين : إنما نحن فتنة فلا تكفر فإن فيه إشارة إلى أن تعلم السحر كفر فيكون العمل به كفرا ، وهذا كله واضح على ما قررته من العمل ببعض أنواعه . وقد زعم بعضهم أن السحر لا يصح إلا بذلك ، وعلى هذا فتسمية ما عدا ذلك سحرا مجاز كإطلاق السحر على القول البليغ ، وقصة هاروت وماروت جاءت بسند حسن من حديث ابن عمر في مسند أحمد ، وأطنب الطبري في إيراد طرقها بحيث يقضي بمجموعها على أن للقصة أصلا ، خلافا لمن زعم بطلانها كعياض ومن تبعه ، ومحصلها أن الله ركب الشهوة في ملكين من الملائكة اختبارا لهما وأمرهما أن يحكما في الأرض ، فنزلا على صورة البشر وحكما بالعدل مدة ، ثم افتتنا بامرأة جميلة فعوقبا بسبب ذلك بأن حبسا في بئر ببابل منكسين وابتليا بالنطق بعلم السحر ، فصار يقصدهما من يطلب ذلك فلا ينطقان بحضرة أحد حتى يحذراه وينهياه ، فإذا أصر تكلما بذلك ليتعلم منهما ذلك وهما قد عرفا ذلك فيتعلم منهما ما قص الله عنهما ، والله أعلم .
قوله : ( وقوله - تعالى - : ولا يفلح الساحر حيث أتى ) في الآية نفي الفلاح عن الساحر ، وليست فيه دلالة على كفر الساحر مطلقا ، وإن كثر في القرآن إثبات الفلاح للمؤمن ونفيه عن الكافر ، لكن ليس فيه ما ينفي نفي الفلاح عن الفاسق وكذا العاصي .
قوله ( وقوله أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ) ؟ هذا يخاطب به كفار قريش يستبعدون كون محمد - صلى الله عليه وسلم - رسولا من الله لكونه بشرا من البشر ، فقال قائلهم منكرا على من اتبعه : أفتأتون السحر ، أي أفتتبعونه حتى تصيروا كمن اتبع السحر وهو يعلم أنه سحر .
قوله : ( وقوله : يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ) هذه الآية عمدة من زعم أن السحر إنما هو تخييل ، [ ص: 236 ] ولا حجة له بها لأن هذه وردت في قصة سحرة فرعون ، وكان سحرهم كذلك ، ولا يلزم منه أن جميع أنواع السحر تخييل ، قال أبو بكر الرازي في " الأحكام " : أخبر الله - - تعالى - أن الذي ظنه موسى من أنها تسعى لم يكن سعيا وإنما كان تخييلا ، وذلك أن عصيهم كانت مجوفة قد ملئت زئبقا ، وكذلك الحبال كانت من أدم محشوة زئبقا ، وقد حفروا قبل ذلك أسرابا وجعلوا لها آزاجا وملأوها نارا فلما طرحت على ذلك الموضع وحمي الزئبق حركها لأن من شأن الزئبق إذا أصابته النار أن يطير ، فلما أثقلته كثافة الحبال والعصي صارت تتحرك بحركته فظن من رآها أنها تسعى ، ولم تكن تسعى حقيقة .
قوله : ( ومن شر النفاثات في العقد ، والنفاثات السواحر ) هو تفسير nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أخرجه الطبري بسند صحيح ، وذكره أبو عبيدة أيضا في " المجاز " قال : النفاثات السواحر ينفثن . وأخرج الطبري أيضا عن جماعة من الصحابة وغيرهم أنه النفث في الرقية ، وقد تقدم البحث في ذلك في " باب الرقية " . وقد وقع في حديث ابن عباس فيما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " الدلائل " بسند ضعيف في آخر قصة السحر الذي سحر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم وجدوا وترا فيه إحدى عشرة عقدة وأنزلت سورة الفلق والناس وجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، وأخرجه ابن سعد بسند آخر منقطع عن ابن عباس " nindex.php?page=hadith&LINKID=842363أن عليا وعمارا لما بعثهما النبي - صلى الله عليه وسلم - لاستخراج السحر وجدا طلعة فيها إحدى عشرة عقدة " فذكر نحوه .
قوله : ( تسحرون تعمون ) بضم أوله وفتح المهملة وتشديد الميم المفتوحة ، وضبط أيضا بسكون العين قال : أبو عبيدة في كتاب " المجاز " في قوله - تعالى - : سيقولون لله قل فأنى تسحرون أي كيف تعمون عن هذا وتصدون عنه ؟ قال : ونراه من قوله سحرت أعيننا عنه فلم نبصره ، وأخرج >[1] في قوله : فأنى تسحرون أي تخدعون أو تصرفون عن التوحيد والطاعة . قلت : وفي هذه الآية إشارة إلى الصنف الأول من السحر الذي قدمته ، وقال ابن عطية : السحر هنا مستعار لما وقع منهم من التخليط ووضع الشيء في غير موضعه كما يقع من المسحور ، والله أعلم .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12396إبراهيم بن موسى ) هو الرازي ، وفي رواية أبي ذر " حدثني " بالإفراد ، nindex.php?page=showalam&ids=17245وهشام هو ابن عروة بن الزبير .
قوله : ( عن أبيه ) وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان عن هشام " حدثني أبي " وقد تقدمت في الجزية ، وسيأتي في رواية ابن عيينة عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج " حدثني آل عروة " ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي عن سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج " حدثني بعض آل عروة عن عروة " وظاهره أن غير هشام أيضا حدث به عن عروة ، وقد رواه غير عروة عن عائشة كما سأبينه . وجاء أيضا من حديث ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم وغيرهما .
قوله ( حتى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله ) قال المازري : أنكر المبتدعة هذا الحديث وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها ، قالوا وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل ، وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة بما شرعه من الشرائع إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس هو ثم ، وأنه يوحي إليه بشيء ولم يوح إليه بشيء ، قال المازري : وهذا كله مردود ، لأن الدليل قد قام على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يبلغه عن الله - تعالى - وعلى عصمته في التبليغ ، والمعجزات شاهدات بتصديقه ، فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل . وأما ما يتعلق ببعض الأمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض ، فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين ، قال : وقد قال بعض الناس إن المراد بالحديث أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطأهن ، وهذا كثيرا ما يقع تخيله للإنسان في المنام فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة . قلت : وهذا قد ورد صريحا في رواية ابن عيينة في الباب الذي يلي هذا ولفظه " nindex.php?page=hadith&LINKID=842367حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي " أنه يأتي أهله ولا يأتيهم " قال الداودي " يرى " بضم أوله أي يظن ، وقال ابن التين ضبطت " يرى " بفتح أوله . قلت : وهو من الرأي لا من الرؤية ، فيرجع إلى معنى الظن . وفي مرسل nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر عند عبد الرزاق " nindex.php?page=hadith&LINKID=842368سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عائشة حتى أنكر بصره " وعنده في مرسل nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب " حتى كاد ينكر بصره " قال عياض : فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده . قلت : ووقع في مرسل عبد الرحمن بن كعب عند ابن سعد " nindex.php?page=hadith&LINKID=842369فقالت أخت لبيد بن الأعصم : إن يكن نبيا فسيخبر ، وإلا فسيذهله هذا السحر حتى يذهب عقله " قلت : فوقع الشق الأول كما في هذا الحديث الصحيح . وقد قال بعض العلماء . لا يلزم من أنه كان يظن أنه فعل الشيء ولم يكن فعله أن يجزم بفعله ذلك . وإنما يكون من جنس الخاطر يخطر ولا يثبت ، فلا يبقى على هذا للملحد حجة . وقال عياض : يحتمل أن يكون المراد بالتخييل المذكور أنه يظهر له من نشاطه [ ص: 238 ] ما ألفه من سابق عادته من الاقتدار على الوطء ، فإذا دنا من المرأة فتر عن ذلك كما هو شأن المعقود ، ويكون قوله في الرواية الأخرى " حتى كاد ينكر بصره " أي صار كالذي أنكر بصره بحيث إنه إذا رأى الشيء يخيل أنه على غير صفته ، فإذا تأمله عرف حقيقته . ويؤيد جميع ما تقدم أنه لم ينقل عنه في خبر من الأخبار أنه قال قولا فكان بخلاف ما أخبر به . وقال المهلب : صون النبي - صلى الله عليه وسلم - من الشياطين لا يمنع إرادتهم كيده ، فقد مضى في الصحيح أن شيطانا أراد أن يفسد عليه صلاته فأمكنه الله منه ، فكذلك السحر ما ناله من ضرره ما يدخل نقصا على ما يتعلق بالتبليغ ، بل هو من جنس ما كان يناله من ضرر سائر الأمراض من ضعف عن الكلام ، أو عجز عن بعض الفعل ، أو حدوث تخيل لا يستمر ، بل يزول ويبطل الله كيد الشياطين . واستدل ابن القصار على أن الذي أصابه كان من جنس المرض بقوله في آخر الحديث nindex.php?page=hadith&LINKID=842370فأما أنا فقد شفاني الله وفي الاستدلال بذلك نظر ، لكن يؤيد المدعى أن في رواية عمرة عن عائشة عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الدلائل " nindex.php?page=hadith&LINKID=842371فكان يدور ولا يدري ما وجعه " وفي حديث ابن عباس عند ابن سعد " nindex.php?page=hadith&LINKID=842372مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخذ عن النساء والطعام والشراب ، فهبط عليه ملكان " الحديث .
قوله : ( حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة ) شك من الراوي ، وأظنه من nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لأنه أخرجه في صفة إبليس من بدء الخلق فقال " حتى كان ذات يوم " ولم يشك ، ثم ظهر لي أن الشك فيه من عيسى بن يونس ، وأن إسحاق بن راهويه أخرجه في مسنده عنه على الشك ، ومن طريقه أخرجه أبو نعيم ، فيحمل الجزم الماضي على أن إبراهيم بن موسى شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حدثه به تارة بالجزم وتارة بالشك ، ويؤيده ما سأذكره من الاختلاف عنه ، وهذا من نوادر ما وقع في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن يخرج الحديث تاما بإسناد واحد بلفظين .
ووقع في رواية أبي أسامة الآتية قريبا " ذات يوم " بغير شك " وذات " بالنصب ويجوز الرفع ، ثم قيل إنها مقحمة ، وقيل بل هي من إضافة الشيء لنفسه على رأي من يجيزه .
قوله : ( وهو عندي لكنه دعا ودعا ) كذا وقع ، وفي الرواية الماضية في بدء الخلق " حتى كان ذات يوم دعا ودعا " وكذا علقه المصنف nindex.php?page=showalam&ids=16753لعيسى بن يونس في الدعوات ، ومثله في رواية الليث ، قال الكرماني : يحتمل أن يكون هذا الاستدراك من قولها " عندي " أي لم يكن مشتغلا بي بل اشتغل بالدعاء ، ويحتمل أن يكون من التخيل ، أي كان السحر أضره في بدنه لا في عقله وفهمه بحيث إنه توجه إلى الله ودعا على الوضع الصحيح والقانون المستقيم . ووقع في رواية ابن نمير عند مسلم " فدعا ، ثم دعا ، ثم دعا " وهذا هو المعهود منه أنه كان يكرر الدعاء ثلاثا . وفي رواية وهيب عند أحمد وابن سعد " فرأيته يدعو " . قال النووي : فيه استحباب الدعاء عند حصول الأمور المكروهات وتكريره الالتجاء إلى الله - تعالى - في دفع ذلك . قلت : سلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه القصة مسلكي التفويض وتعاطي الأسباب ، ففي أول الأمر فوض وسلم لأمر ربه فاحتسب الأجر في صبره على بلائه ، ثم لما تمادى ذلك وخشي من تماديه أن يضعفه عن فنون عبادته جنح إلى التداوي ثم إلى الدعاء ، وكل من المقامين غاية في الكمال .
قوله : ( أشعرت ) أي علمت ؟ وهي رواية ابن عيينة كما في الباب الذي بعده .
قوله ( أتاني رجلان ) وقع في رواية أبي أسامة " قلت : وما ذاك ؟ قال : أتاني رجلان " ووقع في رواية معمر عند أحمد ومرجأ بن رجاء عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني كلاهما عن هشام " أتاني ملكان " وسماهما ابن سعد في رواية منقطعة جبريل وميكائيل ، وكنت ذكرت في المقدمة ذلك احتمالا .
قوله : ( ما وجع الرجل ) ؟ كذا للأكثر ، وفي رواية ابن عيينة ما بال الرجل ؟ وفي حديث ابن عباس عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ما ترى وفيه إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام ، إذ لو جاءا إليه في اليقظة لخاطباه وسألاه . ويحتمل أن يكون كان بصفة النائم وهو يقظان ، فتخاطبا وهو يسمع . وأطلق في رواية عمرة عن عائشة أنه كان نائما ، وكذا في رواية ابن عيينة عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي " فانتبه من نومه ذات يوم " وهو محمول على ما ذكرت ، وعلى تقدير حملها على الحقيقة فرؤيا الأنبياء وحي . ووقع في حديث ابن عباس عند سعد بسند ضعيف جدا " nindex.php?page=hadith&LINKID=842377فهبط عليه ملكان وهو بين النائم واليقظان " .
قوله : ( فقال : مطبوب ) أي مسحور ، يقال طب الرجل بالضم إذا سحر ، يقال كنوا عن السحر بالطب تفاؤلا كما قالوا للديغ سليم . وقال ابن الأنباري : الطب من الأضداد ، يقال لعلاج الداء طب ، والسحر من الداء ويقال له طب ، وأخرج أبو عبيد من مرسل عبد الرحمن بن أبي ليلى قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=842378احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - على رأسه بقرن حين طب " قال أبو عبيد يعني سحر . قال ابن القيم : بنى النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمر أولا على أنه مرض ، وأنه عن مادة مالت إلى الدماغ وغلبت على البطن المقدم منه فغيرت مزاجه ، فرأى استعمال الحجامة لذلك مناسبا ، فلما أوحي إليه أنه سحر عدل إلى العلاج المناسب له وهو استخراجه ، قال : ويحتمل أن مادة السحر انتهت إلى إحدى قوى الرأس حتى صار يخيل إليه ما ذكر ، فإن السحر قد يكون من تأثير الأرواح الخبيثة ، وقد يكون من انفعال الطبيعة وهو أشد السحر ، واستعمال الحجم لهذا الثاني نافع لأنه إذا هيج الأخلاط وظهر أثره في عضو كان استفراغ المادة الخبيثة نافعا في ذلك . وقال القرطبي : إنما قيل للسحر طب لأن أصل الطب الحذق بالشيء والتفطن له ، فلما كان كل من علاج المرض والسحر إنما يتأتى عن فطنة وحذق أطلق على كل منهما هذا الاسم .
قوله : ( ومشاطة ) سيأتي بيان الاختلاف هل هي بالطاء أو القاف في آخر الكلام على هذا الحديث حيث بينه المصنف .
قوله : ( وجف طلع نخلة ذكر ) قال عياض : وقع للجرجاني - يعني في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - والعذري - يعني في مسلم - بالفاء . ولغيرهما بالموحدة . قلت : أما رواية عيسى بن يونس هنا فوقع للكشميهني بالفاء ولغيره بالموحدة ، وأما روايته في بدء الخلق فالجميع بالفاء ، وكذا في رواية ابن عيينة للجميع ، وللمستملي في رواية أبي أسامة بالموحدة nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني بالفاء ، وللجميع في رواية أبي ضمرة في الدعوات بالفاء قال القرطبي : روايتنا - يعني في مسلم - بالفاء ، وقال النووي : في أكثر نسخ بلادنا بالباء يعني في مسلم ، وفي بعضها بالفاء ، وهما بمعنى واحد وهو الغشاء الذي يكون على الطلع ويطلق على الذكر والأنثى ، فلهذا قيده بالذكر في قوله " طلعة ذكر " وهو بالإضافة انتهى . ووقع في روايتنا هنا بالتنوين فيهما على أن لفظ " ذكر " صفة لجف ، وذكر القرطبي أن الذي بالفاء هو وعاء الطلع وهو للغشاء الذي يكون عليه ، وبالموحدة داخل الطلعة إذا خرج منها الكفري قاله شمر ، قال : ويقال أيضا لداخل الركية من أسفلها إلى أعلاها جف ، وقيل هو من القطع يعني ما قطع من قشورها . وقال أبو عمرو الشيباني : الجف بالفاء شيء ينقر من جذوع النخل .
قوله : ( قال وأين هو ؟ قال : هو في بئر ذروان ) زاد ابن عيينة وغيره " تحت راعوفة " وسيأتي شرحها بعد باب ، وذروان بفتح المعجمة وسكون الراء ، وحكى ابن التين فتحها وأنه قرأه كذلك قال : ولكنه بالسكون أشبه ، وفي رواية ابن نمير عند مسلم " في بئر ذي أروان " ويأتي في رواية أبي ضمرة في الدعوات مثله ، وفي نسخة الصغاني لكن بغير لفظ بئر ، ولغيره " في ذروان " وذروان بئر في بني زريق ، فعلى هذا فقوله : " بئر ذروان " من إضافة الشيء لنفسه ، ويجمع بينهما وبين رواية ابن نمير بأن الأصل " بئر ذي أروان " ثم لكثرة الاستعمال سهلت الهمزة فصارت " ذروان " ويؤيده أن أبا عبيد البكري صوب أن اسم البئر " أروان " بالهمز وأن من قال " ذروان " أخطأ . وقد ظهر أنه ليس بخطأ على ما وجهته . ووقع في رواية أحمد عن وهيب وكذا في روايته عن ابن نمير " بئر أروان " كما قال البكري ، فكأن رواية الأصيلي كانت مثلها فسقطت منها الراء ، ووقع عند الأصيلي فيما حكاه عياض " في بئر ذي أوان " بغير راء قال عياض : هو وهم ، فإن هذا موضع آخر على ساعة من المدينة ، وهو الذي بني فيه مسجد الضرار .
قوله : ( كأن ماءها ) في رواية ابن نمير " والله لكأن ماءها " أي البئر ( نقاعة الحناء ) بضم النون وتخفيف القاف ، والحناء معروف وهو بالمد أي أن لون ماء البئر لون الماء الذي ينقع فيه الحناء . قال ابن التين : يعني أحمر . وقال الداودي . المراد الماء الذي يكون من غسالة الإناء الذي تعجن فيه الحناء . قلت : ووقع في حديث nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم عند ابن سعد وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم " فوجد الماء وقد اخضر " وهذا يقوي قول الداودي . قال القرطبي : كأن ماء البئر قد تغير إما لرداءته بطول إقامته ، وإما لما خالطه من الأشياء التي ألقيت في البئر . قلت : ويرد الأول أن عند ابن سعد في مرسل عبد الرحمن بن كعب أن nindex.php?page=showalam&ids=14059الحارث بن قيس هور البئر المذكورة وكان يستعذب منها وحفر بئرا أخرى فأعانه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حفرها .
قوله : ( وكأن رءوس نخلها رءوس الشياطين ) كذا هنا ، وفي الرواية التي في بدء الخلق نخلها كأنه رءوس الشياطين وفي رواية ابن عيينة وأكثر الرواة عن هشام كأن نخلها بغير ذكر رءوس أولا ، والتشبيه إنما وقع على رءوس النخل فلذلك أفصح به في رواية الباب وهو مقدر في غيرها . ووقع في رواية عمرة عن عائشة فإذا نخلها الذي يشرب من مائها قد التوى سعفه كأنه رءوس الشياطين وقد وقع تشبيه طلع شجرة الزقوم في القرآن برءوس الشياطين ، قال الفراء وغيره : يحتمل أن يكون شبه طلعها في قبحه برءوس الشياطين : لأنها موصوفة بالقبح ، وقد تقرر في اللسان أن من قال . فلان شيطان أراد أنه خبيث أو قبيح ، وإذا قبحوا مذكرا قالوا شيطان ، أو مؤنثا قالوا غول ، ويحتمل أن يكون المراد بالشياطين الحيات ، والعرب تسمي بعض الحيات شيطانا وهو ثعبان قبيح الوجه ، ويحتمل أن يكون المراد نباتا قبيحا قيل إنه يوجد باليمن .
قوله : ( قلت يا رسول الله أفلا استخرجته ) في رواية أبي أسامة فقال لا ووقع في رواية ابن عيينة أنه استخرجه ، وأن سؤال عائشة إنما وقع عن النشرة فأجابها بلا ، وسيأتي بسط القول فيه بعد باب .
قوله : ( فأمر بها ) أي بالبئر ( فدفنت ) وهكذا وقع في رواية ابن نمير وغيره عن هشام ، وأورده مسلم من طريق أبي أسامة عن هشام عقب رواية ابن نمير وقال " لم يقل أبو أسامة في روايته فأمر بها فدفنت " . قلت : وكأن شيخه لم يذكرها حين حدثه ، وإلا فقد أوردها nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة ، كما في الباب بعده ، وقال في آخره " فأمر بها فدفنت " وقد تقدم أن في مرسل عبد الرحمن بن كعب " أن nindex.php?page=showalam&ids=14059الحارث بن قيس هورها " .
قوله : ( تابعه nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة ) هو حماد بن أسامة ، وتأتي روايته موصولة بعد بابين .
قوله : ( nindex.php?page=showalam&ids=12049وأبو ضمرة ) هو أنس بن عياض ، وستأتي روايته موصولة في كتاب الدعوات .
قوله : ( nindex.php?page=showalam&ids=12458وابن أبي الزناد ) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان ، ولم أعرف من وصلها بعد .
قوله : ( وقال الليث وابن عيينة عن هشام في مشط ومشاطة ) كذا لأبي ذر ، ولغيره " ومشاقة " وهو الصواب وإلا لاتحدت الروايات ، ورواية الليث تقدم ذكرها في بدء الخلق ، ورواية ابن عيينة تأتي موصولة بعد باب . وذكر المزي في " الأطراف " تبعا لخلف أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أخرجه في الطب عن nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي وعن عبد الله بن محمد عن ابن عيينة ، وطريق nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي ما هي في الطب في شيء من النسخ التي وقفت عليها ، وقد أخرجه أبو نعيم في " المستخرج " من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي وقال بعده " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن عبيد الله بن محمد " لم يزد على ذلك ، وكذا لم يذكر أبو مسعود في أطرافه nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي ، والله أعلم .
قوله : ( ويقال المشاطة ما يخرج من الشعر إذا مشط ) هذا لا اختلاف فيه بين أهل اللغة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة . المشاطة ما يخرج من الشعر الذي سقط من الرأس إذا سرح بالمشط ، وكذا من اللحية .
قوله : ( والمشاطة من مشاطة الكتان ) كذا لأبي ذر كأن المراد أن اللفظ مشترك بين الشعر إذا مشط وبين الكتان إذا سرح ، ووقع في رواية غير أبي ذر " والمشاقة " وهو أشبه ، وقيل المشاقة هي المشاطة بعينها ، والقاف تبدل من الطاء لقرب المخرج ، والله أعلم .