قوله : ( من المشرق ) أي من جهة المشرق ، وكانت سكنى بني تميم من جهة العراق وهي في شرقي المدينة .
قوله : ( فخطبا ، فعجب الناس لبيانهما ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : البيان اثنان : أحدهما : ما تقع به الإبانة عن المراد بأي وجه كان ، والآخر : ما دخلته الصنعة بحيث يروق للسامعين ويستميل قلوبهم ، وهو الذي يشبه بالسحر إذا خلب القلب وغلب على النفس حتى يحول الشيء عن حقيقته ويصرفه عن جهته ، فيلوح للناظر في معرض غيره . وهذا إذا صرف إلى الحق يمدح ، وإذا صرف إلى الباطل يذم . قال : فعلى هذا فالذي يشبه بالسحر منه هو المذموم . وتعقب بأنه لا مانع من تسمية الآخر سحرا ، لأن السحر يطلق على الاستمالة كما تقدم تقريره في أول باب السحر ، وقد حمل بعضهم الحديث على المدح والحث على تحسين الكلام وتحبير الألفاظ ، وهذا واضح إن صح أن الحديث ورد في قصة عمرو بن الأهتم ، وحمله بعضهم على الذم لمن تصنع في الكلام وتكلف لتحسينه وصرف الشيء عن ظاهره ، فشبه بالسحر الذي هو تخييل لغير حقيقة ، وإلى هذا أشار مالك حيث أدخل الحديث في " الموطأ " في " باب ما يكره من الكلام بغير ذكر الله " وتقدم في " باب الخطبة " من كتاب النكاح في الكلام على حديث الباب من قول صعصعة بن صوحان في تفسير هذا الحديث ما يؤيد ذلك ، وهو أن المراد به الرجل يكون عليه الحق ، وهو ألحن بالحجة من صاحب الحق فيسحر الناس ببيانه فيذهب بالحق ، وحمل الحديث على هذا صحيح ، لكن لا يمنع حمله على المعنى الآخر إذا كان في تزيين الحق ، وبهذا جزم nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي وغيره من فضلاء المالكية . وقال ابن بطال : أحسن ما يقال في هذا أن هذا الحديث ليس ذما للبيان كله ولا مدحا لقوله من البيان ، فأتى بلفظة من التي للتبعيض قال : وكيف يذم البيان وقد امتن الله به على عباده حيث قال : خلق الإنسان علمه البيان انتهى . والذي يظهر أن المراد بالبيان في الآية المعنى الأول الذي نبه عليه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، لا خصوص ما نحن فيه . وقد اتفق العلماء على مدح الإيجاز ، والإتيان بالمعاني الكثيرة بالألفاظ اليسيرة ، وعلى مدح الإطناب في مقام الخطابة بحسب المقام ، وهذا كله من البيان بالمعنى الثاني . نعم الإفراط في كل شيء مذموم ، وخير الأمور أوسطها . والله أعلم